آخر تحديث :السبت-27 أبريل 2024-10:07م

أخبار وتقارير


النازحون في محافظة الضالع .. انعدام الأمن الغذائي واستمرار النزوح (تقرير)

الخميس - 19 أغسطس 2021 - 07:50 م بتوقيت عدن

النازحون في محافظة الضالع .. انعدام الأمن الغذائي واستمرار النزوح (تقرير)

تقرير / محمد مصلح

تشتعل الحروب في أي بقعة في العالم ، وتتصارع الأطراف المتحاربة وتتقاتل  ، وضحايا تلك  الحروب من المدنيين والخسائر المادية والمعنوية تتعلق  بالمدنيين ، ناهيك عن الدمار الشامل أو الجزئي الذي يحصل في المباني والمنازل والممتلكات ، فضلا عن الدمار الذي يحصل للمزارع والمصالح العامة والخاصة ، وفوق ذلك التهجير للأهالي من المنازل والقرى والنزوح القسري ، وتحول هذه القرى إلى ساحة حرب وصراع ونزاع .


وبعد ذلك تبدأ قصة فصل من فصول المعاناة الإنسانية في رحلة النزوح القسرية والبحث عن مساعدة وانقطاع مصادر الدخل ، في ظل الاظطراب الاقتصادي وانهيار العملة وارتفاع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي لدى آلاف الأسر النازحة التي تعيش في محافظة الضالع بدون غذاء شهري دائم . 
هذا ما سوف نعرفه في هذا التقرير الميداني عن اوضاع النازحين في محافظة الضالع وما يتعلق بالأمن الغذائي فقط لا غير .

النازحون في محافظة الضالع يشكون من انعدام  المساعدات الغذائية الشهرية الدائمة ، التي تحفظ إنسانيتهم وتصون  كرامتهم ، وتلبي احتياجاتهم وتساعدهم على البقاء على قيد الحياة  وتساعدهم على التغلب على كل متاعب ومصاعب وتحديات الحياة والنزوح والفقر والجوع.  

يجدر الإشارة إلى أن هذه  الأسر النازحة نزحت من مختلف مناطق الحرب والصراع وبالذات من محافظة اب والحديدة وتعز  كنزوح خارجي  ومن مديرية قعطبة ومديرية جبن ومديرية الحشاء ومديرية دمت ومن اطراف حجر في مديرية الضالع كنزوح داخلي في إطار محافظة الضالع بصورة كلية .  . 
بالإضافة إلى ذلك ، فإن هناك قرى كبيرة نزحت عن بكرة أبيها في مديرية قعطبة ، ففي عزلة بلاد اليوبي ، وعزلة الاعشور ، أصبحت قرية الفاخر ، وصبيرة ، ومرخزة ، وبتار ، وحبيل العبدي ، والخرازة وباب غلق ،وغير ذلك من قرى مريس ،  قرى نازحة عن بكرة أبيها ولم يعد أحد فيها ، وتحولت إلى ساحة حرب وصراع ونزاع بلا نهاية  .


أرقام وإحصائيات


حسب الارقام الصادرة من الوحدة التنفيذية لإدارة شؤون النازحين في محافظة الضالع فقد بلغ عدد النازحين أكثر من سبعة الف اسرة نازحة في المنازل ، والمجتمع المضيف ،  ويبلغ عدد الافراد أكثر من اثنين وأربعين  ألف نسمة من الذكور والإناث . 
بينما يبلغ عدد الأسر النازحة ووالمهمشة والتي تعيش في المخيمات أكثر من ألف وخمسمائة أسرة من النازحين والمهمشين ، ويبلغ عدد الافراد من الذكور والإناث ثمانية الف نسمة .


كثافة نزوح غير عادية وغير مسبوقة  


استقبلت  مديريات محافظة الضالع آلاف الأسر النازحة ، تأتي مديرية قعطبة في الصدارة في احتضان أكثر من أربعة ألف وخمسمائة أسرة نازحة،  ثم مديرية الضالع باكثر من ثلاثة الف اسرة نازحة  ، ثم مديرية الحصين باكثر من خمسمائة أسرة  ، ثم مديرية الازارق باكثر من خمسمائة أسرة نازحة .


