آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-09:04ص

أدب وثقافة


زوبعة(قصة)

الخميس - 12 نوفمبر 2020 - 02:20 م بتوقيت عدن

زوبعة(قصة)

أقصوصة /عصام مريسي:

ضج الشارع بوافديه ‘ فبعض الصورة مألوفة وبعضها غير معروف وملامح البشر تتشابك بين الوحدة والفرقة من اسيا ومن افريقيا ومن بلاد كثيرة وملامح بعض الوجوه تكاد لا تعرف ملامحها فقد اختلطت حتى لا يستطيع الناظر تحديد ملامح البشر من أي قارة هم فقد امتزجت الانساب  وتوحدت الألسن بعد تمازج اللغات واللهجات , ففي الحي الواحد يتجاور العدد الكبير من البشر تسودهم الألفة والمحبة وكأن الجميع اسرة واحدة حتى صحت المدينة على صراخ وعويل  ضجت المدينة به وغسلت وجهها بعد سكون من الأمن والسكينة وهي مفزوعة من هول الفاجعة فقد تعرضت جماعات  من سكان المدينة للقتل بأبشع صورة فالشباب ملقى على قارعة الطريق  ملطخ بدمائه  والأطفال مقطعة أوصالهم وبعض من نجى من الحادث ما زال يلهث من شدة البكاء والخوف قد رسم نفسه على ملامحهم , فأجسادهم ترتعد خوفاً وعيونهم قد اغرورقت بالدموع حتى باتت علم على وجوههم , وبعض النساء الطاعنات  في السن يصرخن يستغثن علَّ أحد  ينجدهن:

النجدة .. أبناؤنا يقتلوا أمام اعيننا , هل من ينجدنا من هذا الظلم

ترتفع الاصوات عالياَ يتردد صداها في الأفق ولا مجيب وكأن المدينة خاوية . ما زالت الاستغاثة التي اطلقتها الطاعنات تتردد في فضاء المدينة الخاوية نشيد حزين على ما اصاب المدينة من نكسة مزقت لحمة نسيجها المجتمعي الذي صنعته عبر السنين .

الدماء تلطخ جنبات الشارع الذي كان طالما يضج بالحياة التي تسودها الألفة والمحبة فهنا كان يقف  يمازح رفاقه الذين جمعته بهم طوال فترة الصبا والمراهقة الصداقة والاخوة بعيداً عن التميز القبلي فلم يكن أحد يسأل عن القبيلة أو الجهة الوافد منها , مازال صدى صوت صديقه ذو الشعر الأجعد والعينين الضيقة يرن كجرس في ادنيه وهو يقول له:

قد أغادر للدراسة .. وهناك سأفتقدك واحتاج صورتك تذكرني وقد احتاجها لمطاردة الفئران وطردهم من غرفتي

فتعلو ضحكاتهم وتتردد صدى ما زال يرن في أدنيه, فيلتفت عن يمينه فيجد صديقه مضرج بالدماء وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة , يهرول نحوه محاولاً اسعافه لكن ما ان يصل يفارق الحياة , ينهض ويديه مخضبة بدم صاحبه ومن بعيد يلمح جماعات من الناس تندفع نحوه وهم يطلقون أصواتهم:

لقد قتله .. لقد قتله

يحاول تبرئة نفسه:

لست قاتلاً , وكيف اقتل صديقي .حاولت اسعافه لكنه قضى قبل ذلك , لست قاتله

تندفع الجموع تضربه بالأيدي والعصي والحجارة وهو ما زال يصرخ:

لست قاتله

يتألم ويزداد احساسه بالوجع ، فإذا به يصرخ ويرتفع صراخه حتى يوقظ من كان نائماً بالغرفة إلى جانبه:

لا تضربوني لست قاتله

ينهض من فوره وقد تبلل جسده بالعرق وهو يسأل عن صديقه ذو الشعر الأجعد :

كيف حاله ؟ أين هو؟

تأتيه الإجابة  من صديقه:

أنا هنا إلى جانبك

فترتسم الدهشة على محياه ويسع يحتضن صديقه ويقبله على راسه