آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:03ص
ملفات وتحقيقات

الرئيس الأسبق علي ناصر: قضية الوحدة اليمنية هي قضية القضايا و مطلب جماهيري للغالبية الكاسحة من اليمنيين

الثلاثاء - 06 أغسطس 2024 - 10:05 ص بتوقيت عدن

الرئيس الأسبق علي ناصر: قضية الوحدة اليمنية هي قضية القضايا و مطلب جماهيري للغالبية الكاسحة من اليمنيين

إعداد / د. الخضر عبدالله:

قال الرئيس الأسبق علي ناصر محمد في لقاء خاص مع صحيفة (عدن الغد) أنا لا اقول تاريخاً بقدر ما أتحدث عن مذكراتي، وعندما أتكئ على التاريخ، فلقناعتي التامة بأنّ التاريخ وعيٌ إنساني وخبرة بشرية. ولأنّ التاريخ متداخل، ومتفاعل ماضيه بحاضره وبمستقبله، ولا يمكن الفصل بين هذه الحلقات الثلاث.

وأشار ناصر إلى أن للقوى الإقليمية والدولية في ذروة الحرب الباردة، دور كبير في تعميق الصراعات والحروب فيما بين النظامين في صنعاء وعدن بعد استقلال الجنوب عام 1967م، واعتبار الوحدة خطاً أحمر
وبانتهاء الحرب الباردة، تهيّأت الظروف لقيام الوحدة اليمنية عام 1990م.
وبين إلى انه مر بمصاعب شخصية، وواجهته متاعب لم يكن يتوقعها، ولم يكن في الحسبان. منها إخراجه الإجباري من اليمن عام 1990م قبيل قيام الوحدة.

وأكد في حديثه إلى أن عوامل الوحدة تبقى هي الأقوى، بغضّ النظر عن عوامل التمزق والشقاق والفراق، الداخلية منها أو المفروضة من الخارج.

ويقول أن الحديث عن الوحدة في هذا الظرف العصيب، تحدٍّ للذات ممزوج بالمرارة، لا بالخيبة، لأن من يقوم بها شخصٌ آمن بالوحدة، وسعى إليها، ولم يتاجر بها، لا في الأمس ولا في اليوم.

(عدن الغد) تضع بين يدي القارئ الوثائق والمحاضر والمقارنات والشهادات والأدلة والوقائع والخلفيات، التي يتحدث عنها الرئيس علي ناصر في هذه اللقاءات .. و إليكم النص..



البداية مع الرئيس

قال الرئيس علي ناصر في بداية حديثه:" أشكر صحيفة (عدن الغد) التي اعطتني الحيز الكبير في الحديث عن ذكريات السياسية, وكذا الشكر موصول لك دكتور .. الخضر عبدالله الذي جندت نفسك في نشر مذكراتي وبذلت جهدا كبيرا في ترتيبها وإعدادها ..
واما الحديث عن هذا اللقاء فأنا لا اقول تاريخاً بقدر ما أتحدث عن مذكراتي، وعندما أتكئ على التاريخ، فلقناعتي التامة بأنّ التاريخ وعيٌ إنساني وخبرة بشرية. ولأنّ التاريخ متداخل، ومتفاعل ماضيه بحاضره وبمستقبله، ولا يمكن الفصل بين هذه الحلقات الثلاث.
ويقول:" لقد كان للقوى الإقليمية والدولية في ذروة الحرب الباردة، إضافة إلى المصالح المحلية، دور كبير في تعميق الصراعات والحروب فيما بين النظامين في صنعاء وعدن بعد استقلال الجنوب عام 1967م، واعتبار الوحدة خطاً أحمر يتعارض قيامها مع المصالح المشار إليها آنفاً. وبانتهاء الحرب الباردة، تهيّأت الظروف لقيام الوحدة اليمنية عام 1990م، لكن بما ينسجم إلى حدٍّ كبير مع مصالح القوى الإقليمية والدولية في اليمن، وفي المنطقة العربية ككل. وحين أستعيد من شريط ذاكرتي ذلك السيل من المناقشات بين كل حرب وحرب، وتفاوض يليه تفاوض بشأن اليمن ووحدته، و"النظامين" ونزوعهما الوحدوي، فإني أضع بين يدي القارئ خضمّاً هائلاً وغير مسبوق من الوثائق والمحاضر ومقارنات وشهادات وأدلة ووقائع وخلفيات. هنا التاريخ يتكلم، لا أحد غيره.

