آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


نخب مصنوعة

الأحد - 28 يوليه 2024 - الساعة 09:18 م

حسين السليماني الحنشي
بقلم: حسين السليماني الحنشي
- ارشيف الكاتب




هذه النخب المصنعة من قبل المهيمنين على العالم.
لا تاتي من فراغ، ولا تقف هذه الشلل عند حد الأمنيات والرغبات والتطلعات للشعوب، إنما تُترجم عملها وينطق به سلوكها....
وتأتي إلى الواقع عبر المنظمات الجماهيرية، والحقوقية، وكل سبيل ينادي أصاحبه، وكل هدف تضعه يجذب أتباعه إلى المستنقع المطلوب من قبل المصّنع، وليس عن اقتناع بالضرورة، إنما لتحصيل منفعة ما.
كما كانت الامبراطوريات سابقاً تصنع من تشاء بطرق تقليدية لاتستمر أكثر، بل وتكتشف بسرعة أو قد يكتب لها النجاح إلى وقت أطول، وما ساعدها في البقاء على اتصال هو ضعف التواصل بينها وبين المصّنع، على عكس مما نعانيه اليوم من النخب المصنعة في أوطاننا؛ فهي الوطن والوطنية، وهي الزعامة، وتكمن أهميتها القصوى في البقاء في قيادة البلد؛ لأنها تمثل الشعب وتطلعاته، وتمثل المناضل الجسور، وتعد أيضاً من الرموز الوطنية!
التي لانقاش فيها ، بل بالروح بالدم نفديك يا....
فقد كان الاتحاد السوفياتي سابقا (روسيا اليوم) والولايات المتحدة الأمريكية، وقبلهما إنجلترا وفرنسا، كانت لها نخب شجعتهم، أو صنعتهم على عيونها، لحمل الأفكار وإشاعتها في المجتمعات قاطبة، وفتحت لهؤلاء مؤسسات وهيئات، وأطلقت لهم منابر ومنصات ومطبوعات تصدروها، بل وسلمتهم البلاد والعباد، وتم كل هذا في خفاء وبتحايل، على عكس اليوم، فهي تصدرها، كعلب أو مواد ينتجونها...
ووصلوا على عربات مدرعة يجوبون بها الشوارع الممتلئة بالدخان، وهم وسط الغبار يضعون حجر الأساس لمشروعات وهمية.
وسارت كثير من النخب (الحكومات) التي قامت في بعض الدول بعد الاستقلال على النهج ذاته، إذ كان عليها أن تبحث عن (كلابها)حاملي خطابها إلى الشعوب، أو من ينتجون خطابا؛ لتبرير سلوك (الإستعمار) ويعلنون أنه أفضل مراحل الإنسانية! وبهذا يتم تجميل صور الإستعمار، وتسويق السائد والمتاح منه باعتباره أفضل ما يمكن بلوغه، ثم دعوتهم إلى الصبر على الفقر والضيم والإهانة.
ولم يختصر التصنيع تلك النخب على الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي فقط، بل وصل إلى النخب الدينية التي تحرم الوسائل المواصلة إلى التحرير والتحرر من الأصنام التي اتتنا من الغرب، تعبد الله على حرف!
وهذا يرجع الى مصلحة الساعين إلى الهيمنة أو التحكم، سواء كانوا يمثلون قوى استعمارية، أو شركات متعددة الجنسيات، أو تنظيمات عابرة للحدود، أو أيديولوجيات تكون من الموالين لهم في الصدارة، حتى يضمنوا تأثيرا واسعا لخطابهم، فإنهم يسخون بالمال والجهد في سبيل أن يضعوا هؤلاء في صدارة المشهد، ويصنعوا من بينهم رموزا، ما يضمن أن العائد من وراء هذا، مهما زادت كلفته، سيكون كبيرا.
لا يخلو عهد من أمثال هؤلاء المتصدرين للمشهد بتدبير وربما تآمر، رغم أن أمثالهم يكونون في الغالب الأعم ليسوا أصحاب نضال أو شعبية راسخة، حتى يكونوا جديرين بحيازة الصدارة.
أو إن ظروفاً معينة، فرضتها سلطة الحكم والمال...
وهذا المسلك ليس جديداً على الإنسانية.!