آخر تحديث :الجمعة-18 أكتوبر 2024-11:00ص

ورقة استخدام المدنيين

الإثنين - 03 يونيو 2024 - الساعة 12:43 م
محمد ناصر العاقل

بقلم: محمد ناصر العاقل
- ارشيف الكاتب




ما تعرض له الشعب الغزي من القتل والتدمير المروع والفظيع على يد آلة الحرب الأمريكية والصهيونية وقادتها المجرمين ، استغل استغلالا رخيصا وذلك بالقول بأن المقاومة هي التي تتحمل ما جرى لشعب غزة المظلوم واشترك في ترديد هذه المقولة وتبنيها عرب ومسلمون وإسلاميون يدعون حرصهم وشفقتهم على شعب غزة مما تعرض له بسبب مغامرة المقاومة الإسلامية غير المحسوبة حسب زعمهم وقد رأيت  مناقشة هذا الموضوع في عدة نقاط نحاول فيها إزالة ما ألبسه خصوم المقاومة بها لحاجة في نفوسهم لا شفقة على شعب غزة الصابر الأبي الذي يتألم بالفعل لمأساته كل غيور على دينه وإخوانه في الإسلام ، وجمعتها في النقاط الآتية
- إن مأساة الشعب الفلسطيني تمتد لأكثر من سبعة عقود وإسرائيل كانت ولا زالت تمارس أعمالها العدائية ضد الشعب الفلسطيني وتنتهك حرماته ومقدساته وتستبيح دماء أبنائه وتمتنع عن أداء حق واحد من حقوقه
- أن المقاومة الفلسطينية في غزة قد اتخذت قرارها وعزمت في الرد على جرائم الاحتلال والله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم ( فإذا عزمت فتوكل على الله ) إشارة لما حصل يوم بدر , فما ينبغي لمؤمن أن يتخذ من ذلك غرضا كما اتخذه أعداؤه ويشاركهم في تحميل إخوانه ما حصل وهو قاعد عن نصرتهم
- أن ما حصل قد قُدِّر ومن العجز أن نقف عند حد اللوم والمعاتبة فإن هذه ساعة يتوجب فيها الإنتصار لإخوانك مهما حصل منهم من أخطاء وقد رأينا كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتخلَ عن خالد ابن الوليد ولاغيره مما أخطأوا ويكتفي بتحميلهم المسؤولية مع أنه نص بتوجيه اللوم والعتاب لهم لكنه لم يخذلهم
- أن المقاومة في فلسطين كانت على وعي كاف بمعرفة وسائل أعدائها وكيف يصلون إلى أهدافهم وكانت تعرف أن عدوها لا أخلاق له ويمكن أن يستخدم المدنيين كورقة ضغط ولذلك صبرت وصابرت على هذا الثغر حتى يئس العدو , وصارت معظم دول وشعوب العالم يحمل إسرائيل ما حدث , ولو لم تصبر المقاومة لتحملت الهزيمة مضاعفة وما حصل لشعبها وخرجت من الصراع إلى غير رجعة وهو ما أراده العدو
- أن ورقة استخدام المدنيين قد حرص العدو على استغلالها من بداية المعركة ووظفها ضد المقاومة ليؤلب عليها الشعب ويؤجج حقده عليها ويحملها مسؤولية ما حصل له وهذا مكر ينبغي ألا يمر في وعي المسلم بسهولة فإسرائيل هي التي تحقد على غزة وشعبها ومقاومتها وهي التي قتلت ودمرت وأبادت وفعلت كل إجرامها دون أي وازع أخلاقي بينما كانت المقاومة هي الحريصة على شعبها وغير متهمة في حبها له والدفاع عنه وكيف لا تكون كذلك وهي جزء منه يفرحها ما يفرحه ويحزنها ما أحزنه وتشاطره الهموم والأحزان والتطلعات والآمال
- ثم إن ورقة المدنيين قد ظلت هدفا استراتيجيا في تحقيق النصر في المعركة فإسرائيل راهنت عليها ولم يكن أمام المقاومة بدا من الصبر عليها رغم شدة الألم لإن التفريط فيها هزيمة ساحقة وتفريط في حق الشهداء وحق القضية الفلسطينية وإضاعة لأمل الأمة 
- وأخيرا فإن استخدام ورقة الضغط بالمدنيين وتعميق المعاناة الإنسانية قد فشل ونجحت المقاومة في إضاعته على المحتل وحلفائها - رغم أنه قد يكون اصعب على المقاومة من كل شيء في الميدان - ولم يبق منه إلا الأذى كما قال الله تعالى ( لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون ) وأن عامل الوقت كما هو ضاغط على المقاومة فهو ضاغط على إسرائيل وصارت إسرائيل تدفع ثمنا باهظا عسكريا وسياسيا واقتصاديا وقانونيا وتفقد التأييد الدولي والشعبي بصورة مستمرة بينما المقاومة والقضية الفلسطينية تكسب تأييدا وتلقى قبولا متزايدا قد ينتهي بثبيت دعائم الدولة الفلسطينية وتقويض أسس الدولة الصهيونية ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون )