آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


الأوضاع التعليمية في محافظة عدن

الجمعة - 23 أغسطس 2024 - الساعة 10:38 ص

نعمة علي أحمد السيلي
بقلم: نعمة علي أحمد السيلي
- ارشيف الكاتب



حرصا من ملتقى احباء الوطن على الارتقاء بالمستوى التعليمي في محافظة عدن فقد ناقش الملتقى في يوم الاثنين الموافق 19/8/2024 مستوى سير العملية التعليمية والتربوية في محافظة عدن وخلصت المناقشات إلى أهمية أن تولي الجهات المختصة جل اهتمامها للنهوض بالمستوى التعليمي في محافظة عدن
.حيث تواجه العملية التعليمية في الجنوب منذ عقدين من الزمان صعوبات كثيرة لعل أولها تسيس العملية التعليمية لتحقيق توجهات نظام صنعاء الذي كان يرى من وجهة نظر ضيقة أن الوحدة مغنم وعودة الفرع للأصل وللحفاظ عليها لجأ منذ البدايات الأولى لقيام دولة الوحدة إلى القتل والتهميش والاقصاء لكوادر شريك دولة الوحدة حتى يتمكن من قيادة دولة الوحدة منفردا ولاحكام سيطرته لجأ إلى سياسة التجهيل ومارس سياسة ممنهجة للقضاء على الهوية الوطنية للجنوب وإضعاف العملية التعليمية حتى يصبحوا ابنائنا في سلم الوظائف الدنيا للدولة كمراسلين وأمناء مخازن سياسة جهنمية تمثلت في امتهان كرامة المعلم وإذلاله ونشر الغش لانه يقال إذا أردت أن تقضي على هوية أمة وتاريخها فسيطر على عقول أبنائها فأذا استطعت السيطرة على عقول الناس تستطيع أن تقودهم من اعناقهم
بالإضافة إلى الرؤية السلبية لمن يحكمون البلاد للتعليم فمن تربع على قيادة البلاد خلال الثلاثين السنة الماضية هم من حملتهم الدبابة أو القبيلة إلى سدة الحكم حتى أنه يروى أن (الزعيم المخلوع) كان يتباهى بقدرته على استدعاء العشرات من دكاترة الجامعة بالتلفون ليمثلوا أمامه للولاء والطاعة
وتبدو الحكاية معقولة والعمل بها لازال مستمر حتى يومنا هذا لأنها تعبر عن نفسية قيادة ترى نفسها فوق الجميع والوطن ملكا لها والبقية رعاع ....تحتكر القرار السياسي والاقتصادي فلا تحترم الرأي الآخر ولا تؤمن بمكانة هذه الكفاءات وحقها في إبداء الرأي واحترام رأيها بل وتتحايل لتجعل من حضورها أنها الكل في الكل واعتقد اننا لازلنا نتذكر عبارة مروا الشهيرة طريقة هذا النظام في التعامل والتوجيه لمعظم القيادات التي كانت تعمل على تنفيذ أوامره حتى وإن كانت مخالفة للقوانين والأنظمة النافذة
ولهذا برزت مشاكل خطيرة في مواجهة القصور في العملية التعليمية وظل الاهتمام بالشكليات وليس البحث في جوهر العملية التعليمية وما تحتاجه .
فاول المحددات التي أعاقت التعليم هي خفض الاعتمادات المرصودة في الموازنة العامة للدولة والمخصصة للتعليم فهي لاتفي بمتطلبات العملية التربوية وكان لا هم لهذا النظام سوى تعزيز ترسانة أسلحته واعتماد ما نسبته 70% من الموازنة العامة للدولة لدعم المجال العسكري
نتج عن ذلك عجز كبير في مواجهة متطلبات التعليم ابتداءا بالمباني المدرسية والتجهيزات الضرورية ولم تقابل الزيادة السنوية في أعداد الطلاب بما تحتاجه من مباني مدرسية وتجهيزات وظلت معتمدة على الدعم المقدم من المنظمات الدولية في هذا المجال ولازالت قيادة الدولة الحالية تسير في نفس هذا التوجه مما نتج عن ذلك حرمان مناطق واسعة من بناء المدارس واضطرار المواطنيين إلى البحث عن مدارس في مناطق أخرى مما يثقل كاهل المواطن
ووجد عدد من التجار الفرصة مهيأة للأستثمار في هذا المجال وقد تمكنوا من الاستفادة من كثير من الكفاءات التربوية التي تم إحالتهم للتقاعد وهم لازالوا قادرين على العطاء بما اكتسبوا من خبرة عملية والنتيجة حرمان آلاف الأطفال من حقهم في التعليم الإلزامي وساهم هذا في اتساع رقعة الأمية.
ثانيا : أزمة نقص المعلمين أن
زيادة اعداد الطلاب المنتقلين من المدارس الخاصة بعد ارتفاع الرسوم المدرسية كان حريا أن يكون للجهات المختصة موقف من زيادة الرسوم المدرسية في ظل نظرة القطاع الخاص للعملية التعليمية من مبدأ الربح والخسارة كأنها سلعة تجارية خاصة وان غالبية الشعب يعيش تحت مستوى خط الفقر وظروف الغالبية من الأسر في الحضيض ولن تقدر على تحمل الزيادة في قيمة الرسوم المدرسية واستمرار أطفالهم في المدارس الخاصة سوى رجال الأعمال والمغتربين والقيادات المنتفعة التي استغلت المنصب وأثرت على حساب الغالبية العظمى من أبناء الجنوب
