آخر تحديث :الخميس-19 سبتمبر 2024-09:11ص


ما قبل الإعذار

السبت - 24 أغسطس 2013 - الساعة 11:41 م

د. صالح الدوبحي
بقلم: د. صالح الدوبحي
- ارشيف الكاتب


يكتظ  القاموس السياسي اليمني هذه الايام بكلمة " الإعذار  "  اكثر من أي وقت مضى ، واصبح كل فريق او حزب وحتى الجماعات والافراد ، يفسرون الإعذار  ويفصلونه بحسب ما تفتضيه مصلحتهم  النفعية او توجهاتهم السياسية وحتى المذهبية  . وبالرغم من وضوح معنى الكلمة في قاموس اللغة ومعرفة كثيرا منا لمعنى الإعذار على انه  التعبير عن الشعور بالندم  أو الذنب على فعل أو قول تسبب فى ألم أو إساءة  لشخص او اشخاص آخرين  وذلك بطلب العفو من الذى تأذى بذلك  ورفع الاذى والتعهد بعدم تكراره، الا ان الجدال الحاصل حول موضوع الإعذار  والارباكات الحالية واللاحقة انما توضح بالدليل القاطع على اننا نعاني من قصور واضح ومتدني  لمفهوم الإعذار  الذي يعتبر لدى الشعوب المتقدمة  ثقافة وسلوك حضاري له أصوله وقواعده وحتى أحكامه .

 


ان مجتمعاتنا العربية لم تتعرف على ثقافة الإعذار ، والغالبية تجد في الإعذار  نقصا لشجاعتهم او كبريائهم مع يقين معرفتهم بالأخطاء التي يرتكبونها بحق انفسهم والاخرين، سيما وأن القسم الأكبر من هذه الأخطاء لم تنتج جراء سلوك عفوي، بل ترتكب بقصدية النفعية الفردية، في سلوك أناني صارخ، يكرس المزيد من سلوك العداء واجواء الكراهية مع اقصاء مفاهيم الحق والعدالة والجمال. ومن الامور الاكثر فضاعه ان  الامر قد اصبح ممنهجا ويشمل معظم جوانب حياتنا اليومية ويسيطر على معظم المؤسسات  الوطنية والوزارات الحكومية وبشكل واضح ومكشوف ودون خجل او خوف وهو يظهر جليا وتعكسه سلوك الحكومات المتعاقبة  التي  انعدمت  فيها ثقافة الإعذار  على مدى عقود من هدر المال العام وصفقات الفساد والحروب الاهلية  ونهب الممتلكات العامة والخاصة وجرائم العنف والإرهاب التي تفتك بالشعب وتذبحه يوميا، صور تترادف عن الانهيار والأزمات التي تمزق الوطن دون ان يطل المسؤول عنها ليعتذر في محاولة لتخفيف الألم عن ذوي الضحايا والمجتمع بنحو عام.

 


لا أحد يعتذر في مجتمع تتحرك طوائفه ومكوناته بدوافع الهيمنة والاستحواذ على حساب الآخر، وتبيح المحظور وتحلل المحرم ولا تقيم أهمية لنداء المقدس او الأعراف التي تحظى بمنزلة القدسية.
والسياسي السلطوي اصبح أنموذجا في العري الأخلاقي والابتعاد عن ثقافة الإعذار  للشعب الذي ابتلي بشراهته وأنانية وفساده وأكاذيبه التي اعطتنا مجتمعا متخلفا يشكو من تشويه ثقافته. اخيرا هناك بعض النصائح لمن قرر ان يتعلم  ثقافة الإعذار  وممارستها بشكل صحيح والتي تقول : .  

 


1 - اجعل اعتذارك حقيقي : أي شخص يمكن أن يكتشف الإعذار الزائف وقد يؤدى ذلك فى إساءة أكبر من إصلاح الخطأ. إن الإعذار  الحقيقي يهدف إلى تحمل مسئولية الخطأ وإزالته .
2 - لا تبرر ما فعلته : إذا بدأت بتبرير ما فعلته وأسرفت فى سرد الأسباب فإن هذا يعطى الإحساس أنك لا تعتذر بل تحاول إقناع من أمامك أنك ضحية مثله . وهذا يظهرك بأنك لاتريد تحمل مسئولية خطأك.  
3 - أختر كلمات اعتذارك بدقه : تأكد أن من أمامك يريد ان يعرف  تماما  عن ماذا تعتذر  و اهمية ذلك بالنسبة لك.

 


4 - تعهد بالتغيير : إذا لم تتأكد انك  ستغير من عاداتك فلا داعى  للاعتذار لأن أخطاؤك ستتكرر ومع تكرارها لن يقبل اعتذارك مرة أخرى وستفقد الكثير من مكانتك عند الطرف الآخر وستخسر كثير من المتعاملين معك .
5 - اطلب العفو : ان طلب العفو عن الخطأ يعطى الطرف الآخر الإحساس برد اعتباره وأنك فعلت ما هو مطلوب منك  وانك فى انتظار ان  تسامحه.
6 - استعد لموقف محرج عند الإعذار  : لا تتوقع دائما قبول اعتذارك ـ خاصة اذا كان خطاءك جسيم وعليك تقبل ذلك والبحث في الاسباب.

 

*مقال خاص بـ(عدن الغد)