آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


جبران شمسان المهموم بالقضية العدنية

الثلاثاء - 30 يوليه 2024 - الساعة 08:59 م

احمد ناصر حميدان
بقلم: احمد ناصر حميدان
- ارشيف الكاتب


جبران صالح شمسان باحث مهموم بالتراث العدني، لن اعرض الى منشأه اوبيئته ، فقد سبقني إلى ذلك الفقيد الكاتب الصحفي القدير نجيب يابلي رحمه الله في مقال له حول المنشأ والمكانة وبيّن الى أي مدى كانت أسرة آل شمسان حاضرة في المجتمع كجزء من النسيج بمواهبها وملكاتها، اثرت وتأثرت حتى صارت جزءا من الهوية، الهوية التي تعلق بها جبران، وسخر قلمه منذ وقت وسن مبكر، في تدوين تاريخ وارث تلك الهوية، وكان من بين القلائل الذين وثقوا التراث العدني، ومن بين النوادر الذين عاشوا المرحلة، و وثقوها بصفيحات كشاهد عيان، بذكرياته ومذكراته ، وناقل من شهود عاشوا المرحلة، وبمهارة الفاحص رتب تلك الاحداث ليدون ولو قبسا من تاريخ عدن ما قبل الاستقلال، مستشهدا بالوثائق والصور، كقلم مهموم و مهتم بمعاناة عدن من بعد الاستقلال.. حيث ترجم ذلك في قصائده الشعرية (عمودي وحر) التي نشرها فيما بعد في ديوان "أشهد يا وطن".. والتي سنمر على عناوينها التي يصلح كل عنوان منها لان يكون عنوانا لديوان.. ويحمل في باطنه لوحة او حكاية او تاريخ.
علما بانه كتب القصيدة العمودية والشعر الحر النثري والمرسل كان يخفي في قصائده الهم العربي بقدر ما كان يخفي ويلمح للألم والمعاناة في مدينته عدن. فكانت من قصائده الواضحة العناوين الملفتة والحساسة (يوميات في زمن التعتيم)و(زمن الجياد الهرمة)و(فتش عن الموساد) و(يُعين التالية اسماؤهم شعراء...) عناوين بين صارخة وصريحة وساخرة.. ولم يبتعد عن غزة حيث رثى الناشطة الأمريكية الشهيدة ريتشل كوري التي دهسها الجندي الإسرائيلي بالجرافة وهي تحاول منعه من هدم بيوت غزة وقتلها قبل عشرين عام.
جبران أحب رموز عدن والوطن بشكل عام فقد رثى البردوني ولقمان والأدهل وحسن عبيد الله السقاف وغيرهم بقصائد عمودية للتاريخ. ولم يُدِرْ ظهره للمقالة والنثر... فقد ولع بالمقالة التاريخية والمعاصرة المطعمة بملح السياسة... ودخل في جدال مع من اساؤوا و يسيئون لعدن. وكان قلمه مفحما لأنه اتبع الحق والحقيقة وحرص على المصداقية والانصاف. كانت اولى مقالاته في عام 1973 في صحيفة 14 اكتوبر بأسلوب تقليدي وخطابي انصافا للأحرار الذين طاردتهم الإمامة.. وفي صحيفة الايام كتب انصافا لرموز عدن. في بداية الألفية الثالثة...
كتب جبران في القضية العدنية، و اول ما نشر إشارة حول مظلومية عدن ومعاناتها سعيا نحو قضية عدنيه في عام 2003م في كتابه (دور عدن) حيث اشار في الاهداء الى ان عدن قدمت كل شيء ولم تحصل على شيء. وتناول ذلك في المقدمة في 8 صفحات بإسهاب. وهو كتاب معني ب (ماذا قدمت عدن) للثورات. ثم أصدر كتابه الثاني الذي يعد ارشيفا لعدن...
وهو كتاب "لقمان رمز الوطن الحي", في 500 صفحة و300 صورة. قضى سنوات في تأليفه وإعداد صوره والبحث عن المعلومات من خلال صحيفة ظلت تصدر 27 عام هي "فتاة الجزيرة" وصحف اخرى والبحث في مصادر ومراجع مختلفة أشار اليها. فقد دام كفاح لقمان -صاحب "فتاة الجزيرة"- ونشاطه أربعين عاما.. لذلك يعد الكتاب ارشيفا لعدن وتوثيقا لأحداثها وتاريخها. حيث لخص جبران علاقة لقمان بعدن وعلاقة عدن بلقمان في بيت من الشعر من قصيدة رثاء للقمان أوردها في فصل من فصول الكتاب الاخيره, حيث قال: لقمانُ في تاريخه عدناً ترى× وبها ترى تاريخه وحُكاها ثم كتب جبران (الوطن فوق القبيلة) تعرض فيه لبعض سلبيات القبيلة في الحرب بين الملكيين والجمهوريين...وتأثير الارتزاق وتخلي البعض عن الدور الايجابي للقبيلة وشهامتها.
ثم كان كتابه الأخير (ابناء عدن من عملية خليفة الى الإدارة الذاتية) كرر فيه ما طرقه في 2003م من تهميش لعدن ومظلوميتها مهيأ لتأكيد ان عدن قضية ( القضية العدنية) وفصّل في الكتاب اول واخطر عملية مقاومة فدائية في ديسمبر 1963 قام بها ابن عدن البار المناضل الفدائي "خليفة عبد الله حسن خليفة" وهي العملية التي كان لها تداعيات متوالية ومتتابعة لأشهر بل وحتى الاستقلال; فصلها جبران في كتابه منها بدء قانون الطوارئ البريطاني الذي استمر من يوم العملية في 10 ديسمبر 1963حتى شهر الاستقلال. وضمن استحقاقات عدن ومطالبها ولم يفته التعريف بمنفّذ العملية وسيرته وهو المناضل الفدائي خليفه الذي سبق له وان اسس (حزب الاستقلال في 1961) ثم تجاوزه ولجأ الى المقاومة. وأظهر الكاتب جبران نبذا عن بعض رموز مدينة عدن الوطنيين. . لقد وهب جبران قلمه لعدن وكل الوطن من اول مقال نشر في 1973م كما ذكرنا وعبْر قصائده ونبّه لوضع عدن ووضعها في 2003م وتوجه الى التفاصيل وخارطة الرؤية في كتابه الاخير المذكور.
وما زال جبران يقدم ما استطاع من ذخيرة معرفية في تعزيز دور المجتمع المدني في عدن من خلال موقعه كنائب للمنتدى الثقافي العدني، الذي يمثل امتداد لدور لقمان ورفاقه الاوائل من الذين حملوا هم هذه المدينة وناضلوا من اجل ان تستمر منارة تنير الطريق لمستقبل افضل ووضاء.