المعاناة الإنسانية  ..


السمة الوحيدة التي تجمع ما بين كل هؤلاء النازحين من كل المناطق ، سمة الألم والمعاناة والمأساة ، والحرمان والاهمال واللامبالاة ، والانقطاعات في عمليات تقديم المساعدة ، والبطء في تقديم المساعدة حيث تستغرق بعض المنظمات أربعة أشهر من لحظة التسجيل حتى تقديم المساعدة ،  وغياب الدعم الغذائي الشهري الذي يضمن توفير الغذاء لكل أسرة نازحة بصورة طبيعية دائمة طالما وفترة النزوح مستمرة .


حالات ضعف


كل هذه الالاف من الأسر النازحة يبلغ تعدادها خمسون ألف نسمة من السكان والمدنيين النازحين  ، من مختلف المناطق ، فيهم كبار السن ، والمرضى والمعاقين ، والنساء والأرامل والأيتام ، والأطفال ،  والفقراء والمحتاجين والمساكين ، والاشد فقرا والاشد ضعفا ، وعائلات كبيرة ، وربات أسر معيلة ،  واعزاء قوم ، وقبائل كريمة ، وقرى كبيرة  ، لم يعد للاهل فيها أي شيئ ، إذ تحولت إلى ساحات حرب وصراع ونزاع .


آلاف الأسر النازحة بدون غذاء شهري دائم


هذه الآلاف من الأسر النازحة  ، المرفوعة بالألم ، والموعودة بالحرمان ، والموصوفة بالتشرد في كل واد  ، والمجرورة بالويلات المتتابعة  والنكبات المتلاحقة ،  فقدت جميع مصادر الدخل ، لم يعد لها أي شي ، يساعدها على البقاء وعلى الصمود ، وليس لديها أي شي يساهم في توفير الحد الأدنى للحفاظ على الحياة ، يل إنهم يعيشون بدون غذاء ، وكل ما يستطيعون توفيره من الغذاء فهو من خلال عملية الاقتراض والدين ، أو المساعدات المؤقتة أو السلفة من الجيران ، أو المبيت وقضاء بعض الأيام أو الليالي جوعا ، أو تخفيف الوجبات من ثلاث وجبات إلى وجبة أو وجبتين ، مع غياب تام لكل المكونات الغذائية التي يحتاجها الجسم  أو التي تساهم في توفير الغذاء الصحي والطبيعي والاساسي  لكل فرد ولكل أسرة .


انعدام الغذاء الشهري يؤثر على الحالة الصحية للنازحين


مما لا شك فيه أن انعدام الغذاء الشهري ، وعدم مقدرة الأسر النازحة على شرائه ، وتوفيره لهم ولعائلاتهم ، كل ذلك يضاعف المعاناة الإنسانية ويؤثر على الحالة الصحية لدى معظم النازحين ، فهناك كبار سن ومرضى ومعاقين تدهورت صحتهم وازدادت سوءا لعدم مقدرتهم على تناول الغذاء الذي هو افضل من كل دواء وعدم مقدرتهم على شراء الدواء أيضا ، وهناك سوء تغذية حاد منتشر بشكل كبير بين الأطفال النازحين ، وسوء تغذية حاد أيضا بين الحوامل والمرضعات  ، وهناك انهيار كبير في البنية الجسدية لمعظم الأفراد النازحين ، وانتشار  غير عادي للالتهابات والحميات ، وارتفاع كبير في عدد المصابين في الحالات النفسية الذين تدهورت حياتهم بسبب ظروفهم الاقتصادية والمعيشية وعدم المقدرة على توفير الغذاء .

 

زيارات ميدانية ...


قمنا بزيارة ميدانية إلى بعض مواقع النازحين وتجمعاتهم في محافظة الضالع ، وكانت البداية في إطار مديرية الضالع وبالذات في مخيم المدينة السكنية في سناح ، مخيم يتكون من مبان عديدة غير مكتملة البناء ، اتجه النازحون إلى هذه المباني في سناح في مديرية الضالع ، هربا من جحيم الإيجارات ،  ويحتضن هذا المخيم  أكثر من خمسمائة  أسرة نازحة من مختلف المناطق ، كلهم بدون غذاء ، وبدون مساعدات غذائية شهرية دائمة ،  ومطلبهم توفير غذاء من برنامج الغذاء العالمي  بصورة شهرية  دائمة حتى تنتهي أزمة النزوح  .

