آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


رسالة أحمد علي عبدالله صالح للجنة العقوبات الدولية

الجمعة - 17 مايو 2024 - الساعة 09:07 ص

مصطفى المخلافي
بقلم: مصطفى المخلافي
- ارشيف الكاتب


لاشك بأن خطاب السفير أحمد علي عبدالله صالح، حمل الكثير من الرسائل الهامة التي تداولته الكثير من وسائل الإعلام اليمنية والعربية، حيث تضمنت الرسالة نقاط واضحة المعالم وخطوط عريضة لأهم الأحداث منذُ تسليم الشهيد علي عبدالله صالح للسلطة حتى يومنا هذا، خاصة أنه تطرق لمواضيع ونقاط لم يتطرق لها من قبل، وهذا ما ميز الخطاب الذي وصف بالخطاب السياسي البحت.

لقد تبنى السفير أحمد علي عبدالله صالح في خطابه هذا فلسفة المواطن اليمني الذي يرفض الظلم على نفسه ويقدس حقوقه المشروعة، بصفته أحد أهم الرموز الوطنية التي تستند عليها ذاكرة اليمني الأبدية، وبصفته أيضاً أحد أهم الشخصيات المعاصرة لأهم محطات اليمن السياسي، ولو لم تكن تعرف من هو أحمد علي عبدالله صالح، فإنك ستعرفه من أول سطر ستقرأه في خطابه هذا الذي لخص تاريخ الصراع في اليمن وفند الحقيقة متجاوزاً بذلك جميع خطاباته ورسائله السابقة، ولن يفهم خطابه هذا إلا من يُحسن اكتشاف اللؤلؤ تحت الرمال، لم أستغرب من كمية المصارحة والمكاشفة التي وردت في خطاب السفير أحمد، ابتسمت ابتسامة عريضة وقلت في سري شكراً أحمد علي عبدالله صالح الذي يزيد أحلامنا جمالاً، ويُنقعُ جفاف أرواحنا بالقطرات ليكسونا مزيد من الحياة والأمل والثقة.

قرأت رسالة السفير أحمد علي عبدالله صالح "للجنة العقوبات الدولية" وقد وجدت فيها الكثير من الألم وأنا أعيد قراءتها ثانية، ذلك لأنه تعرض لأبشع أنواع الظلم المتمثل بالعقوبات الكيدية، وهو في نظر ملايين اليمنيين صاحب أكبر قاعدة شعبية التي ناضلت من أجله وما زالت مستمرة في نضالها حتى رفع الظلم عنه.

ظهر أحمد علي عبدالله صالح في خطابه هذا مسكوناً بألم عظيم، ومغلفاً بحزن إنساني رقيق، لهذا السبب وجدنا في خطابه شوقاً عارماً للحرية، ولمسنا فيه حساسية بالغة تجاه وضعه السائد الغارق بالقهر والتعسف والظلم، ووجدنا خطابه ثورياً بكل ما تنطوي عليه الكلمة من أبعاد، حيث كانت خطاباته السابقة تحمل طابعاً ديمقراطياً وروحاً كسيرةً تجرُ الكثير من خيبات الأمل تجاه ما آلت إليه الأمور في اليمن، لقد عرى خطابه هذا الواقع المدقع والمغالطات التي تسوقها بعض وسائل الإعلام المعادية، بلا وجل أو رياء وبشجاعة نادرة.

خطاب يحمل النار المقدسة الطاهرة والتنوع في كشف الحقائق الوليدة التي قد تُزعج البعض قبل أن تصلها كإعصار جامح، وهو في نظري ونظر الملايين القائد والسياسي اليمني الذي دفع من دمهِ وألمهِ ثمن انحيازه للجمهورية اليمنية ورفضه ومعارضته واحتجاجه لتقسيم اليمن وتفتيته، ولا أقيس به في هذا الموضع إلا ثوار سبتمبر والشهيد علي عبدالله صالح في صدر الدولة اليمنية.

وللعودة لمضمون الخطاب، الذي تضمن مطالب قانونية ومشروعة وكشف حقائق وأورد معلومات هامة، إلا أنه تطرق بشكل مباشر للأطراف التي تُعيق عملية السلام دون أن يسميها، وحمل تساؤلات في نفس الوقت عن غياب عصا المجتمع الدولي تجاه من يُعرقل السلام ومن يقتل ويعبث بدماء اليمنيين.

