آخر تحديث :الثلاثاء-01 أكتوبر 2024-09:22ص
ملفات وتحقيقات

من مذكرات الإرياني: هكذا تم نقله إلى سجن الشبكة بتعز (18)

السبت - 26 فبراير 2022 - 04:35 م بتوقيت عدن

من مذكرات الإرياني: هكذا تم نقله إلى سجن الشبكة بتعز (18)

عدن((عدن الغد)) خاص:

إعداد / د. الخضر عبدالله :

( عدن الغد) أول صحيفة يمنية تنفرد بنشر أهم المحطات التاريخية لرئيس دولة الجمهورية اليمنية العربية آنذاك في شمال اليمن قبل توحيد اليمن إلى وحدة يمينة .. هو الرئيس اليمني عبدالرحمن  الأرياني  فهو سياسي وشاعر وأحد علماء الشريعة وقضاتها في اليمن، شارك في مراحل النضال الوطني ضد "حكم الإمامة" المَلكي، وهو ثاني رئيس وأول مدني حكَم الشطر الشمالي من البلاد بعد الإطاحة بالحكم الإمامي 1962، وأول رئيس عربي يقدم استقالته إلى مجلس شورى منتخب.

وعبر (عدن الغد ) نسرد شيئاً من حياته , والظروف التي فرضت العمل النضالي، والصعوبات التي تعرض لها الإرياني ومن معه في رحلة الثورة والنضال، وأساليب المعارضة  وكيف صار رئيساً لليمن ..  وأرجو أن يكون نشر هذه المحطات والأحداث التاريخية مدخلاً جيداً للتعرف على شخصية القاضي الإرياني كثاني رئيس يمني .

نقل المساجين إلى تعز

كنا قد وقفنا في الحلقة الماضية عند سجن الرئيس الإرياني ورفاقه في سجن الزلومة بالعصيمات واليوم نروي سيرة جديدة من حياة الأرياني وهي كيف تم نقلهم من سجن الزلومة إلى تعز حيث يقول الرئيس القاضي الإرياني مستدركا:" في أحد الأيام قبيل عيد الأضحى بلغنا السجانون أن علينا أن نتأهب للسفر إلى تعز لأنهم قد أمـروا بسوق جميع المساجين مخفورين إلى تعز. وقد كانوا جميعهم يمشون على الأقدام عداي أنا والأخ المعلمي والشيخ حسن الدعيس فقد جاءونا ببغال لنركب عليها ولكنا كنا نفضل المشي مع الإخوان الماشين , وكان المنظر المؤدي الذي تقذى به العين ويشمئز له منظر الإخوان الذين جيء بهم من صنعاء وكلهم منظومون في سِرَة (غل) واحدة يجرجر بعضهم بعضا، وكان يهون الأمر علينا حينما نراهم باسمين يتبادلون النكت الصنعانية وكأن شيئًا لم يكن. لقد جاءوا من صنعاء عبر ما يزيد على مائتي كيلومتر مشيًا  على الأقدام وتعودوا أن يراهم الناس وهم يجرون بعضهم بعضًا, بتنا ليلتنا في السياني، وكان المعتقلون زهاء ثلاثين شخصًا  فيهم القاضي محمد الاكوع والقاضي محمد صبرة والقاضي عبدالكريم العنسي والشيخ محمد منصور والأستاذ عبده محمد باسلامه وغيرهم.

سيارة الشحن ونقل السجناء

ويسرد الإرياني  ويقول  عن هذه المواقف :" وفي اليوم التالي جاءت سيارة شحن فحُملنا عليها إلى تعز, وعند وصولنا ساقوني أنا والأخ المعلمي والشيخ حسن الدعيس إلى سجن أعدوه في الطابق الثاني من ملحقات مقام العرضي بينما انزلوا بعض الإخــوان في سجن العرضي وبعضهم في سجن الشبكة. وكان قد سبقنا إلى السجن المعد في العرضي السيد الشاعر محمد بن علي المطاع والسيد عباس الباشا وابن أخيه السيد أحمد بن محمد الباشا والمشائخ آل نعمان الشيخ محمد بن أحمد والشيخ علي بن محمد والشيخ أمين عبدالواسع والشيخ عبدالرقيب والقاضي عبدالوهاب الجنيد وأخوه أحمد والقاضي عبدالرحمن الحداد والقاضي عبدالرحمن المجاهد. وكان هناك معتقلون غيرهم من رجالات تعز وأعيانها في حبس شبكة تعز.

