شيماء باسيد
الإهداء : للعاشقين الذين ألهما الحب "هدى وعرفات"
يرى فلاسفة الحب ومنظروه بأنه يجب أن يكون حبا مستحيلا وموجعا جدا ليتخلد للأبد , على الألم ان يتجاوز حدود طاقتنا كبشر ليصنع منا المعجزة , بين السعادة التي ينشدها العشاق و "السعادة" الأغنية الرائعة والخالدة للفنان الكبير والجميل " محمد عبده زيدي" قصة شكلت هويتنا وذاكرتنا العاطفية فمن منا لم يسمعها ؟ أو يدندن بها في خلوته , أو سرح بذكريات عشقه طويلا وهو يتلذذ بكلماتها البسيطة .. العميقة ولحنها الفريد.
كبرنا نحلم بالحب ..وهرمنا مبكرا بسببه , صنعت منا هذه الأرض قلوبا شجاعة تنهزم مرارا وتكرارا يوجعها الحب كثيرا وتخذلها كل أحلامه لكنا ما نلبث أن نتشبه بأرضنا التي لاتقل شجاعة منا فقد هزمتها مبكرا عاطفتها الساذجة وما لبثت أن تعاود شموخها من جديد , تصنع ذاكرة عشق جديدة ..تكفيها الخيبات السابقة عليها الان أن تكون أكثر حذرا ويقظة وذكاء , يذهب البعض بقولهم : وكيف يغدو الحب حذرا ويقظا , أليس هو مكمن "الجنون " ومنبعه !
" محمد عبده زيدي" وعبر مسيرته الفنية الخالدة صنع للشعب ذاكرة " عاطفية" وفنية لا يمكن أن تموت ! يكفيك أن تسمع رائعته " السعادة" لتدرك كم أنت عاشق وإن خلت حياتك من إمراءة ما , يتلبسك عشق ٌ جارف حتى أخمص قدميك لمعشوقة غائبة – حاضرة قد تغدو " إمراءة " , "الأرض " , "الحلم بالإنعتاق من واقع يثقلنا دوما بالجراح ". "من جبل شمسان نبني للمحبين فيه مصيف" هكذا يثير "زيدي" في نفوسنا الحنين "لشمسان" , "لعدن" , لزمن لا يغدو الحب فيه عارا وخطيئة .
كبرنا في الجنوب " الأرض الطيبة" ونحن "جيل الوحدة" بالذات نخاف من كل من يتربص ليسلبنا ذاكرتنا وتراثنا وحتى حقوقنا العادية جدا أن نحيا بحب و "سعادة" أو أن نحفظ للأجيال القادمة " ذكريات" يقتاتوها كل يوم وهم يقولون " يا له من زمن جميل عاشه أبائنا" مثلما نحن اليوم نقول ذات العبارة للزمن الذي عاش فيه أبائنا ..ذلك الخوف نقيض الحب وللقضاء عليه علينا أن نثري أرواحنا اليوم بالمزيد منه " الحب" بالمزيد من " زيدي" , ننهل من وقت لأخر من " السعادة" سعادته , تعاسته , القصة المؤلمة جدا التي عصفت بمسيرته الشخصية وأضافت عبقرية فنية خالدة جدا على مسيرته وعطائه الفني .
ومما تناقلته الأجيال من ذاكرة العشق وحكايات الفن في عدن بأن الفنان " زيدي" أحب فتاة واحبته لكن رفض أهلها السماح له بالإرتباط بها , عاشا معا حبا وألما جارفا إلا أن صبت هي على نفسها جالون من الجاز وماتت محترقة ليبقى هو بعدها في حزن عميق ووممتد , ذلك النوع من الحزن الذي يهديك ابشع ما عنده لتصنع أنت منه أفضل ما لديك ! تبدو القصة السابقة وإن لم يتأكد البعض من حقيقتها , ينفيها هذا ويؤكدها الآخر ويضيف لها البعض قصصا وحبكات , نحن نميل دوما إلى تصديق قصص الألم والبؤس ذلك يلامسنا بعمق , يضيف الألم رغم بشاعته نوعا غريبا من المتعة يدركها جدا أشخاص أنتهجوا مسار حياة " متجاوزين" لالامهم كأمثال فنانا " زيدي" وأمثاله الكثيرون على هذه الأرض التي تبدو لي أيضا أنها ترغب وبشده أن تتجاوز ألامها وخيباتها كأبنائها تماما .
الأرض "عدن" لها "السعادة" دوما وأبدا وهاهي تتمنى من أبنائها أن يؤمنوا بأنفسهم كثيرا في زمن الزيف وأن يحبوا بعضهم البعض كثيرا في زمن الكراهية وأن يغنوا كثيرا " نستطيع نزرع ورود ..حتى في فصل الخريف" فلعل الورود تغطيها يوما ما وتمحي من على ملامحها المتعبة ذكريات شتائها القارس والطويل .
أبدع " زيدي" في هذه الأغنية لحنا وغناء مثلما أبدع فيها الشاعر " مصطفى الخضر" ابياتا وقصيد .
((السعادة))
السعادة ذقتها في قربك انتي
والحنان والعطف والأفراح انتي
حتى أمسي وعذابي
كله باتمحيه انتي
يا حياة أمسي ويومي
ياحياة بكرة وبعده
ياحياة العمركله
يا حياتي وياحياتي
فين كنتي من زمان ليش ماعرفتك
كيف قضيت عمري عذاب ياريت شفتك
بس ايش ينفع ياريتنا كنت و ريتك
ذي الحياة امامنا عاده فيها كثير
ياروحي انا بانسيك همومك وانت باتداوي جروحي
يا حياة أمسي ويومي .. ياحياة بكرة وبعده
ياحياة العمركله .. يا حياتي ويا حياتي
بالحنان بالحب وحده والوداد..
بالتقارب بيننا مش بالعناد
بالتفاهم مش بنيران البعاد
نستطيع نزرع ورود ..حتى في فصل الخريف
من جبل شمسان نبني للمحبين فيه مصيف
يا حياة أمسي ويومي ..ياحياة بكرة وبعده
ياحياة العمركله ..يا حياتي وياحياتي
يا الله نبني بالمحبة ...دنيا حلوة
دنيا ما فيهاش عذاب ..ولا فيها قسوة
دنيا ايامها طرب ..لياليها غنوة
غنوة حلوة ..غنوة عنوانها الوفاء
غنوة تمسح كل دمعة ..من عيون الأشقياء