بشير الحارثي
من المخزي أن نرى الشرعية تتخلى عن أحد أهم أدواتها السيادية وآخر ورقة تتحكم بها فتسمح للحوثيين بتحويل مطار صنعاء إلى بوابة عبور مفتوحة أمام الإيرانيين واللبنانيين والعراقيين وغيرهم دون أي رقابة أو متابعة حقيقية.
أين الحكومة؟
أين وزارة الخارجية؟
أين وزارة النقل؟
أين مجلس القيادة الرئاسي؟
هل أصبح دورهم مجرد المتفرج بينما يعبث الحوثيون بالبلاد ويستقبلون من يشاؤون دون حسيب أو رقيب؟
في البداية كان هناك اتفاق واضح يضمن وجود رقابة أمنية وسياسية على حركة الدخول والخروج عبر مطار صنعاء عبر لجنة مشتركة في مطار الأردن لكن مع مرور الوقت تلاشى هذا الدور ولم تعد الحكومة تتلقى أي كشوفات أو بيانات عن القادمين والمغادرين.
هذا ليس مجرد إهمال بل هو تواطؤ غير مباشر مع المشروع الحوثي الإيراني الذي يسعى لترسيخ نفوذه في اليمن مستغلاً غياب الدولة الشرعية عن المشهد.
ولعل أحدث مثال على هذا العبث هو ما شهدناه خلال الأيام الماضية من وصول وفود أجنبية عبر مطار صنعاء للمشاركة فيما يسمى المؤتمر الدولي الثالث (فلسطين قضية الأمة) حيث استقبل الحوثيون شخصيات من إيران ولبنان والعراق إلى جانب وفود من جنوب إفريقيا، الصين، البرازيل، ماليزيا، الهند، تونس، ليبيا، مصر، وفلسطين، دون أي رقابة أو علم من الحكومة الشرعية.
لقد تحول المطار إلى بوابة عبور مفتوحة أمام الحرس الثوري الإيراني وحلفائه، الذين باتوا يدخلون اليمن تحت غطاء المؤتمرات والفعاليات السياسية بينما تقف الحكومة عاجزة عن اتخاذ أي إجراء لحماية سيادتها وأمنها القومي.
ما يحدث اليوم في مطار صنعاء هو كارثة بكل المقاييس. الحوثيون يستغلون هذه الفوضى لتعزيز وجود عناصرهم وأذرعهم العسكرية والأمنية، فيما تلتزم الشرعية الصمت وكأنها لا ترى ولا تسمع.
إذا كانت الحكومة عاجزة عن فرض رقابتها على مطار يقع داخل أراضيها فكيف يمكن لها أن تستعيد بقية البلاد؟
يجب أن يكون هناك ضغط شعبي وسياسي حقيقي على الحكومة والرئاسة لوضع حد لهذا العبث. لا يمكن القبول بأن تتحول الشرعية إلى مجرد ديكور سياسي بينما يتمدد الحوثيون بحرية ويستقبلون من يشاؤون دون أي قيود. السكوت عن هذا الوضع خيانة للشعب اليمني ولتضحياته.
إذا لم تتحرك الشرعية فورًا لإعادة فرض سيطرتها على عمليات الدخول والخروج من مطار صنعاء، فإنها تثبت أنها شريك في تسهيل المشروع الإيراني في اليمن وعندها لا يحق لها الادعاء بأنها تمثل الدولة أو تسعى لاستعادتها.