مصاعب شخصية

ويشرح الرئيس ناصر في حديثه قائلا:" لقد مررت بمصاعب شخصية، وواجهت متاعب لم أكن أتوقعها، ولم تكن في الحسبان. منها إخراجي الإجباري من اليمن عام 1990م قبيل قيام الوحدة، وكأني من أعدائها أو المعترضين على قيامها، وقد تقبلته رغم حزازة في النفس، لأن ولائي للوحدة وللوطن طغى على أي شيء ثانوي آخر. إن مما يريح ضميري، أني ساهمت بدور متواضع في سبيل تحقيق الوحدة، وكان لي شرف توقيع أول اتفاقية للوحدة في القاهرة، في أكتوبر من عام 1972م التي مرّ عليها اليوم عند صدور هذا الكتاب 48 عاماً، إضافة إلى أنّ في فترة رئاستي للدولة (1980 ــ 1986م) أُنجِز مشروع دستور دولة الوحدة عام 1981م، وقيام المجلس اليمني الأعلى عام 1981م، والاتفاق على قيام مشاريع مشتركة في جميع المجالات، والاتفاق لأول مرة على توحيد منهجي مادتي التاريخ والجغرافيا، والأهم من كل ذلك إيماني العميق بالاحتكام إلى لغة الحوار لتحقيق الوحدة، بدل الاحتكام إلى لغة السلاح. كل هذه السياسات التي لم تكن فقط سياسة وتوجّهاً شخصيين، بل سياسة وتوجهاً وقناعة لشعب ولحزب ولنظام سياسي، وكلها مهدت لقيام الوحدة اليمنية عام 1990م وعبّدت طريقها. ومع ذلك، وهذه حقيقة لا مراءَ فيها، فقد ظلت الوحدة اليمنية حيةً في وجدان الشعب اليمني في الشمال والجنوب على حدٍّ سواء، إن كان بحكم روابط القربى أو العاطفة الوطنية أو الشعور بالانتماء إلى وطن واحد وأرومة واحدة، أو بحكم الاتكاء على تاريخ مشترك، أو بحكم وعي متقدم بأن الوحدة تعني القوة والعزة والمنعة في مواجهة الأخطار وتحديات الحاضر والمستقبل.
ويقول في حديثه لـ(عدن الغد)" إن عوامل الوحدة، كما سنرى، تبقى هي الأقوى، بغضّ النظر عن عوامل التمزق والشقاق والفراق، الداخلية منها أو المفروضة من الخارج. والكتابة عن الوحدة في هذا الظرف العصيب، تحدٍّ للذات ممزوج بالمرارة، لا بالخيبة، لأن من يقوم بها شخصٌ آمن بالوحدة، وسعى إليها، ولم يتاجر بها، لا في الأمس ولا في اليوم.

النزاع الوحدوي

ويضيف الرئيس ناصر " وهذه حقيقة أخرى، لم يكن بمقدور أحد أن يجادل في حقيقة هذا النزوع الوحدوي لدى الشعب ولدى نخبه ولدى غالبية كل القوى السياسية بمختلف مشاربها. لذلك، أصبحت مطلباً للشعب الذي لا يريد سوى مضمون وطني، لا عصبوي لها. ومن هذا المنطلق، على كل القوى الوطنية أن تتقبل أنّ الوطن للجميع، وأنه بيتهم وسقفهم ويتّسع لهم جميعاً دون تمييز وإقصاء، وأن تتقبل الآخر، وأن الكل شركاء في الوطن الحاضن لكل من يتوق إلى العيش المشترك فيه والجامع لكل الناس بالرضى والقبول، لا بالقوة والغلبة.

الحركة الوطنية والوحدة اليمنية

وواصل حديثه وقال:" قضية الوحدة اليمنية هي قضية القضايا وأكبرها وأقدسها وطنية، وهي مطلب جماهيري للغالبية الكاسحة من اليمنيين، وكانت مطلباً رسمياً للنظام الإمامي ولنظام ثورة سبتمبر، رغم غموض المبدأ السادس من مبادئ ثورة سبتمبر. وهنا لا يُجدي أن يفسَّر بأنه كان يعني تحقيق الوحدة اليمنية، لأن هذه القضية لا تحتاج إلى غموض في الموقف أو تعتيم، والغالب أنّ هذه المبادئ صيغت في مصر، لا في صنعاء، لأن مصر، كما سيلي، لم تكن واضحة في موقفها من وحدة اليمن بعد تحرير الجنوب، وكانت في صلب مبادئ ثورة 14 أكتوبر وميثاقها الوطني، ثم نظام دولة الاستقلال وحزبها. وإذا كانت الوحدة قد أصبحت محل مزايدة بين المتنافسين سياسياً، فموقف الشعب اليمني كله كان في صفها، برغم التباينات الفكرية والسياسية في أوساطه. عندما نختلف سياسياً بشأن كيفية تحقيق الوحدة وبِمَن، كذروة الطموح الوطني، لا ينبغي تجريد أحد من وطنيته ومن هويته اليمنية وننتزعه من جذوره الغائصة في عمق التربة اليمنية. إن معضلة الحركة الوطنية اليمنية تكمن في أنها أغفلت بُعد الوحدة الاجتماعي (بعد داخلي) والبُعد الاستراتيجي (بُعد داخلي وخارجي)، واستخدمت بسذاجة وقصر نظر قضية الوحدة باعتبارها سلاحاً أعمى في الصراع فيما بينها لتهميش المختلف معها والمختلف عنها، ولتحقيق أهدافها ومصالحها الضيقة التي أوهمت نفسها بقدرتها على تحقيقها بعيداً عن التنسيق مع القوى الوطنية الأخرى والشراكة معها، ولتتويه الجماهير بشعارات عامة لم تكن تلمس مصالحها الحقيقية المُفضية وحدها إلى تحقيق تطور وطني شامل ومستقل، وهذا ينطبق على مسلك النظامين في صنعاء وعدن. وهنا لا نبرئ ساحة من وقّعوا على اتفاقية الوحدة في تشرين الثاني/ نوفمبر 1989 في عدن وما تلاها من اتفاقيات وتفاهمات في عام 1990 في صنعاء، من السير في هذا الطريق الضيق. بصريح العبارة، الكل عاش فترة مراهقة سياسية حتى عام 1990، وعندما استيقظوا على كوارث لم تكن في الحسبان، وبعدها ــ وخاصة بعد حرب 1994 ــ بدأوا يعضّون أصابع الندم على وقت ضاع وأهداف تبعثرت وقوى جرى تجريفها، بل واجتثاث بعضها، وتهميش الأخرى إذا لم تسر في طريق القوى المهيمنة الجديدة ــ القديمة.

(للحديث بقية)