آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


العقيد/ ناشر محمد علي الصبيحي في سطور .

السبت - 02 سبتمبر 2023 - الساعة 01:55 م

حربي الصبيحي
بقلم: حربي الصبيحي
- ارشيف الكاتب


انظم العقيد ناشر محمد علي إلى القوات المسلحة الجنوبية في بداية تأسيس جيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية،في أوائل سبعينيات القرن الماضي،عقب استقلال الجنوب من الاستعمار البريطاني مباشرةً،وكان من ضمن أفراد أول محور في كرش يقودة الرائد محمد ناصر اللخبة فيما كان  الشهيد علي ناصر هادي وقتها أركان حرب المحور برتبة ملازم أول والرئيس عبد ربه منصور هادي أركان المحور لشئون الأمداد والتموين برتبة نقيب قبل أن يصبح قائداً للمحور فيما بعد، والقادة الثلاثة هم من أبناء محافظة أبين البطلة .

كُلِف من قبل قيادة المحور بتجميع من هم في سن الدراسة في قريته محصوص التي كان مقر قيادة المحور في أعلاها،وبالفعل تم تجميعهم وكان عددهم ستة عشر ونصبت لهم خيمةً وساريةً عليها علم الجنوب،وافتتح النقيب عبد ربه منصور هادي الدراسة فيها في 19 فبراير عام 1973م،وكُلِّف الجندي ناشر محمد علي بتدريس الصف، وأول درس نفذه في الفصل  من كتاب القراءة كان عنوانه: أسد...لمس...ولد ...رسم.

سمع أبناء البدو الرحَّل والفلاحين والفقراء في قرى كرش وبعض قرى المسيمير عن هذا الصف وإن الدراسة ولوازمها على نفقت القوات المسلحة،فيمموا نحوه ونُصبت خيمتان لاستيعابهم،لكن العدد تزايد بشكلٍ كبيرٍ جداً مما أُضطر الأمر نقل الطلاب إلى عاصمة المركز كرش،وهناك تم دمجها مع مدرسة مدنية بفصولٍ ثلاثةٍ،وسُميت بمدرسة الشهيد/ عبده عبدالله قُميح، كواحدةٍ من مدارس أبناء البدو الرحَّل التابعة لدائرة مدارس أبناء البدو الرحِّل (إحدى شعب القوات المسلحة الجنوبية وقتذاك)، وأصبح العقيد/ناشر محمد علي- من ذلك الحين - مديراً عسكرياً لها،وتم إستحداث مبنى جديد للمدرسة أسفل من كرش،وبفضل تفاني هذا المدير تم تطويرها إلى أن أصبحت مدرسة متكاملة؛ أساسية،إعدادية،ثانوية،ضمَّت في أكنافها طلاباً من نواحي  شطري اليمن.

في بداية الوحدة تم نقل مقر دائرة المدارس إلى العاصمة صنعاء وعُين وقتها العقيد/ ناشر مديراً لشعبة التدريب فيها،وبعد حرب صيف 1994م،حصل له ما حصل لضباط الجيش الجنوبي وأُحيل للتقاعد القسري،وقدحصلت له مشاكل في القلب على إثرها طلع إلى صنعاء لغرض العلاج وهناك رُكِبت له قسطرةً،ومن محاسن الصُّدف أنَّ من ركَّبها له دكتور من أبناء الشمال،كان واحداً من طلاب مدرسة الشهيد قميح .

كان من ضمن قائمة الضباط الجنوبيين الذين أعاد الرئيس عبد ربة منصور ترتيب أوضاعهم فوق العمل،وبعد دحر الحوثيين من الجنوب ذهب إلى معسكر سباء في البريقاء في مهمة خاصة به ولترتيب وضعه،وفي أثناء عودته إلى مدينة البريقاء راكباً دراجةٍ ناريةٍ صادف خروج موكب القائد الشهيد/ منير اليافعي(أبو اليمامة) من معسكره في الجلاء مارَّاً نحو البريقاء عرف العقيد ناشر وهو على ظهر الدراجة فأوقف موكبة وترجَّل مسرعاً نحوه فانتشرت الحراسة ظانين إنَّ في الأمر شيئ، ولكنهم تفاجأوا عندما رأوا قائدهم منكباً يقبل رأسه، فاقتربوا نحوه فقال لهم الشهيد أبو اليمامة: لم يكن هذا الرَّجل أباً لي وحدي بل كان أباً لآلاف الطلاب الذين تخرَّجوا على يديه  من مدرسة الشهيد قميح،أراد حينها أن يحمله معه في الطقم لكنه أصر على أن يمضي راكباً على الدراجة .

ونظراً لدماثة أخلاقه ورجاحة عقله وقدرته على تحمُّل المهام في الأوقات الصعبة عُيِّن مدير أمن كرش/القبيطة،وإلى هذه اللحظة يشغل المنصب محافظاً على توازن وهدوء واستقرار المديرية البالغ عدد سكانها أكثر من مائة ألف نسمة، لا يستطيع غيره القيام بهذه المُهمَّة في هذه الظروف الإستثنائية المعروفة.

هذه سطور مختصرة من حياة العقيد/ناشر محمد علي،وإذا أردنا التفصيل لاحتجنا إلى كتاب مُتكامل،وعلى المرء أن يتخيَّل مقدار عطائه لزمنٍ يمتد ما بين أوائل سبعينيات القرن الماضي حتى اليوم ونحن ندلف على مشارف العام 2023م،العقيد ناشر محمد علي قامة وطنية سامقة،مشهود له بالنزاهة ونظافة اليد والأخلاق الرفيعة،لم يكتسب من قفا هذه المسيرة الطويلة فيللاً ولا استثماراتٍ ولا أرصدةً في البنوك ولا بُحصٍ في عدن أو لحج أو في أي مكانٍ آخرٍ، وكل ما أكتسبه منها هو محبة الناس واحترامهم،وهذا هو المكسب الحقيقي للشرفاء في الحياة .