آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


انقطاع الكهرباء .. رحلة شاقة لنسيان الحياة .

الأربعاء - 12 يونيو 2024 - الساعة 10:58 ص

احمد محمود السلامي
بقلم: احمد محمود السلامي
- ارشيف الكاتب


مع أجواء الصيف الحارة والرطوبة القاتلة وساعات انقطاع الكهرباء التي لا تطاق التي تلهب جسد المواطن وتقضي عليه ، لا احد يتجرأ أن يرفّه عن نفسه حتى ولو قليل مثلاً بمشاهدة التلفزيون .. اخبار .. مسلسلات أفلام ، لأنها تعتبر مغامرة أن تحاول ممارسة الفنق والترفيه في ظروف صعبة كالتي نعيشها ! أنا قررت ان اغامر واتغلب على هذه المشكلة باستخدام الوسيلة الوحيدة الممكنة والمتاحة لي للقضاء على الضجر الذي يسكنني ، وهي استخدام الهاتف الجوال و الانترنت بقليل من طاقة البطارية ، رغم اني لست من هواة الدردشة والحديث الجماعي في أمور فاضية لا تغني ولا تسمن من جوع . ولكني اجد في النت ووسائل التواصل الاجتماعي فرصة للكتابة والنشر والقراءة والإطلاع على كل ماهو مفيد .
الهاتف الجوال هذا الجهاز العجيب الذي اخترعه الكُفار واتقنوا صنعه ، البعض يستعمله في أعمال الباطل وقلة الخير والفتن والنصب ، والبعض الآخر أصبح من أهم الأشياء في حياتهم . ولو عاش الشاعر العباسي أبو الطيب المتنبي الى عصرنا هذا لقال : خيرُ جليسٍ في الزمان جوال . بدلا من كلمة كتاب . وفعلاً الجوال أصبح لنا خير جليس وخير رفيق في هذا الزمان فهو الكتاب وهو القلم وهو السينما وهو الإذاعة والتلفزيون والبريد والصحيفة والمنبر الحر والوسيط التجاري والعين التي نشوف بها العالم .
انا كغيري من ملايين الناس أصبح الجوال شيء مهم جداً في حياتي خاصة انني اعيش وحيداً مع غياب زوجتي الغالية المسافرة إلى ابنتنا لمساعدتها في فترة ما بعد الولادة ورعاية الأطفال ، التواصل معها ومع كل الناس أصبح بالجوال .
اقضي معظم ساعات اليوم ممسكاً بالهاتف للرد على الرسائل التي استلمها والتواصل مع الاصدقاء وجمهور المتابعين لأعمالي ، وكذلك الاستماع للأغاني الطربية والموسيقى ومشاهدة الأفلام التي تروق لي ، ليس من ناحية القصة فقط ولكني استمتع بكل معالجات العمل وتفاصيله من روعة الإخراج واختيار مواقع التصوير وتكوين المشاهد والإضاءة ومعالجة الألوان والمؤثرات البصرية والسمعية والنقلات ومشاهد الأكشن المعمول بتقنيات حديثة عالية الجودة . كل هذه المتعة أجدها في الأفلام الحديثة التي تتناول مواضيع الإرهاب والمخدرات والجريمة والتجسس . لا أُخفيكم سرًّا انه بسبب الحر الشديد وتوقف الكهرباء يصيبني الملل من تلك الأفلام خاصة عندما أشعر أن الكثير من الأفكار تتكرر في بعضها كما ظننت ، ولهذا فكرت بضرورة التنويع في المشاهدة ، فهربت الى نستولوجيا الماضي الرومانسي الجميل ، لعلي اجد فيها ما يسليني ويمتعني ، اخترت أول فيلم من هذا النوع كان اسمه " رحلة النسيان " قصة حب يبدو انها جميلة ، لكني لم أتفاعل معه ، تركته وفتحت فيلم أخر من نفس النوع ولكن النتيجة لم تتغير ! أيقنت أن شيء جميل في داخلي ينزف .. الشعور بالفرح والسعادة والحق ، يذبح على منصات الكهرباء وارتفاع الاسعار وتفشي الفوضى والفساد في مجتمعنا المسالم المغلوب على أمره .. تأكدت أننا في خضم رحلة طويلة وشاقة لنسيان كل ما هو جميل وضروري في الحياة ، قد تمتد هذه الرحلة لسنوات طويلة .