آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


السلام يمر عبر فوهة البندقية

الإثنين - 18 ديسمبر 2023 - الساعة 07:13 ص

احمد بن شوبه
بقلم: احمد بن شوبه
- ارشيف الكاتب


على وقع المجازر في غزة التي ترتكبها آلة القتل الصهيونية ،هناك معركة أخرى تديرها القوى الكبرى فيما يسمى مجازا بمجلس الأمن ، حرب الفيتوات بين أمريكا وحلفائها الغربيين من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى ،دول خمس دائمة العضوية في مجلس الأمن يحق لها حق النقض(الفيتو) على اي قرار قد لايروق لها وبكل بساطة يُرمى هذا القرار في مزبلة المجلس ،ولو كان فيه حقنا لدماء الأبرياء وردع المعتدي ، سخافة واستخفاف لا مثيل لهما ، فالعالم اكبر من خمس دول تتحكم بمصيره ،كما قال الرئيس التركي اردوغان ، لكنها إفرازت الحرب العالمية الثانية التي فرضت هذا الواقع المرير للمنظومة الدولية المشلولة. 

كم مرة تجاوزت امريكا وروسيا قرارات مجلس الأمن وشنتا حروبا طاحنة راح ضحيتها الملايين من البشر وانهارت دول ،دون ان تحرك الامم المتحدة ومجلسها المشلول ساكنا ،لانها منظومة للأسف فقدت مصداقيتها وتتحكم بها هذه القوى الكبرى تحركها وتستخدمها فقط وتستخدم قرارت مجلس الأمن فيها للضغط على الدول الضعيفة فقط .

واليوم نرى إسرائيل تجاوزت كل الخطوط الحمراء في حربها وعدوانها على غزة ، والعالم اجمع بمنظماته الدولية صامتا صمت القبور ، بل ان احداث غزة كشفت عورة ما يسمى بالمجتمع الدولي الذي يمثله مجلس الأمن الدولي وفضحت الازدواجية الفجة في التعامل مع القضايا والأزمات الدولية ، ففي حرب روسيا على اوكرانيا رأينا هروع وزير الخارجية الأمريكي بلينكن ونظرائه الغربيين إلى مجلس الأمن مع أول قذيفة مدفعية روسية دوت في الأراضي الأكروانية ،وسمعنا محاضراته في المجلس عن ضرورة احترام الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ، ومع عدوان إسرائيل على غزة جلس بلينكن على نفس الكرسي في مجلس الأمن لكن هذه المرة ليس لدعوة إسرائيل لاحترام الشرعية الدولية ،بل لتأييدها في عدوانها ، ووقوف امريكا معها للدفاع عن نفسها كما زعم ،ضاربا بقرارت الشرعية ومجلس الأمن التي لطالما كانت تتغنى بها أمريكا عُرض الحائط ، كل ذلك يجعل من الضروري إعادة هيكلة هذه المنظومة  الدولية البالية والمشلولة عن اتخاذ أي قرار لصالح الاستقرار الدولي ، وأن يكون لأمينها العام القرار السيادي والقوي فيها بعيدا عن التبعية ،وإبداء القلق فقط كما هو حال أغلب من مر بهذا المنصب عند الأحداث الدولية..

وحتى ذلك الحين ستظل كلمة الفصل هي للبندقية ،ويجب ألا تراهن الشعوب المكلومة والمظلومة على هكذا منظمات والحالة هذه من الفشل والشلل.. 

يجب ان تستمر هذه الشعوب في النضال حتى تستعيد حقوقها المسلوبة، ولنا في قضايانا العربية عظة وأولها قضية فلسطين التي ضاعت في دهاليز الامم المتحدة ومجلس الأمن منذ 75 عاما، فلم تقدم لنا ولقضايانا هذه المنظومة ومجلسها الكسيح إلا المباعيث الدوليين فبمعوث لفلسطين واخر لسوريا ولليبيا ولليمن وللسودان وللعراق وللمغرب العربي ،ثم لاشيء تحقق سوى ذر الرماد على العيون واستثمار الدول الكبرى التي تدير هذه المنظومة لحالة اللا استقرار لصالحها ومشاريعها التوسعية.. 

على الشعب الفلسطيني ان يؤمن بالبندقية اولا وقبل كل شيء لاستعادة ارضه او جزءا منها ،قبل ان يتكئ على حائط مجتمع دولي مائل وبائس يرى أشلاء الاطفال والنساء ثم لايملك إلا التنديد ثم الصمت.. 

فالسلام والامن الحقيقي الذي ينشده الجميع لايأت من اروقة الهيئات الدولية الخانعة بل. يأت من فوهة البندقية هي التي تفرض السلام ، الشواهد على ذلك كثيرة في عصرنا إبتداءً من الحرب العالمية الأولى مروراً بالحرب العالمية الثانية وحرب الكوريتين وفيتنام ويوغسلافيا وافغانستان والعراق ونضالات الشعوب ضد المستعمر الغربي،وليس إنتهاءً بما يجري في غزة ،فالنصر حليف المقاوم وصاحب الأرض ، والمستعمر لابد له من الرحيل..