آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:03ص


من قلعة صيرة

الجمعة - 04 أغسطس 2023 - الساعة 05:08 م

حسام الحاتمي
بقلم: حسام الحاتمي
- ارشيف الكاتب


١-عدن التي أحب، ما زالت رائحتها القديمة ترحب بكل الناس. لا زال الناس في الداخل يحتونك ويرحبون بك بكل حب. ولا زال الجميع طيبون جداً برغم ضراوة محاولات تكريس كراهية كل ما هو شمالي ومحاربته، من قبل بعض النخب. بوقة الإعلام شيء وداخلها شيء آخر تماماً.

٢-لا تزال كما زرتها وأقمت فيها لشهور قبل عشرة أعوام. لم تتغير ملامحها كثيراً. وكان من المفترض أن تتغير، وتزين وتبدو أبهى وأبهر. لكونها العاصمة المؤقتة لليمن،. إلا أن كل هولاء انشغلوا بالصيد والقات السمين. ونسوا بندر عدن والعدنيين. لقد صارت بلادنا كلها منسية.

٣- مالذي يمنع من إعادة تفعيلها كسوق تجاري عالمي حر؟  لماذا لا يعاد صياغة شكلها من جديد وتطوير معالمها وأماكنها، وخلق أشياء جمالية ترفيهية وسياحية حديثة، وترتيب وضع الأسواق الشعبية المختلفة، والكثير من الأشياء والأماكن بحاجة إلى الكثير من المسؤولية والإخلاص. أين السلطات المتراكمة والمتعاقبة فيها من كل ذلك؟

٤-كان صالح ما قبل ٢٠١١م، قد ركز عليها، إذ كانت تشهد في تلك فترة حالة نهضوية استثمارية ومعمارية رهيبة، وإن كان ذلك لحساب النافذين. إلا أنه بالأخير يعود لصالح ألق  المدينة وحيويتها. مدن كانت تُشَّيد في مختلف المديريات وعمران في كل شارع، وملاعب.. وفندق القصر العملاق في البريقة، الذي غدى الآن سكناً للشياطين. حسب وصف الأهالي. لا شيء من ذلك الآن، يمكن أن يلفت انتباه الزائرين. حتى الحفر في الخطوط الرئيسية، لم تخجلهم.

٥-أسواق القات مكتظة اكتظاظ خانق بالباعة والمشترين. وأسواق قات جديدة تُستحدث.

٦-مر بنا بائع صحف. استوقفته. أخذت صحيفتين(عدن الغد، والأيام). طالعت عناوينهما ثم رددتهما إليه. في مدينة تعز ومنذُ عدة سنوات لم أعد أشاهد بائعي صحف ولا كشكات لبيعها. عدن لا تزال  تبيع الصحف، عدن لا تزال تقرأ، تتمسك بعادة الناس القديمة. برغم سطوة التكنولوجيا.  الصحف تُشعر الناس بالثورة والآمان. ولقصة ذلك بقية..

٧-  المسلحون ببزاتهم العسكرية في أماكنهم، لا في الشوارع أو الأسواق.. وأمن المدينة مستتب. الجميل في إن ذلك؛
ثقافة ووعي جمعي أكثر منه ضبط قانوني. إضافة لذلك هناك احترازات أمنية مكثفة. بخلاف ذات الأمر في مدينة تعز التي غدى فيها التجول بالسلاح ظاهرة طبيعية. والمقارنة هنا تختلف باختلاف تأثير المدينتين من الحرب ودواعيها. إن العودة إلى الأوضاع السليمة والراقية يحتاج إلى وعي ذاتي قبل كل شيء.

٨- شبكة الاتصالات "يمن موبايل" سيئة للغاية. وهي واحدة من المعضلات التي لا تثير اهتمام السلطات. شركة سبأفون كانت قد حاولت نقل مقرها، فأُفشلت في مهدها، ولم يعاد النظر في أمرها، برغم لما لذلك من أهمية حيوية استثمارية واقتصادية تعودان بالنفع للمدينة وسكانها. أيضًا، "عدن نت"كان يتحدث عنها بن دغر أثناء إعدادها كمشروع عملاق سيغير مسار ومستقبل الاتصالات باليمن مواكباً الدول المتقدمة في هذا المجال. ولا ندري كيف لهذا التمخض الكبير أن ينجب فأراً أجرب؟

٩- وأخيراً، قد يكون هناك ملاحظات أخرى، جملية أو سيئة ولم أذكرها هنا. كمعضلة الكهرباء التي تأرق المواطنيين، وطريقة معالجتها الترقيعة من قبل السلطات. وهكذا ستجد دولتنا تفتقر إلى الرؤى الاستراتيجية في حل  أصغر أو أكبر معضلاتنا.. وكأنها لا تنوي بعد إصلاح هذه البلاد.. لقد كتبتُ هذه المشاهدات عن الأماكن والأشياء التي زرتها ولامستُ واقعها. حسب طبيعة الزيارة القصيرة جداً، يومين. إن هذه الملاحظات، لا تعبر بصورة شاملة وكاملة أو عامة عن طبيعة الوضع هناك، ولكنها تقول شيء عن عدن جدير بالاهتمام والذكر.