آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


طقوس السنة التحضيرية

الجمعة - 19 يوليه 2024 - الساعة 05:03 م

القاضي عبدالناصر سنيد
بقلم: القاضي عبدالناصر سنيد
- ارشيف الكاتب


هناك جامعات عريقة في العالم لها أسلوب راقي في قبول الطلاب من خلال إجراء امتحانات قبول مباشره سواء كانت هذه الامتحانات تحريريه أو عباره عن مقابلات شخصية مباشرة تمهيدا لاختيار الأفضل من بين المتقدمين، بينما هناك جامعات عالميه تنتهج أسلوب جذب عالي عبر فتح باب المنح الدراسية المجانية للتنافس بين النخبة من المتفوقين و ذلك من خلال إعفاء هؤلاء من شرط اجتياز امتحان القبول بسبب ما يتمتعون به من ذكاء استثنائي.

فتساءلت ما حظ جامعات البلاد من هكذا إجراءات وخصوصا بعد أن علمت بأن الدخول الى كلية الطب في جامعة عدن له طقوس أشد غرابة من رقصة ادرار المطر لدى قبائل الهنود الحمر تنفرد بها إدارة السنه التحضيرية قياسا على جميع الجامعات في العالم ، تتضمن هذه الطقوس الانتساب إلى ما يسمى بالسنة التحضيرية وهي عبارة عن سنة شمسية كاملة من عمر الشباب المتقدمين ، يتلقى فيه جميع الطامحين للدراسة في كلية الطب علوم يقال عنها بأنها أصعب بمراحل مما يتلقاه طلاب كلية الطب خلال العام الأول والتاني من الدراسة إضافة لخضوع الطلاب لامتحان بعد ثلاثة اشهر من بدء السنه التحضيرية وامتحان اخر بعد انتهاء السنة التحضيرية والغريب في هذه الامتحانات أن إدارة السنة التحضيرية تشترط ان يكتب الطلاب جميع الإجابات على أسئلة الامتحان باستخدام القلم الرصاص فقط ، بحجة أن التصحيح يتم عبر جهاز الكمبيوتر فأثار هذا الأمر الفضول فالأسئلة في العادة يتم طرحها من قبل الدكتور المشرف الذي يتولى تدريس المادة بينما التصحيح يقوم به كمبيوتر أظن أن هناك خطبا بحاجة الى تفسير منطقي ، مع أن أسئلة مثل هذا الامتحان تعد الأصعب ليس على مستوى البلاد إنما على مستوى العالم ، فلو تقدمت على سبيل المثال لامتحانات القبول في جامعة هارفارد او جامعة ييل الأمريكية يمكن أن تكون فرصة اجتيازي للامتحانات تعادل ضعف فرصة اجتياز امتحانات السنة التحضيرية , فتساءلت من وراء براءة اختراع فكرة السنه التحضيرية والذي أنشئت باجتهاد لا تدعمه نصوص القانون مع أن السنة التحضيرية بالجامعات الدولية تدخل ضمن السنة الأولى والثانية من الدراسة الجامعية في كلية الطب وتسمى بسنوات الدراسة التحضيرية الغير سريرية وليست لها اداره مستقله خارج نطاق وسلطة كلية الطب مثل ما يحدث في بلادنا.

تساءلت ما الهدف من وراء تشديد الامتحانات ؟ هل الهدف هو الحرص على دخول الطلاب إلى كلية الطب البشري وقد شربوا منهج كلية الطب حتى النخاع خلال السنه التحضيرية؟ أو أن الهدف هو المنافسة في تحقيق أكبر نسبة رسوب على مستوى العالم؟ ، يتقدم لهذه الامتحانات سنويا ما يزيد عن ثلاثة الف شاب وشابة بعد تكبد أسرهم النفقات الباهظة في سبيل تحقيق أحلام أبنائهم نجد أن العدد المطلوب لدخول كلية الطب لا يتجاوز المئتين طالب فقط ، فوجدت نفسي أتساءل هل السنة التحضيرية هو مرحلة منصوص عليها في قانون الجامعات أو هو عبارة عن اجتهاد فردي الغرض منه تحطيم نفسية الطلاب ، فبعد اجتهاد الطالب لعام كامل في التحصيل العلمي إضافة إلى النفقات التي تتكبدها أسرته من دفع الرسوم وشراء الكتب والمراجع الباهظة وغيرها من النفقات يجد الطالب نفسه ضمن زمرة الفاشلين مع أن جميع من تقدم لهذه الامتحانات هم طلاب مشهود لهم بذكاء والحرص ولكننا نحتار حين نرى تواضع علاماتهم في امتحانات السنة التحضيرية وما يؤلمني أن الجميع يتنصل عن المسئولية ، فإدارة السنة التحضيرية ترمي بالمسئولية عن هذه النتائج إلى إدارة الامتحانات والتي بدورها ترمي بالمسئولية فوق الكمبيوتر الذي تولى التصحيح ، فالمسئولية أصبحت مثل الكرة كل اداره تقذف بها إلى الإدارة الأخرى والطلاب يتفرجون وهم في حيرة من أمرهم.

يجب فتح باب الأسئلة حول ما يحصل اثناء السنة التحضيرية وعلى وجه الخصوص حول غموض و صعوبة الامتحانات ولماذا يتم إلزام الطلاب بكتابة كل الإجابات بالقلم الرصاص؟ مع انتظار الشفافية والمصداقية في صياغة الإجابات من قبل معالي وزير التعليم العالي والأستاذ الدكتور رئيس جامعة عدن والأستاذ الدكتور عميد كلية الطب حتى تتضح لنا الصورة مع التوجيه الفوري إلى ضرورة وضع حد وانهاء كل مهازل السنه التحضيرية وإعطاء جميع الطلاب فرص متساوية لأجل التقدم لامتحانات القبول وفق ما هو معمول به في الجامعات سواء كانت هذه الجامعات محليه أو كانت هذه الجامعات عالمية ومن دون بدعة المرور عبر السنة التحضيرية ،،