آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


الدين العام المعضلة الكبرى لأجيال المستقبل

الإثنين - 29 يوليه 2024 - الساعة 10:52 م

نعمة علي أحمد السيلي
بقلم: نعمة علي أحمد السيلي
- ارشيف الكاتب




   لم تكترث حكومات الفساد المتعاقبة على تنامي الدين العام إلى مستويات قياسية مع معرفتها المسبقة بأن الوضع الأقتصادي للبلاد لا  يسمح لها بتحمل حجم هذه الديون  وهو واقع يصعب تفاديه بعد أن خرجت الأمور عن السيطرة وتسببت في أزمات متكررة أثرت سلبا على الميزانية العامة  للدولة بعد تضاعف حجم الدين  من عام الى أخر في ظل ضعف الموارد التي حالت دون أحراز أي تقدم في السياسات الاقتصادية والتنموية  وتكمن المشكلة اولا أن تلك الأموال التي تعد دينا على الوطن لا يجري توظيفها في قطاعات تحقق قيمة  نقدية مضافة بل هي أموال تصرف على مشاريع خدمية ونفقات غير مبررة يأكل الفساد الجزء الأكبر من تلك الأموال  كما أن تكاليف خدمة الدين العام تمثل معضلة حقيقية بسبب الديون التي تحصل عليها الدولة في الوضع الأقتصادي الذي لا يسمح لها بتحمل حجم هذه الديون ومن المحتمل أن الدولة لا تدرك أن المساعدات الأنمائية والهبات والمعونات وحجم المبالغ التي تصرف من قبل دول التحالف على الحرب هي الأخرى  تعتبر مصدرا رئيسيا لتضخم رصيد الديون في ميزانية الدولة وستمثل أستنزافا  لرأس المال الوطن وموارد الدولة مستقبلا وستدفع الأجيال القادمة ضريبة غالية في ظل اضافة فوائد هذه الديون سنويا إلى قيمة الدين العام 
   وفي ظل الحرب يصعب التنبؤ بكيفية  أستخدام الدين العام بطريقة صحيحة للمساهمة في رفع الناتج المحلي الإجمالي والحفاظ على معدلات منخفضة للفائدة ولهذا أصبح الدين العام ينعكس بصورة سلبية على مستوى معيشة الناس في ظل توقف المشاريع الأستثمارية في جانب البنية التحتية للخدمات العامة مما عكس نفسه سلبا على مستوى أداء الخدمة للمواطن وهذا  يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الأمور خرجت عن سيطرة الدولة نفسها وسببت وستسبب لها اختناقات وأزمات متكررة ستؤثر  على  ميزانية الدولة وستضاعف حجم العجز خاصة أذا تم أجراء مقارنة لمبلغ الدين العام بالناتج المحلي الأجمالي من سنة إلى أخرى حيث سيظهر تزايد نسبة الدين العام بشكل تراكمي لأنه مرتبط بالزيادة المستمرة في قيمة تدفق الديون التي  تخضع لآليات مختلفة من قبل الدول والمؤسسات المالية الأقليمية والدولية لأنها تخضع لشروط معينة حسب السياسات المتبعة للجهات الدائنة كما أن بعض الدول تفرض شروطا حول سعر الفائدة وآجال السداد والضمانات وفترات السماح فهل يدرك قادة الشرعية والأنتقالي أن كل فلس يصرف في هذه الحرب بما فيها رواتبهم التي فاقت الحد المعقول  يتم رصدها  كدين عام وأعتقد أن الجميع  يعلم كيف لجأت الولايات المتحدة إلى ربط النفط العراقي مقابل سداد ما على العراق من ديون نتيجة لحرب 2003م.
   أما المؤسسات والهيئات الأقليمية والدولية تتفاوت شروطها فمثلا البنك الدولي يشترط أن تستخدم القروض لتمويل مشاريع التعمير
