آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


حصانة البيانات

السبت - 06 يوليه 2024 - الساعة 11:40 ص

القاضي عبدالناصر سنيد
بقلم: القاضي عبدالناصر سنيد
- ارشيف الكاتب


الحرب التقليدية كما عرفناها قد عفى عليها الزمن و أصبحت مثل هذه الحرب موضة قديمة بمعنى الكلمة ذلك بعد أن طور الخبراء مفهوم وتكتيك جديد للحرب أطلق عليه سرا الفوضى الخلاقة والذي يتم استخدام مثل هذه الفوضى على نطاق واسع ضد الدول الذي تندرج تحت اسم العالم الثالث وقد تم لاحقا ادخال بعض التعديلات الجوهرية على هذا التكتيك ليعرف باسم التكلفة الصفرية للحرب ، فتساءلت ماهي التكلفة الصفرية للحرب؟

بحسب المعلومات الشحيحة والتي تداولها بعض السياسيين والمحللين الغربيين هي عبارة عن تكتيكات حربية سرية تستند إلى جمع بيانات خاصه عن مواطني الدولة المستهدفة والقيام بفرز هذه البيانات بحسب شرائح المجتمع الجنسية من ذكر وانثى والعرقية اسود ابيض أصفر أو بحسب المستوى التعليمي طالب جامعي أو مهني أو بحسب الموروث الثقافي من أبناء القبائل أو من أبناء الساده أو من المدنيين ، تقوم المنظمات المحلية أو الدولية بجمع مثل هذه البيانات عبر فرق النزول الميدانية بحجة صرف المساعدات والسلل الغذائية من خلال الحرص على الحصول على البيانات الصحيحة من خلال تطابق هذه البيانات مع المستندات الثبوتية مثل البطاقة الشخصية .

تم يتم بعد ذلك التخاطب مع هذه الشرائح المجتمعية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي بواسطة مختصين وخبراء من الاستخبارات على دراية تامة و معرفة باللغة العربية وباللكنات المحلية ، يتم استغلال الظلم العام الذي تتعرض له مختلف الشرائح في المجتمع من خلال الحرمان من الترقيات أو التهميش ليتم بواسطه هؤلاء الخبراء التلاعب بمشاعر وعقول المستهدفين من خلال ترجمة بعض الشعارات على غرار كلمة حق اريد بها باطل مثل شعار الشعب يريد تغيير النظام الذي جاء به الربيع العربي ومحاولة زرع مفهوم خاطئ لمعنى تحقيق العدالة و الحرية عبر الانتقام من الدولة باستخدام التخريب والذي يؤدي في الأخير إلى انزلاق الأحداث نحو الحرب الأهلية تمهيدا لفرض اجندة خارجية تسيطر على كامل مقدرات الدولة ومن دون أي تكلفة او خسائر ومن هنا جاءت التسمية بالتكلفة الصفرية للحرب.

مثل هذه التكتيكات حتما هي انتاج فكر شيطاني فمن كان يعتقد بأن المواطن الغلبان قد أصبح سلاح فتاك بيد الغير يستخدم لتدمير الوطن ليدرك هذا المواطن بعد أن تذهب تلك الغشاوة عن العين بأنه أسوة بغيره كان عبارة عن ضحية ، فعلمت أن الجهل على مر العصور سلاح ولكن لم أكن اعلم بأن مثل هذا السلاح بإمكانه القضاء على سيادة الدول و خصوصا بعد أن اصبحنا شهودا على أحداث المعركة القانونية والتي تدور رحاها بين الولايات المتحدة و دولة الصين بشأن إصرار الولايات المتحدة على شراء فرع شركة تيك توك في الولايات المتحدة لأن الولايات أعلنت صراحة أنها بصدد شراء أو حظر تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة بسبب انها تتوجس في قيام هذا التطبيق بجمع بيانات خاصة عن مواطني الولايات المتحدة وهو ما يبرر سعي الولايات المتحدة باستخدام القانون كوسيله اما لشراء فرع هذا التطبيق في الولايات المتحدة أو حظره.

فالحرب الحالية ايها السادة هي حرب بيانات ، تتوجس فيه الدول أن يؤدي استيلاء الغير على مثل هذه البيانات إلى ان تكون هذه الدول ضحية محتملة لتكتيك التكلفة الصفرية للحرب. وما قيام دولة جورجيا بفرض رقابة شديدة على التمويل الخارجي للمنظمات الا تعوذا من هذا التكتيك رغم احتجاج واستنكار الولايات المتحدة لمثل هكذا رقابة وتهديد دولة جورجيا بوضع جميع الاتفاقيات التي أبرمت بين الدولتين قيد المراجعة ، فلا أحد يستطيع لوم دولة جورجيا على هكذا تشديد فهي لم تقم سوى بالواجب الوطني في تحصين وحماية بيانات مواطنيها وهو ذات العمل التي تحاول الولايات المتحدة القيام به ضد تطبيق تيك توك.