آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


تأثير الوديعة السعودية على أسعار العملات

الثلاثاء - 21 فبراير 2023 - الساعة 10:15 م

ناصر المشارع
بقلم: ناصر المشارع
- ارشيف الكاتب


هبوط أسعار العملات الأجنبية مقابل العملة المحلية بهذا الشكل المتسارع، بمجرد الحديث عن وديعة سعودية في حساب البنك المركزي، فيها نوع من سرقة مدخرات المواطنين من النقد الأجنبي من قبل البنوك التجارية وشركات الصرافة، يساعد على ذلك الإعلام الذي يحاول خلق حالة من الهلع لدى الشارع، للإسراع في بيع ما لديهم من مدخرات من النقد الأجنبي وبهذا يكون الهبوط إضافة إلى أخبار الوديعة من نافذة العرض والطلب، بما معناه أن الاعلام مساهم في ذلك.

السؤال لماذا الإعلام والترويج للوديعة، وكأنها العصاء السحرية لأنفاذ الاقتصاد المنهار؟

من وجهة نظري أن السعودية قد حققت جزء كبير من أهدافها الغير معلنة في اليمن عسكريا، وطول أمد الحرب لم يعد مجديا، لذا تضغط من خلال الزاوية الاقتصادية لتحقيق بقية أهدافها عن طريق الحوار. 

وكما هو معروف هناك  حوارات تسير بوتيرة عالية، بين السعودية والحوثيين، برعاية عمانية، ولا شك أنه قد تم التوصل  إلى تفاهمات مهمة،، ولأن  الوضع الاقتصادي يؤرق كل القوى على اختلافها، يبقى أول الملفات المطروحة، لهذا تسعى  السعودية لإحداث تأثير اقتصادي ملموس من خلال وديعة تعتبر بسيطة جدا، مقارنة مع الانهيار الاقتصادي الحاصل الناتج عن  تداعيات ما خلفته الحرب ، وعليه  عملت على التنسيق لإحداث ضجة إعلامية، حتى يكون  أثر الوديعة ملموس من خلال مساهمة المواطنين في بيع مدخراتهم لزيادة المعروض من  النقد الأجنبي، وإحجام شركات الصرافة عن المضاربة بالعملة متأثرة بأخبار الوديعة وهنا يحصل الهبوط المتسارع، وذلك يحسن وضع السعودية  على الطاولة أكثر. ويحظى أي تقارب قد يتم بقبول شعبي ضاغط لصالح المملكة لأن الودائع لا تحدث هذا الهبوط حتى في دول مستقرة تعرضت لأزمات اقتصادية منها جمهورية مصر العربية على سبيل المثال. 

لهذا بقدر التفاؤل، ندرك أن هذا التحسن مؤقت وسيعاود الارتفاع مجددا مالم تكن هناك سياسات حكومية واتفاق سياسي يكون الاقليم. طرفا فيه ويفضي الى:

_ تحييد الملف الاقتصادي عن الحرب بداية من توحيد السياسات النقدية بين بنكي عدن وصنعاء.

_مراجعة الإستيراد وحصره في الأساسيات، ومنع استيراد السلع الغير ضرورية بما فيها السيارات، كذلك تنظيم الطلب على العملة من قبل التجار المستوردين، والخ...

_تصدير النفط وتشغيل مصافي عدن لتغذية السوق المحلية بالمحروقات.

_تخفيف نفقات الحكومة وتخفيض السلك الدبلوماسي في الخارج ودمج بعض الوزارات مع أخرى. 

_مكافحة الفساد في الحكومة من خلال إعادة هيكلة الجهاز ألمركزي للرقابة والمحاسبة وتفعيل دوره. 

_إعادة فتح حسابات المؤسسات الحكومية لدى البنك المركزي وإغلاق حساباتها لدى شركات الصرافة.

_تفعيل قطاع الرقابة في البنك المركزي للقيام بواجبه في متابعة نشاط البنوك التجارية وشركات الصرافة وتحديد السقوفات المالية من النقد المحلي في خزائنها لمنع المضاربة بالعملة، وهذا لن يتم قبل إلزام البنوك التجارية والشركات الكبيرة ينقل مراكزها الى عدن.

_إجراءات أخرى ربما قد يتناولها بتفصيل أكثر، فقهاء الاقتصاد والمهتمين بالشأن الاقتصادي من ذوي العلاقة المباشرة بذلك الملف، ممن تتوفر لديهم المعلومات الكافية بحكم مواقعهم وقربهم من دوائر صناعة القرار.

وأخيرا أود التنويه إلى أن طرحي هذا لا يعني التشاؤم وفقدان الأمل بأي تحسن قد يطرأ على الملف الاقتصادي لكنني أدرك جيدا أن الحرب لا تقتصر على الجانب العسكري فقط، بل أن لها أدوات لاتقل فتكا عن الأدوات العسكرية، لهذا لإمكان للاستقرار الاقتصادي طالما والحرب قائمة دون أفق واضح لنهايتها.