آخر تحديث :الأربعاء-26 مارس 2025-05:30ص

اقطعوا العرق وسيحوا دمه!!

الأحد - 23 مارس 2025 - الساعة 12:09 ص
عبدالجبار ثابت الشهابي

بقلم: عبدالجبار ثابت الشهابي
- ارشيف الكاتب


حالة الفقر المدقع؛ التي وصل إليها معظم اليمنيين، وأثرت تأثيرا بالغا على كثير من صعد حياتهم؛ لم يكن لها أن تتفاقم إلى هذا المستوى؛ لولا إصرار بعض القوى المحلية، والإقليمية، والدولية على عدم حسم المعركة مع مليشيات الحوثي الانقلابية، وعلى البقاء في وضع (المراوحة) بين السلم والحرب، لاستثمار ٱلام الناس، وإغراق البلاد في مزيد من الإفلاس، والديون، للوصول إلى شعب مستكين، ودولة حوثية (لا سنية) مدجنة، تنفذ ولا تناقش، وتقبل ولا ترفض.

وبالتالي؛ فليس من الغريب الٱن أن يصل أرباب الأسر إلى قعر العجز عن تلبية حاجات من يعولون: من طعام، وشراب، وملابس، وتعليم، وتطبيب بعد أن صارت الأسعار جحيما حقيقية؛ تأكل قلوبهم وأكبادهم، وصار من سابع المستحيلات أن يشتري الموظف الذي كان في قوام الطبقة الوسطى قبل عشرين سنة؛ ربع احتياجاته الضرورية دون أن يهرق ماء وجهه بالاستعانة، أو بالدين، أو بسؤال الأهلين المقتدرين، أو باللجوء للأساليب غير المرضية، التي لايطيقها البعض؛ ذلك أن من شأن تلك الأساليب الخسيسة (وخصوصا الأخير) أن تحول البشر إلى وحوش يأكل بعضها لحم بعض، بكل قسوة، بعد أن أضعف الجوع، والعوز وازع الضمير، إن لم يكن قد ذبحه من الوريد إلى الوريد.

بعد هذا؛ هل يمكن أن نتصور حال الجيل الناشيء (جيل المستقبل) في هذا المستنقع؟! هل سينشأ جيل، سليم، معافى: بدنيا، وذهنيا، وسلوكيا، أم جيل من المعاقين على كل صعيد ووصف؟!

لاشك أن النتائج ستكون كارثية، لكنها أشمل بكثير مما حذرت منه منظمة أطباء بلا حدود؛ التي حذّرت مؤخرا من تصاعد أزمة سوء التغذية بين الأطفال في اليمن نتيجة ما وصفته فقط بأنه تقليص للتمويل الإنساني، إذ أن المشكلة أعظم، وأن ماذكرته هذه المنظمة، وذكره غيرها كثيرا، من الحديث عن العجز الغذائي، وعجز الخدمات الصحية، لا يعدو عن كونه مجرد جزئية، من جزئيات كثيرة، ضخمة، هي تحصيل حاصل، مخيف، أنتجه هذا الفقر المدقع؛ والتعويمات المتواصلة للعملة، وهي المصائب التي صنعتها سياسة إطالة أمد هذه الحرب، والحؤول دون حسمها، حد ضرب القوات الشرعية بالطيران حتى تمنعها من حسم المعركة.

لقد حطمت هذه الحرب العبثية كل شيء من: اقتصاد، ومعيشة، وتعليم، وخدمات صحية، وعلاجية، وغيره، ولاسيما بعد أن أصر البعض على أن تبقى البلاد عالة ثقيلة، لاعائل لها سوى صدقات الشقيقة السعودية، وبعض الفتات من غيرها من الدول المانحة، وهي في الأخير، وبالمجموع؛ لاتكاد تبقي ولو على مجرد استمرار النبض داخل صدور اليمنيين؛ الذين منعوا (بضم الميم) بفعل هذه المنح(كما ذكرنا) من استعادة دولتهم التي اختطفها الحوثة في انقلابهم على الشرعية الدستورية، وعلى إرادة اليمنيين المتمثلة في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل في سبتمبر عام 2014م، واستخراج ثرواتهم التي تزخر بها أرضهم الغنية.

وإذا كانت هذه المنظمة وغيرها؛ قد أشاروا على الدوام إلى هذه الجزئية الصغيرة، الخطيرة دون شك؛ فإنهم قد نسوا الأهم، والأخطر، وهو (السبب) الذي لاحل لمشاكلنا دون معالحته، وحسمه من الأصل، ومالم تتحرك الدولة والحكومة، وتحرك سلاحفها المتجمدة على كل صعيد فسنبقى، وستبقى حياة هذا الشعب المبتلى بتسلط زمر المعاقين؛ تتدهدى (أي حياتهم) من كارثة إلى منحدر الى مصيبة إلى خراب.

إذن الحسم هو المطلوب.. هذا هو الحل، الٱن دون تأخير، وكما قال المثل:(اقطع العرق، وسيح دمه) والحذر ثم الحذر من انتظار معجزات الٱخرين التي قد لا تأتي أبدا.. أبدا.. حتى نكون شعبا كاملا من المعوقين: بدنيا ونفسيا.. وحتى يدفننا بعد ذلك التراب، وينعق من خراباتنا الغراب!!