آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


الصبر مع السخط ... !!

الأربعاء - 21 أغسطس 2024 - الساعة 07:21 م

حسين السليماني الحنشي
بقلم: حسين السليماني الحنشي
- ارشيف الكاتب


الصبر والرضا في الله وعلى أقداره من أعظم شعب الإيمان، وهما دليلان على إقرار الإنسان بعبودية الله والتسليم له سبحانه، إلى جانب ما يناله منهما من أجر وثواب في الدنيا والآخرة ...
لكن الصبر اليوم أصبح عند الناس، مخلوط بالسخط؛ لأن الصابرون من الناس، يرون أن النوازل التي تقع عليهم، مقصودة ومدروسة ومخطط لها، فالصبر هنا ليس له علاقة بأن الناس راضون عن الأوضاع التي يعيشونها اليوم؛ لأن المجتمع يرى حاكمه، يعيش بعيدا عنه، ولم يرونه يتضرع من الجوع مثلهم، وليس بين الشعب وحاكمه حاجزا من حواجز الأسلاك الشائكة والكتل الخرسانية، وأجهزة التصوير الذكية، والمسح الضوئي، وحواجز إضافية تمنع الرعية من الحاكم الذي يعيش في بروجه المشيدة...
إن الحاكم اليوم، لايفكر إلا بأخذ حقوق الرعية، ويتركهم يواجهون المصاعب بمفردهم وهو قادر بمشيئة الله على مساعدتهم، فهذا الذي يميت القلب نحو هؤلاء الحكام، الذي بمقدورهم تغيير الواقع بالسعي نحو الإصلاح والأخذ بالأسباب المتاحة، مثل وضع الخطط في كيفية الاستفادة من عائدات النفط والغاز الطبيعي والضرائب، والخطط المتعلقة بالزراعة والثروة الحيوانية والسمكية, ووضع الخطط التجارية لتحسين مستوى التجارة، والخطط الصحية لمحاربة الامراض والأوبئة، والسعي لإصلاح منظومة التعليم، وفتح مكاتب التوظيف التي تساعد في محاربة البطالة بين الشباب،
وكل هذه المجالات أصبحت عند الحاكم اليوم أسهل من الحكم التقليدي في الماضي، فوجود القيادات المؤسسية الحاكمة في بعض الدول التي تعتبر فقيرة في الموارد أصبحت (نمورا بين اقتصاديات العالم)؛ لأن الحكم المؤسسي يعطي ضمان للشركات المقاولة في تنفيذ تلك المشاريع التي تقوم بخدمة الشعب، ويتم إدارتها بشكل مسؤول، لكن للأسف اليوم أصبح الشعب يبحث عن المجرمين في أوساط السلطة، التي تطالبنا بدفع رسوم إضافية، فلا هَمّ لديهم غير جمع الجبايات.... والسلطة التي نرجو منها المساعدة والقوة أمام المصاعب، تطالبنا بالاستسلام، وهو الانهزام حتى يكون لديهم شعب مذلول خانع، لايسمعون منه غير ( بالروح بالدم نفديك يا....) هذه النغمة التي يتوارثها الزعامة عندنا، ولو بذلت "الزعامة" الجهد والأخذ بالمتاح لتم تحقيق الأهداف التي دفع الشعب ثمنها...
ومن أكثر وأعظم خطرا على البلاد والعباد ـ القناعة ـ التي من خلالها تسلب الحقوق، وتخرج من الشعب عبيد يقذفون أنفسهم إلى الهاوية من أجل ذلك الصنم!
حتى وصل بهم الحال لحد الغلو في السلطان بالتمجيد، وأقوال متعددة ومنها (مالها إلا....) وكأننا نعيش حكم الفرد في القرون البائدة، (ما أريكم إلّا ما أرى وما أهديكم إلّا سبيل الرّشاد)
لقد مضى من عمر الحكم العربي والدول النامية، المتشابه في حكامها، أكثر من خمسين عاماً، ولم يبلغ الحكم مقام الدول التي تحررت بعمر أقل من دولنا، وما أنجزته لشعوبها!
فعندنا منطومة الحكم لم تستطع ، تشغيل كهرباء العاصمة، بشكل مقبول، فكيف من إدارة البلاد كاملاً؟! وهذا دليلا على الفشل الذي لايستطيع الوقوف معه غير المطبلين، لكن يصبح الصبر واجب في حالات الحاكم الذي يعمل بإخلاص لخدمة وطنه وشعبه، ووجب الوقوف خلفه في حالات الطوارئ؛ لأنه يسعى بالارتقاء بشعبه ووطنه إلى مستوى يليق بالدولة والمواطن، حيث رفع مستوى المعيشة لهم إلى درجات كبيرة وجعل الوطن ينعم بالأمن...
وحتى يتخلق المجتمع بخلق الصبر والرضا، وراحة النفس، وطمأنينة القلوب، ودفعا للهم والقلق والأحزان التي يعيشونها، هذا عندما يكون الحاكم أو من يمسك بزمام الأمور، قد أفنى نفسه في خدمة شعبه وبلده. هنا يكون الصبر والرضا من الشعب خالي من السخط! فتتنزل البركات من السماء وتخرج خيرات الارض، وتنزل السكينة والطمأنينة على الشعب، وينعم الشعب بحياة كريمة!!!