آخر تحديث :الثلاثاء-10 سبتمبر 2024-09:08ص
أدب وثقافة

تأمل ( اقصوصة)

الجمعة - 09 أغسطس 2024 - 02:03 م بتوقيت عدن

تأمل ( اقصوصة)

بقلم / عصام مريسي

على مقعد خارج المقهى الذي اعتاد الجلوس عليه منذ سنوات مباشرة يقترب ( المباشر) ناذل المقهى يقدم فنجان الشاي دبل النص ( زايد الحليب) وأقراص من معجون (باخمري) :
تفضل ياعم
يمده يده بكفيه المتعرقان يتناول فطيرة (المقصقص) ويرتشف بعض الشاي تم يقلب الصحيفة التي اعتاد قراءتها سريعا يضع الصحيفة على الطاولة ويبعد النظارة من أمام عينيه ليستقبل الشارع فينظر إلى المارة فيلقي التحايا والسلام على الأصدقاء أو يرد على تحاياهم :
كيف حالك يا شيخ
ويمر أخر يتبادلان التحايا ثم يسأل:
هل من أخبار عن الراتب.
يجيب كعادته بسخرية:
عاد الجمل الذي يحمله ما وصل
من بعيد يلمح موكب لجماعة من الناس يحاول التحقق عن سبب اجتماعهم فيسأل من حوله يجلس في المقاعد القريبة منه تأتيه الإجابه،:
إنه موكب جنازة الرجل الذي يسكن وحيدا بعد استشهاد ولديه في الحرب
ينهض واقفا يتأمل والمواكب يقترب أكثر فأكثر وتتردد اصوت المشيعين،:
هذا حق الله
أنه زميله في الوحدة العسكرية التي أديا الخدمة العسكرية فيها في نفس الفترة والتي رافقت أحداث عسكرية وقتالية نشبت في البلاد بسبب خلافات سياسية وقد تعرض لإصابة طلق نار في ساقه ولولا انقاذه وسعيه في ايقاف نزيف جرحه لم يكن على قيد الحياة اليوم ؛ يخلع قميصه ويلفه حول جرحه ويحمله بعيدا عن الموقع العسكري حتى يصل به إلى مشفى ليتلقى العلاج بعد أن اغمي عليه وعندما فتح عينيه لم يرى غير وجه وهو يقول:
لقد نجوت .. الحمد لله على سلامتك
يشكره على صنيعه،,:
شكرا لك أيها الأخ
يحاول شق صفوف المشيعين والالتحام معهم وهو يحاول حمل جانب من الجنازة بيديه المرتعشة المتعرقة وبأنفاسه تلهث بين شهيق وزفير وهو يشعر بضيق في نفسه لكن موكب الجنازة قد انطلق وهو يحاول شد خطاه للحاق بالموكب و المشيعون قد تجاوزه كثيرا فلم يستطع اللحاق بالموكب.
يتلاشى موكب الجنازة عن محيط بصره يعود ليجلس على نفس المقعد في المقهى يمسح دمعة كانت قد تعلقت بجفنيه
يجمع أغراضه من فوق طاولة المقهى نظارته والصحيفة التي كان يقرأ فيها وعصاه التي يتكئ عليها عندما يسير عائدا إلى بيته يدخل يده في جيب بنطلونه يبحث عن مفتاح قفل الباب تسقط الصحيفة على الأرض تقلب الرياح صفحاتها فيقع بصره على عنوان يعيد ذاكرته نحو الأحداث التي جمعته بصديقه لكنه يتابع يفتح دفة الباب ينطلق إلى عمق بيته المكون من مخزن (غرفة) ودارة( غرفة المعيشة) ليقفل يومه عله يعاود في الغد رحلته المعتادة إلى المقهى فيتامل في أحوال المارة ممن يعرفهم
عصام مريسي