آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


عن الباص المحروق وسيول تهامة

الثلاثاء - 28 يوليه 2020 - الساعة 11:04 م

حسين الوادعي
بقلم: حسين الوادعي
- ارشيف الكاتب


 

                                                                        ............

في كتابهما "اقتصاد الفقراء" لفت الحائزان على جائزة نوبل للاقتصاد (ابهجيت بانرجي، واستر دفلو) نظرنا إلى حقيقة مهمة فيما بتعلق بتفاعل الجماهير مع القضايا الانسانية.

في تجربة مهمة تم إعطاء مجموعتين منفصلتين من الطلبة قصتين.. القصة الأولى عن تعرض 3 ملايين طفل في دولة مالي لخطر المجاعة بسبب الفيضانات. والقصة الثانية عن تعرض طفلة واحدة فقط من مالي (رقيه، 7 سنوات) لخطر المجاعة بسبب نفس الفيضانات.

وعندما طلبوا من المجموعتين التبرع لضحايا القصة التي قرؤوها كانت المفاجأة أن التبرعات من أجل إغاثة الطفلة رقية كانت أكبر من التبرعات لإنقاذ الثلاثة ملايين طفل!

والتفسير بسيط جدا..

عندما تطلب من شخص ان يتبرع لثلاثه ملايين طفل فإنه سيحس انه تبرعه قليل ولا قيمة له ولن يساهم في حل مشكلة معقدة كهذه. المشكلة كما عرضت عليه صخمة جدا وأكبر من قدراته، لهذا يفقد الدافع للتبرع.

 لكن عندما تطلب منه التبرع لشخص واحد فانه سيحس بقيمة المبلغ الذي يتبرع به وبسهولة حل المشكلة.

هذا يفسر حجم التفاعل الجماهيري الواسع لمساعدة صاحب الباص المحروق في صنعاء، بينما تجاهل نفس الرأي العام آلافاً على حافة الجوع والمجاعة. فحل مشكلة شخص واحد سهل ومغرٍ. أما حل مشكلة منطقه أو مدينة ففوق طاقتهم كما يظنون.

لكن هذا غير صحيح..

 فإن ملايين الدولارات التي تجمعها المنظمات الخيرية العالمية تأتي من تبرعات بسيطة لأفراد (5 دولار، 10 دولار، ملابس مستعملة... الخ)... تتجمع التبرعات الصغيرة لتصبح سيلا من المساعدات. 

وهذا هو السبب الذي جعل العاملين في مجال المساعدات يركزون على "أنسنة" القضايا الاغاثية، وتقديمها من خلال أشخاص تأثرت حياتهم سلبا بسببها، بدلا من التركيز على الأرقام.

تحتاج كارثة السيول في تهامه إلى عمل إنساني منظم، وإلى عمل اعلامي يقدم الكارثة من خلال قصص أطفال وأشخاص دمرت حياتهم بسببها.

وبما ان الشيء بالشيء يذكر... يمكنا تفسير الغضب الجامح ضد المنشور العنصري لسهى المصري. فهى كررت نفس ادعاءات جماعة الاصطفاء الإلهي. لكن تلك الجماعة كيان ضخم له سلاحه وجهازه القمعي ويحس الناس بضعف قدراتهم في مواجهته. لهذا لا يحسون بجدوى كبيرة لأي حملة موجهة ضده.

لكنهم فجأة وجدوا هدفا سهلا يمكن التغلب عليه،شخص وحيد قام بخطأ اثار حساسية مكبوتة، وقادوا حملة حققوا من خلالها انتصارا وهميا يغني ولو مؤقتا عن الانتصار الأهم ضد عنصرية الجماعة المسلحة.

بالعودة إلى موضوعنا...

لنركز على قصص الناس في تهامه.. واتمنى من القريبين من موقع الحدث إرسال القصص الإنسانية القادرة على تحريك الرأي العام واعطائه الإحساس بقدرته على المساعدة والتأثير.

 

#اغيثوا_تهامه