فالوضعية التي تعيشها المدارس الحكومية تجعلها غير قادرة على استيعاب أعداد الطلاب الذين انتقلوا إليها بسبب شحة الإمكانيات المادية والبشرية التي تعاني منها
ويأتي في مقدمتها النقص الحاد في عدد المدرسين وازدحام الصفوف قبل انتقال بعض الطلاب من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية حيث يوجد في كل صف بين 70 إلى 90 طالب /ة والصفوف تفتقر الى ابسط الإمكانيات فعدد من المدارس لا يوجد فيها مراوح في بعض الصفوف والحمامات وضعها مزري
والدولة لم تتحمل مسؤوليتها في إعادة الترميم لكثير من المدارس الحكومية
في مختلف المراحل التعليمية
ان الوضع الحالي الذي تعيشه المدارس الحكومية يقتضي إعادة ترميم هذه المدارس وتطوير المؤسسات المعنية بإعداد المعلم
كما أن هناك نقصا كبيرا في عدد المعلمين في جميع المدارس ولم تولي الدولة ممثلة بالوزارات المعنية ( التربية والمالية والخدمة المدنية) اهمية تدكر بمعالجة مشكلة نقص المعلمين بتوظيف مزيدا من الخريجين في المجال التربوي والمهني لمواكبة احتياجات العملية التعليمية واول معضلة ستواجه العملية التعليمية في العام الدراسي الحالي تتمثل في : -
* انتقال المتعاقدين مع المدارس الحكومية إلى مدارس القطاع الخاص ويوعز البعض سبب هذا الانتقال هو اصدار قرار من مكتب التربية والتعليم في المحافظة بوقف المساهمة المجتمعية وكان يفترض أن يسبق هذا الإجراء التحري عن قيمة المساهمة المجتمعية في كل مدرسة بتكليف إدارات التربية في المديريات بعد أن أكد لنا بعض أولياء أمور الطلاب أن إدارات بعض المدارس قبل قرار وقف المساهمة المجتمعية حددت قيمتها بمبالغ تتراوح بين خمسة الف إلى سبعة الف وبعضها ثمانية الف ريال وسنضرب لكم أمثلة على ذلك مدرسة إعدادية للبنات في انماء حددت المساهمة المجتمعية بسبعة آلاف ريال شهريا لطالبات اول ثانوي وتاسع ابتدائي وفي مدرسة ابو حربة خمسة الف ريال مساهمة لطلاب الصف الخامس ابتدائي
وفي مدرسة الممدارة يدفع الآباء ثمانية الف ريال
بينما في مدرسة الخيسة حددت المساهمة المجتمعية بألف ريال بعد أن ظل عمل المدرسين غير المعينين تطوعي لعدة سنوات وتراوحت المبالغ التي تدفع لهم بين خمسة أو سبعة أو عشرة الف ريال كحد اعلى لأن بعض الأسر لم تلتزم بدفع قيمة المساهمة المجتمعية
ونؤكد أن قيمة المساهمة المرتفعة التي فرضتها بعض إدارات المدارس ترهق كاهل الأسر في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها المواطنين في محافظة عدن
يفترض من رجل القرار التفكير بكيفية دعم إدارات المدارس لمواجهة بعض الاحتياجات الضرورية لانه لا يوجد مصدر دعم سوى الرسوم المدرسية التي يدفعها الطلاب
أما ما يعانيه المعلمين فحدث ولا حرج فالرواتب التي يحصلون عليها رواتب متدنية جدا لا تفي حتى بالحد الأدنى من أحتياجات أسرهم في ظل ضعف القوة الشرائية للعملة الوطنية والغلاء الفاحش لأسعار المواد الغذائية والخدمات ومماطلة الدولة وعدم معالجة أوضاعهم يقودنا إلى استنتاج بأن الدولة لا تولي اي اهتمام ولا تضع معاناة المعلمين في سلم أولوياتها لمعالجة أوضاعهم
المعلم انسان يا قيادتنا الحكيمة يحتاج إلى مستوى معيشي يتلائم مع دوره في المجتمع فعلى يديه تتربى أجيال المستقبل وهو معني ببناء الإنسان في شتى مجالات الحياة فالطبيب والمهندس. والقاضي و المحامي والوزير والرئيس والقائد العسكري هؤلاء جميعهم كانوا تلاميذ لهؤلاء المدرسين والنهوض بالتعليم يقتضي اولا الاهتمام برفع مستوى معيشة المعلم.
لكن الواقع الذي يعيشه المعلمون واقعا مؤسفا فلا راتب يحقق له معيشة محترمة ويحقق له إحساسا بأنه رسول المجتمع لبناء الجيل الواعد حتى إدارات المدارس المدراء والوكلاء لا يستلمون اي حوافز مقابل إدارتهم للمدارس التي يديرونها
ان عدم العناية بحاجة المعلم قد دفعت العشرات من الخريجين المؤهلين إلى العمل في مدارس القطاع الخاص بالرغم أن بعضهم لا يدفع اكثر من خمسين ألف ريال راتب شهري

