كِتاباتنا لم تعد مجدية وماجدوى أن نكتب في ظل واقع سوّدته أدخنة البارود ، نكتب للذكرى فقط وللسلوان في تأبين هذا الوطن التعيس الذي فقد هويته ولعلها فرصة مناسبة للتأكيد على هذا وفي مثل هذا الوقت ، الذي باتت فيه التساؤلات تطرح بشكل صارخ حول غول النكبة التي يمر بها فالضرب صار واضحاً ولم يعد من تحت الحزام !
نحن مقبلون على صراع من أجل الوجود لا محالة ، وصراع وحرب من نوع آخر ، الشعب يريد أن يأكل قطعة خبز من أجل أن يعيش ، نوجّه هذا النداء إلى من ؟ أو ننتظر حتى تستعيد الخريطة إطارها المفقود ونثق بإن هناك دولة حقيقية قبل أن نقول تعازينا ياوطن !
لقد أسهم الانقلابيون الحوثيون في تدمير الدولة والشرعية المزعومة في مضاعفة الجرح ولم يكن كذلك كل ماضيهم أمجاداً وانتصارات وعدلاً فحسب ، بل كانت في مسيرتهم نقاط مظلمة بلغت حد التناحر ، صعوبة من بعدهم بالغة ولربما أخلاقية في إستعادة الدولة التي ضاعت !
لقد أصحبنا نتقبل مايمكن أن يكون خيالاً صرفاً على أنه واقع ملموس ولم نعد ندري أين الحقيقة من الوهم ، وخاصة بعد المذلة التي يتعرض لها المواطن وعدم قدرته على شراء مايسد به رمقه من شعير الخبز الذي أصبح من رابع المستحيلات ، في بلد أضاع سياسوه حكمته الشهيرة ، بالفطرة نقول هذا نظام وستفتكر الاجيال اللاحقة إن هذا هو النظام الذي ولد على وجوههم ، فلابد أن يصدقوه ويسيروا عليه ، كالعروسة التي يكيفها عريسها ليلة الدخلة كيف ما يشاء !
توقعت ومن مثلي كثير أن تكتب الحكومة استقالتها ، بعد إستحقار الشعب وخاصة في عدن ، فقد تعرض رغيف الخبز إلى النحافة والقص واللصق وبسعر جنوني إلى جانب عدم توفيره في بعض المخابز والحوانيت !
لاندري ماذا حدث لهذا الوطن ، وما الذي جعله يشعر بكل هذا الخوف كما نعتقد أحياناً من أن السياسة المعاصرة مؤامرة ضد قدرة الإنسان على الفهم ، لنصل في الأخير إلى إن اليمن السعيد دخل حلقة مفرقة من النهب الذي يقود إلى الفقر وديكتاتورية متعطشة للقمع وأصبح في النهاية بلداً لا يملكه أهله !