وعند قيامنا بجولة ميدانية في مديرية قعطبة ، وبالذات في منطقة المدينة وما جاورها ، هناك كثافة نزوح غير عادية ، ففي سهدة الشرقية والغربية أكثر من أربعمائة أسرة نازحة ، يعانون نفس المعاناة ، والقصة كلها انعدام المساعدات الغذائية الشهرية الدائمة التي تساهم في تحقيق الاستقرار الإنساني في تقديم المساعدة الإنسانية .

رأينا  رب أسرة ، نازحة ، اسمه علي عمر يحيى ،  كبير في السن ، ابيض الشعر ، لا يملك من أمره اي شئ ، يتحدث بصورة محزنة للغاية  ، يشكو من عدم قدرته على توفير الغذاء لأسرته ..

( انا  نازح من مناطق الصراع ، ليس معي ولا في بيتي اي ريال ، لاشتري به غذاء لاسرتي ، اسرتي تكاد أن تموت من الجوع ، نناشد برنامج الغذاء العالمي ونطالبه بتوفير مساعدات غذائية بصورة شهرية لكل أسرة نازحة حتى تنتهي أزمة النزوح ، إن كان في قلوبهم رحمة أو إنسانية. )

يتابع قوله : نقترض الدقيق من الجيران ، ومن المحلات الصغيرة ، ونشتري الدقيق بالكيلو من المحلات التجارية ، لنحفظ كرامتنا ، ونحافظ على ارواحنا على قيد الحياة حتى يأتي الفرج من الله .

يتحدث الواقع ، وتنطق المناظر ، بحال هذه الأسر النازحة ،  عائلات متعبة ، وحالات إنسانية صعبة ، وأسر كبيرة ، كثيرة العدد ،  يسيطر عليهم  الجوع والفقر والحاجة ، ويحبسهم في بيوتهم العفاف والشرف والكرامة ، ويمنعهم من الحديث ، الشهامة وعزة النفس ، يدعون الله بأن لا يكلهم إلى أحد من خلقه ، وان يتولى أمرهم وان يعجل بالتحرير لاراضيهم وقراهم حتى يعتمدوا على أنفسهم . 
حينما نتحدث إليهم  ، تجد المعاناة الإنسانية تتحدث من على ملامحهم ، اجسام شاحبة ، وبطون خاوية ، وملابس تالفة ، وأمراض متتالية ، وابدان بلا مناعة ، تهجم عليها الأمراض في أي لحظة ، وبيوت خالية ، لا مياه ، ولا غذاء ، ولا مطابخ مثل التي كانت لهم قبل النزوح ، وتجد الحيرة والدهشة مما حل بهم وبمناطقهم ، لم يخطر في بالهم أن يصبحوا في يوم من الايام في بلاد الله نازحين .

دور الوحدة التنفيذية والمنظمات 
الوحدة التنفيذية لإدارة شؤون النازحين الجهة المسؤولة عن النازحين في محافظة الالضالع، تقوم بجهود كبيرة ، وتعمل ليل نهار ، وتقوم بالتنسيق مع المنظمات وتقوم برفع الاحتياجات إلى من يهمه الامر من أجل تقديم المساعدة الإنسانية ، وتفعل كلما تستطيع أن تفعله من أجل مساعدة هؤلاء المغلوبين على أمرهم ، المشردين من ديارهم ، الذين كان معهم كل شئ


