دراسة وتحليل القصيدة :-
تتجسد روعة وجمال القصيدة الجميلة، من صدق المعاناة وقساوتها التي عاناها قائل هذه الأبيات التي تنضخ بصدق المشاعر وصدق العاطفة، التي تتجلى في أروع وأجمل صورة ما قيل وما مر به من مرض وآلام حتى جادت قريحته الشعرية بهذه الأبيات الجميلة، وما تحمله من صور بلاغية جميلة، وما يفعله المرض من يأس وتحسر وضعف في الجسد والروح.
الأبيات توحي لنا عن حالة مرضية صادقة مر بها الشاعر.
فعندما يتحدث الشاعر عن تجربة شعرية صادقة مر بها ترافقه صدق العاطفة وصدق الكلمات وهي من أجمل وأروع ما قيل.
فإلى القصيدة:-
التي شملت الكثير من التسائلات، وما يفعله المرض بالإنسان، أكثر مما يفعله الحسام المهندي، ويذكرني هنا ببيت لأحد شعراء المعلقات السبع طرفة بن العبد، حين قال :
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة *
على المرء من وقع الحسام المهند @
فالشاعر الجاهلي طرفة بن العبد اشتكى من ظلم ذوي القربى بأنه أشد مضاضة من وقع الحسام المهندي، كلام مؤلم حقا.
والأخ مزيد درويش يصور لنا المرض والامه بأنه أشد مضاضة من وقع الحسام المهندي.
بدأ الأخ (مزيد درويش) رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
بدأ القصيدة
بمنادات الدكتورة التي تشرف على علاجه، بعد أن ضاقت به الحالة التي يعيشها جراء تمكن المرض في جسده، وعدم نفع الدواء وفاعليته وتأثيره عليه بالنفع والشفاء.
يقول : ضاق الحال يا دكتورة --- مفعول الدواء ما ينفع.
ثم يخاطبها ويسأل
ويش الحل يا الأمورة--- هل وضعي كسابق يرجع.
يسألها هل تعود صحتي يا دكتورة، كسابق عهدي، وتعود صحتي وعافيتي مثل زمان، أم أنها تستمر تدهور صحتي، وابقى فوق الفراش لا حول لي ولا قوة.
ويخاطب الدكتورة باللفظ(الأمورة ) أسلوب استعطاف، لكي تهتم أكثر لعلاجه.
ويصور نفسه لعدم الرجاء من الشفاء وعودة صحته مثل الأول بالصورة التي لا تستطيع أن تتحرك، أي بالحياة التي لا فائدة منها، حياة بلا روح الموت أفضل من الحياة ويدعو الله سبحانه وتعالى أن يتوفاه بعد تمكن المرض منه، واليأس من الشفاء، لعل وعسى أن ربه يسمع دعائه ليعجل موته.
ويترجى ويبتهل إلى الله سبحانه و تعالى أن يسمع دعائه.
+ فوق الفرش باقي صورة--- أدعي الله ربي يسمع.
يصف حاله كيف بات من المرض، وكيف بات مع دموعه وهي مدرارة تنسكب من دون توقف على خديه جراء هذا الضعف الذي احدثه المرض في جسده ،من قسوة واشتداد المرض، نسأل الله له أن تكون هذه القسوة واشتداد المرض عليه وانسكاب الدموع المنهمرة من العيون، بسبب شدة الآلام في الحشاء، نسأل الله أن تكون في ميزان حسناته، ومكفرات له عن ذنوبه.
+ بيته حالتي محسورة--- ودموعي بعيني تدمع.
ثم يتعجب من هذا الزمن ونوائبه التي لم يسلم منها إنسان.
+ من هذا الزمن وشروره---
ذا يلطم وهذا يصفع.
ثم يدعو الواحد القهار رب العزة والملكوت، بان يفك وييسر أمور أبو خباب ذي اهلكته الآلام والأمراض.
+ يا ربي تفك أموره--- بو خباب ذي يتوجع.
ثم يصف ان أوجاع الألم وما يعانيه الإنسان من المرض أشد وقعا والما عليه من ألم وقهر بو ماصورة وابو ماصورة كناية عن السلاح، وهنا يقول ان ألام المرض وقسوته أشد وقعا من ضرب السيوف المهندي، أو من رصاصات ابو موصورة.
+ قهري وابو ماصورة---
ذي صوتك يضلي يسقع.
ثم يصف نفسه مع صوت الرصاص الكثيفة، أيام مشاركته مع أبطال المقاومة الجنوبية، فكان لا يفزع ولا يخاف من أصوات الرصاص ولا بتراجع من أصوات هدير المدافع،ك خوفه من شدة الآلام والمرض الذي اقعده وجعله حبيس الفراش.
+ كنت امسي وسط عاكوره--- لا بفزع ولا بتراجع.
فيقول ان الأسد ملك الغابة الذي عمره لم يخاف ولم يزحزحه أحد من وحوش الغابة قد أصبح اليوم عليل واهن البدن لا يستطيع أن يقاوم هذا المرض الذي فتك بهذا الجسم النحيل.
+ واليوم الأسد بوكوره---
ذي عمره أبد ما يخضع.
ثم يرجع سبب ضعفه وقلت حيلته إلى قدرة الواحد القهار ذو الجلال والإكرام.
×قيدني حسين الصورة --
ذي حكمه علينا يجزع.
فيصف نفسه وقدرته وكرمه وبأسه قبل مرضه، يشبه نفسه بالحكم واللاعب، وحين الفزعات تجده في الصفوف الأولى.
+ كنت أحكم وشوت الكورة--- بالفزعات لول بفزع.
كان يفزع بجهده وفي بابوره، كالفرس والمهر الأصيل.
+ في جهده وفي بابوره---
مثل الخيل يظهر يربع.
ويتوسل لرب العرش العظيم، بان يغفر له ذنوبه، ويكفر عنه سيئاته، ويبدله بالسيئات إحسانا وغفرانا، وأن يشفع الله له من كل ذنب.
+ وجعل ذنوبنا مغفوره---
والزلات يالله تشفع.
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنه،
اللهم ارحمه واغفر له وابدله بالسيئات عفوا واحسانا،
اللهم أجعل قبره روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النار.
مذكرااات
أبو السلطان الهيثمي