آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


انتظروا ما يسد الرَّمق فحصدهم الموت .

الجمعة - 01 مارس 2024 - الساعة 05:16 م

حربي الصبيحي
بقلم: حربي الصبيحي
- ارشيف الكاتب



مشاهد تخلع الألباب ،  وتُدمي الأكباد ، وتُبكي الأفئدة ، وترسم تحت عوج الصدور أخاديد الألم ، وتنحت في أعماق النُّفوس أبشع صور الحسرة وعلامات الندم ، تلك التي تحدث فصولها الدَّامية كل يومٍ على مسرح الأرض العربية المستباحة "غزَّة"... مسابح من الدماء الزَّكية تجري بغزارةٍ على كل شبرٍ فيها مع دورة عقارب الساعة في كل يومٍ ، منابعها تلك المذابح البشعة والمجازر الجماعية الوحشية ، التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الأبرباء والمستضعفين فيها دونما اكتراث وبلا مبالاة .

وما يحز في النَّفوس قهراً وكمداً وغبناً إنَّ هذا الكيان الصهيوني الطفيلي المغروس في خاصرة الوطن العربي ، يبيد شعباً عربياً مُسلماً بكل فُحش وغِلظةٍ وقسوةٍ وهو يتوسَّد أحضان الأوطان العربية والإسلامية ، التي تُحيط به من كل الجهات إحاطة السِّوار بالمعصم ، لكنه رغم ذلك لا يلقي لها بالاً ولا يُقيم لها وزناً ولا يخشى ردود أفعالها مُطلقاً ، ليس هذا فحسب بل تجده ينتهك سيادة لبنان وسوريا والعراق متى شاء ، ويستطيع أن ينتهك سيادة البقية الباقية إذا ما أراد ، فهو لا يشعر منهم بأدنى مخافةٍ ولا تُخامره ذرَّة توجُّسٍ من تواجدهم حوله ، كونه قد خبر فيهم الجبن والذُّل والضَّعف والهوان ، وإلَّا لما كان يجرؤ على ارتكاب تلك المجازر الفظيعة بحق إخوانهم الأبرياء في غزَّة ، وهم عند أطراف أرجلهم ودماؤهم تلامس سرابيل قادتهم وتبلُّ تيجان حكامهم .

والأشد إيلاماً على النَّفس مشاهد تلك الجموع الغفيرة من الأطفال والنساء والرِّجال والشيوخ ، الذين أجبرتهم المِعد الخاوية على السباق والرَّكض خلف شاحنات الإغاثة التي تصل إليهم بالتقطير ، طمعاً في حصولهم على حُفنةٍ من طحينٍ لا تفي بالغرض ولا تشبع بطون أطفالهم ، وهي بالطبع مشاهد صادمة موجعة مذلَّة ومهينة يتلذذ ويستمتع بها العدو الصهيوني ليتم عبرها هتك كرامة الإنسان الفلسطيني عنوةً ، بعد  أجباره - باستخدام سياسة التجويع - على تنكيس هامته والإنحناء للباطل ، مقابل حصوله على صاع من طحينٍ مغموسٍ بالألم والدَّم .

مجزرة البطون الخاوية التي ارتكبها الصهاينة - مؤخراً - في دوار النابلسي ، وراح ضحيتها المئات من الجياع بين قتيلٍ وجريحٍ ؛ كانوا ينتظرون مايسد الرَّمق يجلبونه إلى ذويهم وأحبائهم ، فإذا بآلة الموت الصهيونية الحقيرة تحصدهم بالجملة ، فيعودون إلى أهاليهم محمولين على الأكتاف وعلى عربات الحمير ، مأساة ما قبلها ولا بعدها مأساة ، وجريمة بشعة لا يجيزها عقل ولا يقبل بها منطق ، وكأن كل الشرائع والقوانين قد أباحت لهذا الكيان أن يذبح ما يشتهي ويريد من رقاب الفلسطينين ، فمن العار والجبن أن تمر مجزرة البطون الخاوية مرور الكرام على الشىعوب العربية والإسلامية ،خاصةً وهي على مشارف استقبال الشَّهر الفضيل ، فهل تتداعى هذه الشعوب بالسَّهر والحمَّى مع مجزرة البطون الخاوية في غزَّة ؟!!.