آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


زبالة العقول

الجمعة - 07 يونيو 2019 - الساعة 08:04 م

احمد بن شوبه
بقلم: احمد بن شوبه
- ارشيف الكاتب


صُدم المجتمع العدني الحي بواقعة وفاة عامل النظافة نجدي حسن نتيجة شدة الارهاق بعد يوم شاق في تنظيف ازقة وشوارع الشيخ عثمان .

طبعاً لا اعتراض على قدر الله وامره لكن وفاته تحت ضغط العمل الرهيب ثم طريقة تشييعه بسيارة القمامة وعدم التفات مسؤولي السلطة المحلية كل ذلك اثار قضية الحقوق المنسية لهذه الفئة وسلّط الضوء على الجانب المظلم الرازح تحته العاملين في مجال النظافة وغالبيتهم من المهمشين( الاخدام) وهذا عامل اخر من عوامل الظلم والتهميش الذي يُمارس على هذه الفئة.

 

المهمشون ونجدي واحد منهم يتعرضون لأبشع صور العنصرية المجتمعية السائدة في اليمن عموما وعدن خصوصاً بل وتعاني منها حتى المجتمعات المتقدمة في مجال الحرية.

 لو لم يكن نجدي وغيره مُهمّشاً او عامل نظافة وكان من اصحاب الجذور القبلية او ذا لون ابيض لما كان التعامل معه حياً وميتاً كما رأينا.

انه انسان بسيط يقوم بخدمة جليلة وراقية يريد بالقيام بها ان يعكس الوجه الراقي والحضاري لعدن التاريخ والثقافة.

مهنة النظافة من ارقى المهن ومن اهمها لا كما يعتقده البعض بانها مهنة ( الاخدام) كما يسميهم بعنصريته البغيضة كيف لاتكون كذالك وهي ثقافة تُدرّس في بعض المجتمعات المتقدمة على انها مسؤولية المجتمع ككل لا عامل النظافة وحسب بل وجُعل التنظيف نوع من العقوبة في بلد مثل الولايات المتحدة فمن يرتكب مخالفة ويرمي مخلفاته في غير الموضع المخصص له فعقوبته تنظيف الشارع الذي يسكن به اسبوعاً كاملاً كل ذلك لغرس ثقافة النظافة في وعي المجتمع.

وقبل ذلك الاسلام اهتم بالنظافة وحث عليها لا النظافة الشخصية وحسب بل وحتى النظافة العامة والمجتمعية ففي الحديث:" نظفوا افنية بيوتكم ..." وفي حديث اخر:" ان رجلاً دخل الجنة لانه رفع غصن شوك من طريق المسلمين" الى غير ذلك من الاحاديث التي تحث المسلم على ان يكون عامل نظافة في اهله و مجتمعه

وليس الحث فقط على النظافة هو ما جاء به الاسلام بل كرّم الذين يقومون بهذه المهنة العظيمة

فهذه امراة سوداء كانت تنظف مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن احد يأبه لها فماتت في ليلة من الليالي فصلى عليها بعض الصحابة ودفنوها ليلاً ولم يخبروا النبي صلى الله عليه وسلم ففقدها النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عنها فاخبروه الخبر فغضب وقال: هلّا اخبرتموني فذهب من فوره مع اصحابه ووقف على قبرها وصلّى عليها.

 

هذه اروع المواقف في تقدير النبي صلى الله عليه وسلم واحترامه لمن يقدمون خدماتهم للمجتمع المسلم .

مات نجدي ولُملِمة جنازته على عجل كتلك المرأة التي شاركها المهنة واللون لكن تلك المراة حظيت بتكريم لا يُضاهيه تكريم من سيد الخلق صلى الله عليه وسلم بأن صلّى على قبرها

ونحن لا نطالب ساكني بروج العاج من مسؤولي السلطة المحلية بأن يُتعبوا انفسهم لحضور جنازات هؤلاء المطحونين مع انه اقل واجب يقع على عاتقهم لكن نطالبهم بأن ينصفوا هذه الفئة العاملة خصوصا والمهمشين عموماً فهم بشر لهم ما لنا وعليهم ما علينا لا فرق بيننا الا بالتقوى والاخلاص في العمل.

فهم اهل النظافة ونحن اهل الزبالة .

هذه هي الحقيقة لذا لما دقّ عامل النظافة باب احد البيوت قال الولد لأبيه: جاء صاحب الزبالة فقال الاب: يا ولدي نحن اصحاب الزبالة وهو صاحب النظافة .

لكن هناك اصحاب زبالة عندهم زبالة من نوع آخر هي زبالة العقول وتحتاج لتنظيفها عامل نظافة ايضاً من نوع آخر وهو الوعي .