التحقيق مع الارياني

وحول قصة التحقيق في سجم الشبكة بتعز يقول الارياني في حديثه :"

في يوم وصولنا تعز طلبني ولي العهد إليه أنا والشيخ حسن الدعيس، وقد عرض علي بعض الأوراق التي عثروا عليها بين أوراق الجمعية والتي حصلوا عليها في بيت القاضي الأكوع وسألني من هو اليحصبي، وكان هذا هو اسمي الحركي، فنفيت علمي به وأنكرت صلتي بالجمعية وأكدت له أن خلافي مع سيف الإسلام الحسن وخاله عامل النادرة السابق هو الذي جعله يــزج بي في المسئولين عن الجمعية , ومن حسن الحظ أن الحسن لم يرسل القصيدة التي بخطي والتي كان يصعب علي إنكارها، ولكني كنت قد عزمت على الاعتراف بها والقول بأنها نصيحة بعثتها إلى الإمام والنصيحة واجبه ولا عقاب على واجب بل العقاب على تاركه. وقد فهمت من عدم إرسال القصيدة أن الحسن لا يريد أن يطلع أخاه عليها لما فيها

من حقائق ضده ولما بينهما من تنافس وعداء. وقد أنكر الشيخ الدعيس هو الآخر ة بالجمعية وقال لولي العهد أن هناك حبة صغيرة جدا لا يؤبه لها ولا يخاف منها  ولكنكم أخذتم المكبر فرأيتموها كالقبة الكبيرة وانزعجتم وأزعجتم أسرا وعائلات من رعاياكم, أعتبر ولي العهد هذا إعترافًا  من الشيخ حسن بأن هناك شيئا صغيرا فقال: ولكن لا تنس يا شيخ حسن أن معظم النار من مستصغر الشرر. وأردت أن أتدارك الأمر فقلت إنما يريد الشيخ حسن أن ما يسمى بالجمعية لا تضم غير خمسة أو ستة أفراد كان يمكن تجاهلهم لأنه لا ضرر ينتظر منهم ولكنكم بالقبض على من قبضتم عليهم وسعتم الدائرة وجعلتم لهم شأنًا ، فعلق الشيخ حسن قائلا:" لا , لا , أما نحن فإنهم قالوا ولا الضالين فقلنا آمين, فسجل إعتراف آخرا, وكان رحمه الله بادي الارتباك مع أنه كان الحكيم والفيلسوف .

الاستعداد للسفر الى معتقل اخر

وحول نقلهم إلى سجن آخر بمدينة أخرى في اليمن قال الإرياني :" عدنا إلى محبسنا، وكــان الإخــوان السجناء في انتظارنا ليستشفوا من وراء المقابلة مستقبل الجميع، وشرحنا لهم ما كان فتفاءلوا لنا بالخلاص. وجاء عيد الأضحى واحتفلوا بالإعراس للأمير سيف الإسلام محمد بن ولي العهد والسيد عبدالكريم الذي اقترن بإبنة ولي العهد وشُغلوا عنا بحفلاتهم, وما أنتهت الحفلات حتى أستيقظ الشر في نفوسهم، ففوجئنا بعدد من سيارات الشحن الكبيرة تقف أمام العرضي وجاء من يبلغنا أن علينا أن نعد أنفسنا للسفر إلى معتقل نافع بحجة. وجمعوا جميع المعتقلين وجاءوا ببعض من في سجن الشبكة وحشرونا على تلك السيارات مزدحمين بحيث لم يتمكن أحد من الجلوس بل ظللنا واقفين حتى وصلنا حجة.(للحديث بقية )!!