آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


غزَّة ، والبحث في مستجدات الأوضاع .

الجمعة - 30 أغسطس 2024 - الساعة 02:00 م

حربي الصبيحي
بقلم: حربي الصبيحي
- ارشيف الكاتب


البحث في مستجدات الأوضاع أصبحت عبارة نتنة مملولة مُستهلكة ، تصم الأسماع بالوقر والقرف ، وتُصيب البصر بالضعف والتلف ، وتحشو العقول بالخجف والضمور والخرف ، ومن كثرة استخدامها الممجوج المُتكرر العبثي في وسائل الإعلام المُختلفة ، فقدت مضمونها ومدلولها ، وأصبحت بضاعة فاسدة في سوق السياسة الكاسدة ، يلوكها الإعلام الممسوخ في كل لحظةٍ وحينٍ بطرقٍ مظللةٍ كاذبةٍ ، كما يلوك الطفل ، بين شدقيه ، قطعة اللُّبان فلا يجد فيها منفعة ، ولا هي تعود عليه بالفائدة .

يتعرَّض قطاع غزَّة من قبل العدو الصهيوني المتوحِّش ، منذ أكتوبر الماضي وإلى وقتنا الراهن ، لأفضع جرائم الهدم والتدمير ، كما يتعرَّض سكانها لأبشع صور الأبادة الوحشية والمجازر الجماعية في تاريخ البشرية ، وقد رافق هذه الحرب الظالمة من بدايتها الكثير من الجولات المكوكية لبلاطجة السياسة العالمية ، تحت يافطة (البحث عن مستجدات الأوضاع في قطاع غزَّة) ، التقي فيها أرباب الفجور السياسي وزنادقة المكر والخداع والتضليل الدولي في أكثر من عاصمةٍ عربيةٍ وغير عربية ، ولم تُسفر تلك الجولات واللقاءات وما تخللها من هرجٍ ومرجٍ ومؤتمراتٍ صحفيةٍ وصفاحٍ وصورٍ تذكاريةٍ ، عن نتائج تُذكر أو مردود إيجابي لصالح القطاع المُستباح ، حيث تنتهي عملية البحث في مستجدات الأوضاع - عادةً - كل مرَّةٍ بذهاب أصحابها إلى صالات الخمر والقيان ، وتبقى غزَّة كما هي تحت الحصار والدَّمار والنَّار .

فمن أوَّل يومٍ لحرب الإبادة في قطاع غزَّة ، وعبارة البحث عن مستجدات الأوضاع السَّمجة مستمرَّةً ومتواصلة ، وكم من جولاتٍ مكوكيةٍ عديمة الجدوى بهذا الخصوص قام بها وزير الخارجية الأمريكي بلينكن ، وكم عقد الرئيس الفرنسي ماكرون من قمم في المنطقة تحت مصوِّغ هذا البحث ، وكم ياقمم عربية وإسلامية (ميِّتة) عُقدت هنا أو هناك في هذا الشأن ، ولكن تلك الهوجلات الهوجاء ذهبت أدراج الرِّياح ، ونام القادة والزُّعماء والعالم في جفن الخزي والخناء والعار ، وما زالت المجازر في القطاع مستمِّرةً على قدمٍ وساقٍ ، بل وقد وصل تأثيرها إلى الضفَّةٍ وطولِ كرمٍ .

بعد كل هذا الكذب والفجور والهراء ينبغي على وسائل الإعلام المُختلفة ، الكف عن ترديد عبارة (البحث في مُستجدات أوضاع الحرب في قطاع غزَّة) لقد ضاعت القيم الإنسانية ، واختل النظام العالمي لصالح الأقوياء ، فأيُّ مستجدات تأتي أخطر من التجويع والترويع والهدم والدَّمار والتَّشريد والتنكيل ، وأقوى من الإبادة والمجازر والدِّماء والمقابر الجماعية ؟!!.