آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


من ذكريات العمل والنشاط في الريف والمدينة..بعد عام 1967م

الإثنين - 19 فبراير 2024 - الساعة 12:20 م

جبران شمسان
بقلم: جبران شمسان
- ارشيف الكاتب



أستعدت شريط ذكرياتي اليوم في حقل التربيه والتعليم وخارجه منذ العام 1968م وخدمة 38 عام في التربيه والتعليم حينما بدأت زهرة شبابي في التدريس بالريف في منطقة حدودية جميله وحساسة في طور الباحه. اسم رنان وتصويري جميل للطبيعة والجغرافيا. كانت الرحلة 12 ساعة يومها من عدن الى ذلك الريف القريب (طور الباحه) .. واليوم هي ساعه ونصف او اقل. وصلنا منتصف الليل الى مدرسة افتُتِحَت ْ في اول عام دراسي بعد الاستقلال.. العام 1968/1969م وقد كانت الدراسة متوقفة في عدن والمدارس مغلقه طيلة العام 1967 آخر عام في حرب التحرير وهو عام الاستقلال. الأديب لطفي امان رحمه الله هو من سلمنا شهادة إكمال الثانويه باللغه الانجليزيه.

عند وصولي "إعدادية طور الباحه" وجدتُ المدرسين لم يناموا بعد في تلك الليله.. ومنهم من لايزالوا يكابدون الحياه الى اليوم ومنهم نشطاء على صفحات الفيسبوك حتى ساعتنا هذه وهو التربوي والكاتب والمترجم أ/ عبد الكريم سلام. وكانوا ينامون في قاعه كبرى ينتظر ان تقسم الى فصول دراسية فاقترحت عليهم فورا السكن في غرفة المدرسين الافضل حالا.. وقمنا بذلك. ثم استعنت بوجود كتيبة عسكرية لعمل سور شائك حول المدرسة لتحديدها و لصونها وقد كانت من دون سور وتمر السيارات والمشاة وبعض الحيوانات عبرها. وكانت المدرسة تحمل اسم "الشهيد نجيب" الذي لم تكن صورته معروفه للموجودين واللكثيرين.. كونه عاش واستشهد في عدن وأسرته من المديريه الجنوبيه/ لحج ومركزها طور الباحه. .. وقمت برسم
لوحة كبرى له علقت في مكتب الإدارة. . وبدأنا الدراسه والتدريس. كنا طاقم من عدن وغيرها. وكنا نستعين بماء الشرب من احدى الآبار العذبة يحمل الينا بواسطة حمار. ونستحم من ماء بئر قريبه. كانت طور الباحه محطة الالتقاء لقبائل جنوبية وشماليه كل سبت للتسوق, وكان الاسم الثاني للمنطقة الى جانب طور الباحه هو (سوق السبت). وهو حي تجاري لا هو بمدينه ولا هو
بقرية وتقع على مفرق اثنين من الأودية الشماليه يلتقيان تحتها. هما وادي المصلى ووادي معبق. يتحول الى وادي واحد هو (وادي الصمّيتة)يشق طريقة عبر صحراء الرجاع الى ان يصب في ساحل مدينة الشعب (وادي الحسوة). قمنا بأنشطة غير التدريس فقد أقمت صفا للثقافة العامة عصرا لمن أراد من الطلاب والمواطنين وجنود الكتيبة الذين كانوا مواظبين على الحضور يوميا وكانوا ينزلون من معسكرهم عزل من السلاح وبزي مدني موحد فانيلا بيضاء بكون قصير وسروال قصير ازرق حتى الركبة وبحركة رشيقة حيوية لاهي بالمشي ولا هي بالحرب ومع تحريك الايدي واستعداد للدخول .

