آخر تحديث :الجمعة-18 أكتوبر 2024-11:00ص

في انتظار جودوا

الإثنين - 15 يوليه 2024 - الساعة 05:49 م
احمد الجعشاني

بقلم: احمد الجعشاني
- ارشيف الكاتب


كم هي الحياة قاسية في هذا الزمن الصعيب ، ولولا طوال الأمل على أن يغير الله الحال إلى حال أفضل ، ويكون غدا أفضل لكانت الحياة أصعب وأمر ، ورغم قساوة الحياة التي نعيشها ، الا أن العيش على كذبة الأمل ، هي سعادة بذاتها ان يكون لديك أمل ، قد يأتي ويغير الواقع في هذه الحياة القاسية ، أن المعاناة الأليمة التي يعيشها المواطن ، في هذا البلد المكلوم على أمره ، من حيث اشتداد الفقر والعوز والمرض ، والانفلات الأمني المهول في غياهب الجهل والطمع ، وغياب العدالة بين أوساط المجتمع ، جعل الناس يكتفون رغم الحاجة ، و ينظرون الى أنه دائما هناك بصيص من الأمل ، وربما قد يأتي يوما ويتغير الحال ، مثل حلم ربما لم يتحقق ولكنه موجود و يعيش فينا ، مثل لحظة فارقة في هذه الحياة البائسة التي نعيشها، دائما ما يحذون الامل الى مستقبل افضل ، وتلك حقيقة مأساتنا التي نشاهدها كل يوم ، تذكرني بملهات الكاتب الكبير صوميل بيكيت العبثية، في (انتظار جودوا ) مسرحيه ساخرة من الادب العبثي ، مسرح الا معقول وهو يضع السؤال الذي يلح ، على لسان أبطال المسرحية هل أتى جودوا وجودوا لم يأتي ، والسؤال للمشاهد من هوا جودوا ، لا أحد يعرف ولكنه يمكن أن يكون مجرد أمل او أي شيء أو مخلص ينتظره الناس ، أن يخلصهم مما هم فيه من مأساة ، حتى وأن كان هذا الامل مجرد كذبه ، تظل هكذا حياتنا التي نمارسها ونحن ننتظر ذلك الامل الكاذب و المفقود، اي أننا ننتظر الوهم نمني انفسنا ان تتغير حياتنا في يوم وليله ، ونحن نقلب دفتر الماضي الذي افنينا فيه حياتنا، ومستقبلنا الذي ننتظره في لهفة ، وانصياع لذلك الامل الكذبة و المختبئ في وجداننا ذلك الامل الوهم ، الذي لن يأتي ونحن ننتظر لتلك الأمنية أن تتحقق، والحقيقة أن المستقبل لا يبني بالأمنيات ولا في انتظار المخلص ، ولكن الحياة تبنى بالإرادة والعمل، انما الانتظار لجودا ذلك الامل الوهم انما هي النهاية لامحالة حتى نهلك .
مثل الحياة على ظهر قطار يمضي بنا وبحياتنا ، والزمن يمضى أيضا مثل طول الامل والاعتقاد ، يسير القطار وعجلة الأيام تدور وتستمر في الدوران ، عربة القطار تمضي قدما على سكة حديد رسم على خط في الأرض و قد وضعت له طريق حتى لا نستطيع تجاوزه او الانحراف عنه ، انه الهلاك لا محاله للمجتمع الذي تراخى ورضي بالعجز والجلوس على القطار حتى المحطة الأخيرة او النهاية ، نفسه الانتظار البائس لأمل مفقود وهم ، مثل اعتقاد الانسان أنه سيبقى ويعيش ، وأن الموت بعيد منه ، وهو أمل كاذب لان الإنسان يموت ، والحياة تلفظ أنفاسها كل لحظه وكل يوم وكل شهر وكل سنه ، ولكن الإنسان يعتقد انه سيعيش الى الغد ، وتلك جرعة أمل كاذبة ولكننا دائما ما نصدقها ، وهي أكبر كذبة أمل يعيشها أغلبنا .
لا محالة اننا امام حكومة فقدت دفة المركب وبوصلة النجاة للوطن ، في هذه الحياة البائسة في انقاذ البلد ، الذي خرج من حرب طاحنه ، وتعطلت فيه موازين العمل لتسير حياة الناس ، من تلك المعاناة و القسوة التي يعيشه المواطن كل يوم ، حين يفقد المواطن معاشه الشهري الذي يقتات منه هو وأولاده ، و ويضرب الجوع اطناب كبده الجائع وهو يبتلع ريقه من الحسرة والندم أمام انهيار الريال اليمني ، من قيمته السعرية مقابل العملات الأخرى راتب لم يعد يساوي شيء ، وهو يرى عجز الحكومة عن مساعدته او انتشال البلد من هذا الضياع المخزي ، حين تتوقف كل مناحي الحياة ، من معاشات لم تعد تأتي بلقمة العيش ، وكهرباء لم تعمل الا ساعات قليله وشوارع ممتلئة من مياه المجاري ، ومستشفيات خاليه من الأدوية ، وامن مفقود الهوية الا من تحرشات البلاطجة في الأسواق واطلاق الرصاص بسبب او دون سبب ، يبقى المواطن هو الضحية وهو من يدفع الثمن المواطن المغلوب على امره ، امام هذا العجز الحكومي ، والفشل الذريع امام احتياجات الناس ومتطلباتهم البسيطة ، امام غلاء فاحش لبطون خاويه بينما تصرف الملاين لمشاريع وهميه او مشاريع لا يحتاجه المواطن اليوم ، وهكذا نجلس في انتظار جودو او ذلك الامل الوهم او الأمل الكاذب .