كما أن بعض المدرسين تمكنوا من الحصول على أعمال أخرى في القطاع الخاص في ساعة فراغهم لضمان مصدر دخل يوفر لهم الحياة الكريمة
بعد أن جعلتوه يعيش على المهانة والذل رواتب متدنية مقطوعة ولا يحصل على اي مكافآت أو حوافز او امتيازات اخرى أسوة ببقية الوزارات والمرافق الحكومية باستثناء العلاوة السنوية وعلاوة طبيعة العمل
أما المعلمين الذين عينهم عفاش الخريجين من كل التخصصات العلمية براتب ثلاثة وأربعين الف ريال 43500 ريال ظلوا لسنوات عديدة يستلمون هذا الراتب المتدني وعندما طرت قبل سنوات الزيادة في رواتب المعلمين أضافوا لهم في الراتب عشرة الف ريال لتصبح رواتبهم ثلاثة وخمسين ألف وسبعمائة ألف ريال 53700ريال تقريبا
والمثير للسخرية أن وزارة المالية دفعت لهم العلاوة السنوية فقط وأسقطوا عليهم علاوة طبيعة العمل ليصبح قيمة رواتبهم ثلاثة وستين ألف وستمائة ريال
بينما السلطة المحلية في المحافظة ظلت لعدد سنتين او ثلاث تدفع لكل معلم من هذه الدفعة سبعة عشر ألف ريال بناءا على الاتفاق الذي تم في مكتب المحافظ بحضور المحافظ ومدير مكتب التربية والتعليم ووزارة المالية حتى تجرى التسوية لرواتبهم
بينما الذي تم تنفيذه كما أشرنا هو صرف العلاوة السنوية بمبلغ وقدره عشرة الف ريال وإسقاط علاوة طبيعة العمل
في أي عرف او قانون او نظام يعطي لوزارة المالية الحق في إسقاط علاوة طبيعة العمل وهذا دليل قاطع على سياسة الإذلال والمهانة التي تمارسها قيادة الدولة لإضعاف مكانة المعلم القدوة لجيل المستقبل الذي أصبح لا يمتلك القدرة على تحقيق الحد الأدنى من الحياة الكريمة له والافراد اسرته وجعلته عرضة للاستهزاء والسخرية بسبب ظهور بعضهم بمظهر غير لائق كمعلم بثياب رثة وصندل مهترأ
إلى أين يريدون هذا المجتمع أن يصل بعد كل هذه الممارسات التي تنتقص من حقه في العيش الكريم في ظل دولة عدد وزرائها ونواب الوزراء والوكلاء يفوق عدد وزراء عدد من الدول التي أوضاعها مستقرة بل والمؤلم أن عدد من شاغلي هذه المناصب متواجدين في الخارج ويستلمون رواتبهم بالعملة الصعبة بآلاف الدولارات مالكم كيف تحكمون
ومما فاقم معاناة المعلمين انقسام العمل النقابي على نفسه فأصبح الصوت النقابي مشتتا ومنقسما وكلمته غير موحدة وهذا أضعف دوره في انتزاع حقوقه المشروعة ومطالبه تراوح مكانها منذ سنوات
ومن مصلحة النقابيين أن يتمكنوا من تشكيل قوة ضغط موحدة على الحكومة للاستجابة وتحقيق مطالبهم المشروعة بدلا من تأزيم العلاقة التي لا تصب في مصلحتهم المشتركة