آخر تحديث :الأربعاء-23 أكتوبر 2024-11:21ص

الإماميون الجدد: الحوثيون وجذور الاستغلال والظلم للشعب اليمني عبر التاريخ

الإثنين - 14 أكتوبر 2024 - الساعة 09:28 م
عبدالجبار سلمان

بقلم: عبدالجبار سلمان
- ارشيف الكاتب


الحوثيون أو ما يعرفون بـ”الإماميون الجدد” في اليمن، يعدون جزءًا من تيار سياسي وديني يستند إلى الفكر الشيعي الزيدي، الذي له جذوره في اليمن منذ قرون. هذا التيار تشكل من خلال عدة مراحل تاريخية، كان لها دور كبير في تشكيل المجتمع اليمني وتأثيره على الأوضاع السياسية والاقتصادية. يعود ظهور الإمامة في اليمن إلى القرن التاسع الميلادي عندما أعلن الإمام يحيى بن الحسين الرسي تأسيس الإمامة الزيدية في صعدة. كانت الزيدية مذهبًا شيعيًا معتدلاً مقارنة بالإثني عشرية، لكن مع مرور الزمن أصبحت جزءًا من النظام السياسي والاجتماعي الذي حكم مناطق شمال اليمن. طوال حكم الأئمة الزيديين لليمن، تعرضت المناطق الخاضعة لسيطرتهم لنظام اجتماعي اقتصادي قائم على الطبقية، حيث كانت فئة معينة من المجتمع، مثل السادة أو الأشراف، تتمتع بالسيادة والسلطة السياسية، بينما عانت الفئات الأخرى مثل الفلاحين والجزارين والمهن المنبوذة الأخرى من التهميش والاستغلال الاقتصادي. ومن أسباب تجويع الشعب اليمني وظلمه عبر قرون هو الاستغلال الطبقي حيث كانت الإمامة الزيدية تعتمد على نظام طبقي صارم يميز بين “السادة” و”العامة”. هذا النظام كرّس الاستغلال الاقتصادي، حيث كان أصحاب المهن المنبوذة مثل الفلاحين مضطرين لدفع الضرائب الثقيلة والجزية بينما كانت النخب تحتكر الثروات والأراضي الزراعية. بإلإضافة الى غياب التنمية الاقتصادية وذلك من خلال حكم الإمامة في اليمن، لم تشهد البلاد تطورًا اقتصاديًا حقيقيًا، حيث تم التركيز على استغلال الموارد المحلية دون استثمار في البنية التحتية أو التعليم أو الصحة. هذا الإهمال ساهم في بقاء الشعب في حالة فقر مدقع لعقود. كما ان الحروب الأهلية والانقسامات في اليمن كان مسرحًا لصراعات دائمة بين القوى المختلفة، سواء كانت قبلية أو سياسية. تلك الحروب أدت إلى زعزعة الاستقرار وتعطيل أي جهود للتنمية الاقتصادية أو تحسين مستوى المعيشة. وكذلك أيضاً التبعية للخارج حيث ان حكم الأئمة الزيديين تميز أيضًا بتوجهاتهم للتقارب مع قوى خارجية مثل الإمبراطورية العثمانية وبريطانيا في بعض الفترات، مما جعل اليمن يخضع لمصالح خارجية تزيد من فقره واستنزاف موارده. ان ظهور الحوثيين (أنصار الله) في العقدين الأخيرين جاء كجزء من إعادة إحياء الفكر الزيدي السياسي. الحوثيون تبنوا أفكارًا سياسية ودينية ترتكز على إعادة الإمامة بشكل معاصر، وهو ما يفسره البعض على أنه محاولة لاستعادة النظام الطبقي السابق تحت غطاء أيديولوجي جديد. ومنذ اندلاع الصراع في اليمن عام 2014، سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء وعدة مناطق استراتيجية، مما أدى إلى تعطيل مؤسسات الدولة واستمرار الصراع. هذا الصراع تسبب في انهيار الاقتصاد بشكل كامل. كما يعتبر الحصار الذي تفرضه القوات الحوثية على بعض المناطق، إضافة إلى القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية، أحد أسباب تجويع الشعب اليمني اليوم. تعاني مناطق عدة من المجاعة وسوء التغذية الحاد نتيجة لاستمرار الصراع. كما ان الحوثيين يسعون إلى فرض هيمنة سياسية قائمة على الطائفية والزعم الديني، وهو ما أدى إلى إقصاء الفئات الأخرى سواء في الشمال أو الجنوب، واستغلالهم اقتصادياً تحت مسمى “المجهود الحربي”، حيث يتم استنزاف موارد البلاد لدعم المجهود العسكري على حساب احتياجات الشعب الأساسية. وأيضاً الحوثيون سيطروا على العديد من المرافق الحيوية مثل الموانئ والمطارات والمناجم، ما أدى إلى تحول الموارد الطبيعية التي كانت يمكن أن تستخدم لتحسين الوضع الاقتصادي إلى أدوات للحرب والفساد.

ختاماً إن الأزمة اليمنية الحالية تمثل تتويجًا لقرون من الاستغلال السياسي والاقتصادي، حيث لعبت الإمامة التقليدية دورًا في ترسيخ الظلم والاستغلال، فيما يستمر الحوثيون اليوم في استخدام الأيديولوجية الدينية كأداة للسيطرة والهيمنة. ان استمرار هذا الوضع أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية في اليمن بشكل غير مسبوق. يعاني اليوم ملايين اليمنيين من الجوع، مع انتشار الأمراض، وتدمير البنية التحتية، وانعدام الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة. كل ذلك يأتي نتيجة لاستمرار الحوثيين في استغلال السلطة والموارد تحت غطاء ديني وطائفي. ان الشعب اليمني يدفع ثمنًا باهظًا لهذا الصراع المستمر، ويظل الأمل في أن ينتهي هذا الفصل المؤلم من تاريخ اليمن بتسوية سياسية تضمن العدالة والمساواة لكل أبناء اليمن.