ثم أخذت طلابي في رحلة الى جزيرة ميون التي كنت احلم بها. وكان من طلاب الاعدادية الشهيد ماجد مرشد سيف الذي صار ضابطا كبيرا ثم اغتيل في صنعا في 1993م. واذكر من طلابي ثلاثه أشقاء لياسين سعيد نعمان الذي كان لايزال طالبا يدرس في القاهرة فقد كانوا احد الامثلة في الادب والذكاء والهدوء. واذكر من طلابي الحيوي محمد شاهر يفوز (مدير عام المرور سابقا) واخرين وهذه الاسماء لازالت تراسلني من الخارج الى اليوم وكانت هناك مواهب عديدة للطلاب من مختلف مناطق المديرية الجنوبية وقراها الى جانب طلاب من وادي معبق الشمالي والمصلى الشماليه ولا يتسع المجال لذكر اسماء الجميع.. انهيت عامين في الريف وانتقلت الى عدن ووجدت نقصا في الكتب المدرسية في عدن وحصلت على الات سحب (مطابع صغيرة مستخدمة ورخيصه) منها مطبعة جبهة تحرير أرتيريا سابقا ومن محلات بيع الأثاث المستخدمة. وخلال عشرين عام قمت بطباعه وسحب مليونين ملزمة من مختلف المواد منها ما يختص باسلوب سين وجيم المصري والبريطاني لمختلف المواد ومنها الدروس الناقصه التي لم تتوفر لها مطبوعات وكتب مدرسية رسميه ومواد علميه. وركزت على مادتي العربيه والتاريخ ثم الانجليزيه لانها كانت موادي. وكنت اوزع المطبوعات على طلابي مجانا في أربعة من الصفوف سنويا لعشرين عام كل سنه حتى الثمانينات تصل الملزمة الى 32 صفحة. ولكل فصل دراسي من صفوفي المختص بها والصف الدراسي يضم خمسين طالبا.. بل وكنت أشجع الاوائل والمتفوقين من صفوفي وخارج صفوفي وآخذهم في رحلات مدرسيه على نفقتي الخاصه الى صيره والصهاريج وحديقة السلفي للحيوان بحي الشيخ عثمان بعدن وبساتين الحسيني بلحج دون تدخل الاداره في السبعينات. وكنت حريصا على اشباع طلابي بالمادة المقررة ثم أضيف لهم وقت التغطية او الفراغ ثقافة عامة. اما المطبوعات التي كنت اوزعها تجاريا على باقي الصفوف داخل وخارج المدرسة وبقية المدارس لمختلف المواد مستعينا ببعض المدرسين فكنت اودعها في المكتبات تصريفا في محافظة عدن وبقية المحافظات. وكنت ابيعها بسعر رمزي لاصحاب المكتبات وهو شلنان ولكن كان بعضهم جشعا ويبيعها باربعه شلنات ولا يستمع للنصح وبعضهم يبيعها بثلاثة عن قناعه. كان طلب المطبوعات من المهرة حتى حضرموت وأبين والضالع ويافع حتى وصل سعرها في الضالع وغيرها للأسف عبر سوق سوداء واستغلال حاجة الطالب إلى 12 شلن مع الاسف بينما كنت ابيعها بشلنين فقط للموزعين. . ولكن كان المهم هو تغطية النقص في المواد والكتب المدرسية وحاجة الطالب لخبرة المدرسين الذين اشتركوا معي واعتمدت عليهم في تبسيط المواد
العلميه وغيرها وتقريبها وتوفير النواقص. .

وهذا النشاط التربوي والتعليمي والتجاري ان صح التعبير لم يمنعني من ممارسة نشاط ادبي وثقافي ضمن اتحاد الادباء والكتاب وفي المجال الصحفي فقد نشرت القصيده والمقاله في الصحف والمجلات المحلية اليمنيه بدءا من العام 1973م حين كنت في الرابعه والعشرين من العمر. واستمر اهتمامي بذلك ونشاطي خمسين عاما. والحصيلة حتى الان: ديوان شعر وخمسة كتب تتناول تاريخ وأوجاع الوطن. وهي ديوان (أشهد يا وطن) وكتاب (الوطن فوق القبيله) وكتاب (لقمان رمز الوطن).. وكتاب (دور عدن في الثورتين) وكتاب (ابناء عدن من عملية خليفه حتى الإدارة الذاتية المنشودة). إضافة الى دراسة تاريخية إسلامية مخطوطة في دور القبائل اليمنية الأعظم في التاريخ الاسلامي.