آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


القذافي ...صعودا وسقوطا

الجمعة - 30 أغسطس 2024 - الساعة 02:17 م

عصام مريسي
بقلم: عصام مريسي
- ارشيف الكاتب



في منتصف القرن الماضي لمع نجم معمر القذافي كقائد للضباط الأحرار في ليبيا وأستطاع بانقلاب عسكري غير دموي من الاستيلاء على قيادة البلد وسحب البساط من الأمير محمد السنوسي وتنحيته بعيدا عن حكم ليبيا التي كانت تخضع لسلطة العائلة السنوسية لعقود طويلة من الزمن.
فكان الأول من سبتمبر علامة فارقة في حياة الشعب الليبي الذي رزح سنون طويلة تحت الحكم الملكي لعائلات استأثرت بحكم ليبيا وفي ظل حكم تلك العائلات الملكية تعرضت ليبيا للاحتلال الايطالي وظل المواطن الليبي محروم من خيرات بلده حتى كان الفتح في الفاتح من سبتمبر حيث اعتلى معمر القذافي دفة الحكم الذي أعلن انه جمهوري شوروي وارتفع دخل الفرد وتمت منجزات لمسها الإنسان الليبي عم قبل لكن عجلة التغيير و  الإستمرار في   التطور والتقدم توقفت عندما أصبحت كل السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية والحياة الدبلوماسية والعسكرية معبقة برائحة قائد الفتح الذي أحتكر كل السلطات وأصبح الملك الجمهوري الذي رسم سياسة كل الأمور حسب معتقداته وأفكاره  الخاصة وتحولت كل ليبيا إلى معمر القذافي وصنف كل من يحاول التنصل عن الهوية القذافية بالخيانة حتى أصبحت كل دعوات التغيير  والثورة على الأوضاع القائمة على أرض ليبيا التي تسمت بمسميات تنم عن هوس القيادة القذافية بالمزج  بين  الملكية المستترة والجمهورية الغائرة في ثنايا الأنفراد بكل السلطات من تسمية بالجمهورية والجماهيرية كشعار لحكم الجماهير ومشاركتهم في صنع حاضر ومستقبل ليبيا بينما الواقع انفاس القذافي تعكر كل الحياة بنفس التسلط والسيطرة والحكم الفردي ولو تلبس بشعارات الديمقراطية الشوروية عبثا.
حتى غزا الربيع الأرض العربية وكانت ليبيا التي ضاقت ذرعا بتسلط وهيمنة  القذافي تتلقى الثورة وتحتضن الربيع فخرجت الجموع المدنية والعسكرية مرحبة بالربيع وانخرط الشباب في ثورة سلمية سرعان ما تحولت إلى ثورة مسلحة تحت اصرار القيادة الليبية بقيادة القذافي على الأحتفاظ بالسلطة وعدم التنازل عنها للجموع المطالبة بالتغيير ورحيل النظام السابق.
تصاعدت الشرارة الثورية للربيع والتقت فوهات البنادق المطالبة بالرحيل والمصرة على البقاء والاستمرار وتدخلت القوى التي أججت فتيل القتال داخليا وخارجيا واستطاع الربيعيون الذين تعددت مشاربهم وافكارهم واختلفت رؤاهم  عن حقيقة أهداف الثورة الربيعية.
وأشتد الخناق  على النظام السابق بقيادة القذافي حتى تم حصار طرابلس لينتقل الحكم إلى سرت المدينة الساحلية موطن القذافي ويستمر الحصار حتى سقوط رمز النظام قتيلا على أيدي ربيعيين أدخلوا ليبيا في دوامة الاقتتال والتمزق المستمر لتعدد الرؤى الربيعية و الأجندات الخارجية  والدعم المادي والعسكري الذي أراد العبث بحقول النفط والتحكم بمصادر الثروة الليبية .
ليبيا بين السلطة الفردية التي بدأت باعتلاء القذافي السلطة والسلطة المتناحرة التي بدأت بسقوط القذافي واعتلاء فصائل الربيع المتناحرة دفة الحكم تعيش حالة من الضياع وتردي الأوضاع وتعميق التناحر بين أمة تتعدد انتماءاتهم بين العروبة والامازيقية والانتماءات الافريقية لتتحول إلى بؤرة للصراع الدائم والمستمر بوجود الأطماع الأوربية للعبث بمنابع وابار النفط مع تدخل الأنظمة العربية الباحثة لها عن كيان في التحكم بثروة ليبيا الخانعة للانقسام والحرب.
عصام مريسي