وعند حديثنا إلى أحد المسؤولين في الوحدة التنفيذية لإدارة شؤون النازحين حول انعدام الأمن الغذائي للأسر النازحة وحول تدخلات المنظمات في مجال الغذاء ،ودور الوحدة التنفيذية في ذلك ،  أفاد بأن الوحدة التنفيذية تمتلك قاعدة بيانات بجميع الأسر النازحة  وتقوم بتسويقها والتنسيق مع المنظمات وترفع بالاحتياجات إلى الجهات الداعمة  من أجل تقديم المساعدة الإنسانية . 
وأفاد بأن هناك منظمات تتدخل في مجال الغذاء في عدة مديريات في محافظة الضالع ، سواء بمشروع النقد مقابل الغذاء أو تقديم المساعدات الغذائية العينية ... وهذه المنظمات تستحق الشكر والتقدير على كل جهودها  وهي تساهم في تخفيف المعاناة الإنسانية ولكن ما يعيب هذا النوع من المساعدة ، أن هذه المساعدة مؤقتة لفترة معينة محدودة فقط ثم تنقطع ،  وايضا أنها تستغرق أربعة أشهر من لحظة التسجيل حتى يتم التدخل ، وايضا  أنها لا تستطيع أن تقوم بتغطية جميع الأسر النازحة ، مما يعني أن المساعدة محدودة للغاية وعمليات النزوح مستمرة ، والنازحون لا يستطيعون العودة ، مما يعني بأن النازحين بأمس الحاجة إلى تقديم المساعدة الغذائية الشهرية الدائمة حتى تنتهي أزمة النزوح ويعود الناس إلى قراهم .

المنظمات المتدخلة في مجال الغذاء 
الجدير بالذكر أن هناك عدة منظمات متدخلة في مجال الغذاء في محافظة الضالع ، وتقوم بتقديم المساعدة بصور مختلفة نقدا او عينا .

منظمة جلوبال ، وجمعية رعاية الأسرة ، ومنظمة كير العالمية ، ومنظمة آدرى ، ساهمت وتساهم في تقديم المساعدات الغذائية للنازحين أو المقيمين بصورتها النقدية أو العينية  في مختلف المديريات في محافظة الضالع ، وذلك لفترات محدودة ، تمتد بين الثلاثة إلى التسعة الاشهر  .  

هناك تجربة رائدة فريدة في محافظة الضالع ، قامت بها منظمة آدرى ، حيث كانت كلما شارف المشروع على الانتهاء تقوم بتمديد المشروع للمستفيدين ، حيث ساهمت في تحقيق الاستقرار الإنساني لدى المستهدفين وحققت تميزا وريادة في العمل الانساني   .

جمعية التكافل الشريك الإنساني المنفذ لبرنامج الغذاء العالمي ، تقدم النقد مقابل الغذاء ،  وخلال الثلاثة الأعوام الماضية لم  يعتمد برنامج الغذاء العالمي اي حالات جديدة للنازحين، في الوقت الذي هم فيه بأمس الحاجة لمساعدة برنامج الغذاء العالمي في تقديم المساعدة الغذائية الشهرية الدائمة حتى تنتهي أزمة النزوح .

أكثر من سبعة الف اسرة نازحة في المنازل في مختلف مديريات محافظة الضالع ، وأكثر من ألف وخمسمائة أسرة نازحة ومهمشة في المخيمات ، يبلغ عددهم أكثر من خمسون ألف نسمة ،  يعيشون  ، بدون غذاء شهري دائم ، يحفظ الحياة ويصون الكرامة ويقدس الإنسانية ، ويوفر الحماية  . 

النازحون في محافظة الضالع تضاعفت معاناتهم الإنسانية ، وزادت آلام وأوجاع ومتاعب النازحين ، وتدهورت حياة معظمهم من الناحية الصحية ، وارتفع معدل الإصابات بالحالات النفسية ، وانتشر سوء التغذية الحاد بين الأطفال والحوامل والمرضعات من شريحة النازحين وهم بأمس الحاجة إلى تقديم يد العون والمساعدة والمساندة وتوفير غذاء شهري دائم حتى تنتهي أزمة النزوح


مناشدات


النازحون في محافظة الضالع ، بأمس الحاجة لتقديم يد العون والمساعدة أكثر من أي وقت مضى ، فقد ناشد النازحون واللجان المجتمعية والمسئولين عن العمل الانساني والسلطات المحلية برنامج الغذاء العالمي والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين لتوفير غذاء شهري دائم لكل الأسر النازحة حتى تنتهي أزمة النزوح ،  من أجل توفير الحماية وإنقاذ الأرواح والحفاظ على الحياة وصون الكرامة وتحقيق مبادئ الإنسانية .