كما تضمن الخطاب الحديث عن قوة وصلابة الحرس الجمهوري آنذاك والذي كان باستطاعته حسم المعركة على الأرض لصالحه بأقل الخسائر، رغم توفر لديه الحق في ردع من تآمروا على الوطن ونفذوا جريمتهم الإرهابية باستهداف رأس الدولة اليمنية بداخل مسجد دار الرئاسة، وغيرها من الجرائم الجنائية والإنسانية التي طالت مدنيين عزل، وهي إشارة إلى أن السفير أحمد علي عبدالله صالح وقوات الحرس الجمهوري جنحوا للسلم منذُ البداية واختاروا تجنب إراقة الدماء رغم قُبح الخصم الذي تمادى في جرائمه وفجر في خصومته.

والواقع يقول بأنه لا توجد أي مبررات لفرض عقوبات دولية على الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح ونجله لنتحدث أو نطالب برفع العقوبات الظالمة عنهم، وهو ما يؤكد علم المؤسسة الدولية بعدم أحقية فرض هذه العقوبات، خاصة وأن جميع الأطراف على الأرض ترتكب أبشع أنواع الجرائم الإنسانية والانتهاكات الحقوقية ولا تجد من يتحدث عنها أو يردعها.

لقد كان الخطاب بمثابة رصاصة الرحمة التي أطلقها السفير أحمد، على الأطراف التي سعت كيداً لفرض العقوبات عليه وعلى والده، خاصة وأنهم يملكون الحل والربط لرفع الظلم والجور عنه، إلا انهم مستمرون في سياسية إبقاء العقوبات التي ساهمت بشكل كبير في تعقيد الملف اليمني وخلط الأوراق وزيادة عُقد الفشل التي رافقت مسار المعركة واستعادة العاصمة صنعاء.

مر ما يُقارب العشر سنوات على فرض العقوبات الظالمة ولم نجد للحظة أي مسوغ قانوني لفرضها، إلا أنها كانت لدوافع سياسية بحته، الهدف منها إفراغ الدولة اليمنية والبلد من كوادرها النزيهة وقادتها الوطنيين.

لا يحتاج المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى براهين ومعطيات لإثبات صدق النوايا والحقائق الثابتة التي وردت في خطاب ورسالة السفير أحمد علي عبدالله صالح، بقدر ما يحتاج للنظر بجدية لمضمون الأسباب التي بنوا عليها تلك العقوبات، وكذلك النظر لملف العقوبات بضمير إنساني بحت بعيد عن أي تأثيرات سياسية، أو مصالح مشتركة، حينها فقط سيكتشف المجتمع الدولي ولجنة العقوبات الدولية انهم أخطأوا بحق السفير أحمد ومارسوا ضده وضد والده التضليل والكذب وتزييف الحقائق وفبركتها.

فما جاء في الخطاب كان جامع لكل تفاصيل الأحداث والوقائع والتبعات الناجمة عن فرض العقوبات، وجميعها كفيلة برد الاعتبار لهذه الأسرة التي طالها الظلم والتعسف والتشويه والتهكم دون أي سبب يُذكر، ولعل نبرة الحق والمصداقية التي تضمنها الخطاب يكفي لأن يقف ضمير العالم أمامها منحنياً خاضعاً للتكفير على ما اقترفوه من تجني بحق أشخاص لم يكن لهم أي علاقة بالأحداث التي تدور على الأرض.

لا أستطيع شرح تفاصيل خيوط المؤامرة، فما جاء في الخطاب كشف الكثير من منها، وجعل المستور مكشوفاً، ووضع النقاط على الحروف، ووضع الشرعية والإقليم والمجتمع الدولي أمام مسؤولية كبيرة وقانونية تقع على عاتقهم تجاه ملف حساس جداً، لو تم البت فيه وحله لما تكبدنا كل هذا الفشل والتعقيد الذي قادنا لتوسع الصراع في اليمن، ومزيد من الأزمات التي نحن في غنى عنها.

وعن أحمد علي عبدالله صالح :
فهو كما عهدناهُ دائماً، صلباً، حُراً، مترفعاً، أبياً، يقفُ في خطابهِ هذا كالطود تشمخ في العُلا إجلالاً، يضيقُ المكان عليه فيتسع القلب، شامخاً أمام كافة أشكال القهر والظلمِ الممنهج، ليعلن موعداً له في انتظارِ الحياة التي تنشد الحُرية وتأبى الأغلال.