آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


*أمن الدولة .. اسم سطع في سماء الوطن .

السبت - 31 أغسطس 2024 - الساعة 07:26 م

احمد محمود السلامي
بقلم: احمد محمود السلامي
- ارشيف الكاتب



✒️  أحمد محمود السلّامي
   منذ سنوات راودني هاجس الكتابة حول هذا الجهاز الجبار وبطولات رجاله المخلصين ، المدربين تدريباً عالياً ، الذين انتشروا في كل شبر من أراضي الجمهورية وخارجها ، وفي المرافق الحكومية والمنظمات الجماهيرية والمدارس والكليات والأحياء السكنية ، وماهي المحاولات التخريبية والارهابية التي احبطها ، مثل محاولة تسميم خزانات المياه وتفجير المنشآت النفطية والاقتصادية وتهريب الشباب واستغلالهم ، وكذا المؤامرات الخارجية التي افشلها والتي كانت تهدف إلى القضاء على النظام السياسي وتركيعه . 
   كانت أمامي معضلة كبيرة وهي الحصول على معلومات صحيحة وموثقة ، تساعدني على خوض غمار الكتابة بعد هذه الفترة الطويلة من الزمن التي أصبح فيها كل شيء تاريخ يجب تدوينه . وكوني عاصرت تلك الفترة قمت الآن بإنعاش الذاكرة والبحث والاتصالات بالعديد من ذوي الشأن لجمع المعلومات اليسيرة والاكيدة عن إنشاء ذلك الجهاز ومراحل تطوره والشخصيات التي تولت قيادته على مدى 23 سنة وقررت ان انشرها على النحو التالي لعلّ وعسى تكون فاتحة للحصول على معلومات جديدة ومفصّلة :
   بعد الاستقلال 30 نوفمبر 1967م تشكلت في الدولة الوليدة (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية) عدد من الأجهزة الامنية كان أولها المخابرات العامة ، التي كانت تتبع الرئيس قحطان الشعبي مباشرة .. تولى إدارتها سالم محمد تومه .. حسين محمد الجابري ثم علي الهلالي ، وآخرهم كان محمد أحمد البيشي .. المباحث العامة وكانت تتبع وزير الداخلية محمد علي هيثم ، تولى إدارتها محمد  ناجي بن شجاع . 
   في يونيو 1970م أصدر مجلس الرئاسة قانون خاص بإنشاء جهاز امني جديد ضم الاجهزة الامنية اسمه (جهاز أمن الثورة) ويتبع وزارة الداخلية ، كما أصدر مجلس الرئاسة عدد من القرارات الداخلية المنظمة لعمل الجهاز ولحقوق الخدمة للعاملين فيه بموجب القانون رقم 17 لعام 1970م المنظم لوزارة الداخلية ، تولى رئاسته محمد سعيد عبدالله حاجب (محسن) الذي كان مديراً عاماً للمباحث الجنائية في ذلك ، وهو الذي  عمل مع رفاقه على بناء وتطوير الجهاز حتى أصبح صمام أمان للسكينة العامة والاستقرار الأمني في الدولة .. ومن مهام الجهاز في تلك الفترة : محاربة التجسس داخلياً وخارجياً ، ضبط الخلايا التخريبية والإرهابية الممولة من الخارج ، منع أي نشاط سياسي معادي لتوجه الدولة . وقد صدر في عدن قانون خاص للتعامل مع الأجانب والحفاظ على المواطن ووقايته من الوقوع في براثن التجسس والخيانة ، اسمه " قانون صيانة الوطن " . 
    في 11 نوفمبر عام 1974م  تطور الجهاز وأصبح وزارة سيادية (وزارة أمن الدولة)  بموجب القانون رقم 38 لعام 1974م الصادر عن مجلس الرئاسة ، تولاها محمد سعيد عبدالله حاجب (محسن) بموجب القرار الجمهوري رقم 39 لعام 1974م الذي أصدره سالم ربيع علي رئيس مجلس الرئاسة ، وتم تعيين نائبين للوزير هما : محمد محسن محمد و صالح عبدالله مثنى . 
  في 9 أغسطس عام 1979م أقرت اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني دمج الاستطلاع السياسي (الاستخبارات العسكرية) التابع للقوات المسلحة مع أمن الدولة وتغيير تسمية الوزارة إلى لجنة أمن الدولة واعفي محمد سعيد عبدالله من الوزارة ، وكلف علي ناصر محمد برئاسة اللجنة إضافة الى مهامه كرئيس للوزراء ، من 20 ابريل 1980م أصبح امينً عاماً للحزب ورئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الاعلى ورئيس مجلس الوزراء ورئيس لجنة أمن الدولة حتى 16 أكتوبر 1980م حيث عُينّ صالح منصر السييلي رئيساً للجنة وعلي منصور رشيد نائباً له . 
   في مايو 1985م ألغيت تسمية اللجنة و أعيدت تسمية وزارة أمن الدولة مرة اخرى ، وتعيّن احمد مساعد حسين وزيراً لها وثابت عبد حسين نائباً أول له ، و علي منصور رشيد نائباً لشئون الامن الداخلي وعلوي حسين عمر فرحان نائباً لشئون الأمن الخارجي .
   بعد أحداث 13 يناير 1986م الدموية التي عصفت بنظام الحكم في اليمن الديمقراطية ، تغيرت الأوضاع قتل من قتل وهرب من هرب ، وسجن وفقد الكثير من الناس .. في تلك الأوضاع الصعبة والمعقدة أسندت وزارة أمن الدولة إلى سعيد صالح سالم وتعيين حسان حسين علي نائباً له ، استمر هذا الوضع إلى قيام دولة الوحدة 22 مايو 1990م حيث دمجت بعد فترة وزارة أمن الدولة في الجنوب مع جهاز الأمن الوطني بالشمال في تشكيل جديد اسموه : " جهاز الأمن السياسي " . برئاسة غالب مطهر القمش ونائبه حسان حسين علي . 
   هكذا اسدل الستار على اهم جهاز امني في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، كان له الفضل في تثبيت النظام والاستقرار الاقتصادي والحفاظ على  سلامة وأمن الوطن والمواطن ، على رغم من الصراعات السياسية التي كانت تحصل ، ظل الجهاز صامداً وثابتاً لا يلين بفضل كوادره الوطنية الشريفة والمخلصة ، الذين عملوا بتفانٍ وإخلاص ولم يستفاد من خبراتهم الان في المجال الأمني . وأصبح معظمهم يعاني من لظى العيش  وفتك الأمراض وشبح الموت ، وهكذا هو حال كل الشرفاء والمخلصين الذين كانوا يعملون بمهنية وإتقان في كل اجهزة الدولة المختلفة ، على مدى خمسين عاماً واكثر .