آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


" يَنْعَنْ أفْكارَك/مْ" ... " يَنْعَلْ أبو شكلك/مْ " درْسٌ في فقهِ الٌّلغةِ يَا حَبَائبُ!

الأربعاء - 26 يونيو 2024 - الساعة 01:18 م

د. مجيب الرحمن الوصابي
بقلم: د. مجيب الرحمن الوصابي
- ارشيف الكاتب




" يَنْعَلْ أبوك/م" ... " يَنْعَن أبو شكلك/م " مِنَ المحكيّاتِ المُتداولةِ هذه الأيامِ، والمسموعةُ بكَثرةٍ للتعبيرِ عن حالةِ الناسِ المأساويّة في اليمن سُخطُهم وتبرّمُهم من الأوضاعِ المعيشيّة وعبثِ المتسلّطين وفسادِهم، قبلَ أن يكونَ لفظًا مسموعًا في المشاحنات الخاصة والمستهجنة.

ولفظةُ (ينْعَلْ)أو (يَنعَنْ) ليس من المؤكّد أنّها تعني(يَلْعنُ)، كما يُصرّح بعضُ الفقهاءِ ويرون أنّه من بابِ الإبدال، أو القلب الُّلغوي المشهور في الّلهجات العربية من اليمن حتى بلاد المغرب العربي، فيقولون "أَحْسَل لك" في اليمن وتعني (أحسنُ لك) وهذا الإبدال من الظواهر اللغوية التي لا يسعُنا المقام لشرحها، إنّما يؤكّد الفقهاء أنّ لفظة: ينعل = يلعن = ينعن

(أحسل لك... " عَشْعِشْ تعيش") يا أيُّها الطبلُ المُطبّل من قريبٍ وبعيد!... بالصغير وبالكبير.

قَدْ نَذْهبُ مَعَ الفُقهاءِ في تفسيرِ (اللعن) بمعنى الطردِ من رحمة الله للعوامّ، لكنّهم سيحتاجون إلى شرح معنى (رحمة الله)، وندخلَ في متواليةٍ من الشُّروحات لن تتحمّلها مدارك الإنسان البسيطِ المجروحِ في كرامِته، وهو يدركُ معنى (ينعل، وينعن) دون شروحاتٍ فقهيّة تئدُ المعاني وتلوي أعناقَها، وفي رأيي أنّ اللفظ صار من الاستعاراتِ المفهوميّة التي توحي وتدلُّ ولا تحتاج شرحا.

سَوَاء تمَّ إقلاب للحرفِ أم احتالتِ الناس (أبيتمُ اللعنَ) على الشرعِ بتبديلِ اللفظ فهل يَفهم من يتلفّظ بهذه الألفاظ معانيها؟ ... أشكُّ في ذلك ... الناسُ إذا سألتهم ما معنى النّعل أو الّلعن؟ ... فلن يجيبوك ربّما سخروا منك ربّما لعنوك أو نعنوك (والقوم)! ... لأنّهم يفهمونها ولا يشرحونها، وهي في ثقافتهم.

والتأويلُ قد يُفسدُ المعنى بل يُوهِنه إن لم يقتله ... فقط انظروا لعيونهم وهم ينظرون لمن يقتاتون ببؤسهم ويرفعون الشعارات المشروخة، وهم السبب في اشتعال اللعنات وصبّها فوق رؤوسهم. (ألا لعنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴿١٨ هود﴾ ...

(ليتَ لنا مِنْ وجوهِ القومِ أحذيةً ننتعلُها والمسحوقين).

مَاذَا لو يتلفظ ُالمرءُ بكلامٍ ولا يقصدُ معناه القاموسي، إنّما معناه التداولي (محلّي الصنع)، على أنّها حاضرة في القرآن ومتكررة " ولعنة الله على الكاذبين" فاللعن يجوز لمن يستحقّه، لكن كيف ننقّي الفاسدين في اليمن ونعرف من يجوز عليه الّلعن ومن لا يجوز، هل المعنى في الجاهلية والإسلام وفي الحجاز هو نفسه المعنى في اليمن اليوم أو بالأمس ، ويبدو أن معاني الألفاظ غيرُ ثابتةٍ ولا هي مستقرةٌ ، فلفظةُ ( شكلك ) في (أبو شكل/م ) لا تعني الهيئة الخارجية للمنعول/ الملعون، بل تعني الحال، ولفظة (أبو) تتعدد معانيها في اللهجات اليمنية ولا يقصد بها الأب ، وإنما صاحب الشيء ... " كمّل أبو الليم"

لِيْ رأيٌ تداولي في المسألة طالما وأنّ اللفظَ من (ن. ع. ل) والمعنى الذي يصرُّ عليه الفقهاءُ غائب عن الأذهان يحتاجُ إلى قاموس وترجمان، فـــ (النعل) يعطي معنىً مادّيًّا أكثر طرافة وبيانًا ويحمل معاني الذُّلّ والإهانة والاحتقار لمن تصيبه (نعلات الناس) أحذيتهم والدماء في غزة أو في عدن او تعز ورداع، وعَشْعِشْ تعيش صديقي المُتعلّم البليد صار (نَعْلاً) بل نَعْلًا كَهْلًا مُهتَرِئًا.

قَوْمٌ إذا صَفَع النِّعالُ وجوهَهم .... يشكو النّعالُ بـأيِّ ذنـبٍ يُصفـعُ

مجيب الرحمن الوصابي