 الا أن عدم أهتمام الدولة وأعترافها بالنتائج الكارثية لزيادة نسبة الدين العام أو الجهل بخطورته في ظل الظروف الأستثنائية التي يعاني منها الأقتصاد الوطني فيمكن تشيبه قيادة الدولة بالنعامة التي تدس رأسها بالرمل  ولا تسلم بحقيقة أن الأزمات الأقتصادية والأجتماعية والسياسية أهم أسبابها تراكم الدين العام بمبالغ خيالية في ظل عدم القدرة على السداد وما يترتب عليه من أزمات أقتصادية خانقة حالت دون القدرة على أتخاد قرارات تؤدي إلى أستقرار الأوضاع المعيشية بل نجد أصرار ينم عن جهل من قبل حكومة الشرعية على تصعيد وتيرة الحرب  يضاعف أزمة الدين العام في ظل محدودية الموارد وأنتشار الفساد و أنعدام الأحتياطي النقدي مقارنة بنفقاتها المرتفعة وطبع العملة المحلية والمضاربة بها  من قبل مسؤولي الدولة وما ترتب عليها من  تأثير سلبي على هبوط وتدني قيمة  ومستوى صرف العملة المحلية بشكل غير مسبوق وقد أشار تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة إلى أن الدين العام  أرتفع من 3,1 تريليون ريال أي ما يوازي 12.7مليار دولار في  يناير 2015 إلى.4.9 تريليون ريال أي ما يوازي 19.7 مليار دولار في 2017م أي أن  الدين العام يمثل مؤشراخطيرا حيث بلغت نسبته 85%من أجمالي الناتج المحلي الإجمالي مما يعني  زيادة فوائد الدين العام بشكل تراكمي منذ عام 2017  هذا دون أحتساب قيمة الدين العام خلال عامي 2018- 2019 مع  تصاعد وتيرة العنف وحسب تقرير البنك الدولي لعام 2019م فقد بلغت نسبة الدين العام 94%من أجمالي الناتج المحلي الأجمالي  والدين الخارجي بلغ خلال الفترة نفسها   4.742  تريليون ريال بما يوازي 9.5 مليار دولار حينها كان قيمة الدولار يساوي 500 ريال هذه الديون خصصت لتغطية نفقات الحكومة غير المبررة ما بالكم بالقيمة التراكمية لهذه الديون حتى عام 2024م دون أعتبار لما تمثله هذه الديون من أثار سلبية 
     وكشف تقرير البنك الدولي أن معدل الناتج المحلي الأجمالي أنكمش بنسبة تراكمية مقدارها 39% في نهاية العام 2014م وأوضح التقرير أن الحرب في اليمن أدت إلى توقف الأنشطة الأقتصادية على نطاق واسع وتسريح عدد كثير من العاملين في المنشأت الصناعية والأقتصادية الأمر الذي أدى إلى تزايد معدلات الفقر بصورة كبيرة وأنهيار  شبكات الأمان الأجتماعي الرسمية للأسر الفقيرة وأوضح التقرير إلى أن 40% من الأسر فقدت مصدر دخلها الأساسي وأن التدهور الحاد في أسعار صرف العملة المحلية أدى إلى أرتفاع كبير في أسعار السلع وفي معدل التضخم السنوي خلال العام 2018 م الأمر الذي أدى إلى تفاقم الوضع الأنساني الكارثي وزيادة سعر سلة المواد الغدائية للأسرة الواحدة  وتضاعف سعر السلة الغدائبة لعام 2019 م بنسبة زيادة تفوق 145% مقارنة بالعام 2015 م وسيتضاعف  في النصف الأول من عام 2020 م   وأذا  ظلت الحكومة تكرر  اللجؤ الى الأقتراض لتمويل الموازنة العامة للدولة لتغطية العجز  وأتباع مجموعة من السياسات الأقتصادية التي توظف الموارد يحكمها التوجه السياسي القائم  أضافة إلى الحرب القائمة والسياسات الاقتصادية الخاطئة  المتبعة جعلت كل مواطن مديون محليا وخارجيا وستدفع ثمنه الأجيال القادمة على حساب التنمية والنمو الأقتصادي  في ظل جهل صناع القرار لهذه  المعضلة
للأسف الشديد لدينا قيادات دولة معظمهم لا يجيدون معنى الترشيد في النفقات وهذا دليل على الجهل بمفهوم الحساب الأقتصادي