إن شعب الجنوب الأبي وعلى مر العصور قد ضل ولا زال وسيضل مكافحاً ومدافعاً عن وطنه وسيادته واستقلاله وأمنه واستقراره وحقه في الحياة الحرة والعيش الكريم ووحدة وطنه الجغرافية والسياسية والاقتصادية، مليونية سيئون (الجنوب هويتنا التي تقام بمناسبة عيد ثورة 14اكتوبر ال61) في مواجهة واسقاط مشروع محاولة فصل حضرموت عن جسدها الجنوبي الواحد عنواناً بارزاً لأمجاده، لقد واجه شعب الجنوب غزوات وأطماع القوى الخارجية وقدم التضحيات الجسيمة إن الغزاة كانوا يدركون وحدته تلك ولذا ضلوا يبحثون عن أي منطقة فيه لاختراقها طمعاً في التمدد إلى بقية أراضيه، الشهداء السبعة في الشحر حضرموت وشهداء قلعة صيرة التاريخية شاهداً وحيث كل ذلك لأهمية موقع الجنوب الجيوسياسية وثرواته التي يسيل عليها لعاب المطامع.
لقد تجسدت وحدة شعب الجنوب وتجددت أمجاده في انطلاقة ثورة ١٤ أكتوبر عام ٦٣م التي تحل علينا ذكراها العطرة الـ"٦١" وفي تأسيس أداة الثورة الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل قائدة الثورة ومشاركة فصائل الكفاح التحرري والمصير الواحد وذلك حين التفوا كل أبناء شعب الجنوب ومن قرى ومناطق الجنوب عامة حول الثورة وقيادتها والمشاركة في الكفاح المسلح في الريف والعمل الفدائي في المدينة عدن وكانوا في نسق متتالي واحد عند إسقاط وتحرير المناطق تباعاً وصولاً إلى تحرير عدن وانحياز الجيش والأمن وبفعل تأثير تنظيم الضباط الأحرار أحد الفصائل التي تشكلت منها الجبهة القومية إلى صفوف الثورة والشعب ووضع الجبهة القومية يدها على كل أراضي مناطق الجنوب والمستعمرة عدن مما جعل بريطانيا تعترف بالجبهة القومية وتفاوضها أواخر شهر نوفمبر ١٩٦٧م وتسليمها وثيقة الإستقلال في مدينة جنيف السويسرية بعد مفاوضات شاقّة ومضنية خاضها وفد الجبهة القومية المفاوض برئاسة المناضل قحطان الشعبي مع الوفد البريطاني برئاسة اللورد شاكلتون وإعلان دولة الإستقلال الوطني في ٣٠ نوفمبر عام ٦٧م التي ستحل علينا ذكراه الغالية الـ"٥٧" خلال الأيام القادمة ولقد كانوا أبناء شعب الجنوب معاً في الاستجابة والتفاعل مع قيادة الجبهة القومية في توحيد ما يقارب ٢٣ سلطنة وإمارة ومشيخة والمستعمرة عدن والجزر في كيان وطني جنوبي واحد موحد من المهرة شرقاً إلى باب المندب غرباً «جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية» وفي بناء مؤسساتها وتحقيق منجزاتها وعلى كل الأصعدة الإقتصادية والخدمية وفي الدفاع عنها من مكائد ومؤامرات الأعداء الداخلية والخارجية حيث واجهت الدولة الفتيَّة بقيادة الجبهة القومية/الحزب الإشتراكي حروب عدوانية حدودية وحروب أمنية وإعداد وتدريب عصابات وشبكات تخريب منظمة مدعومة وممولة بالمال وأدوات التخريب وفي محاولة ليس لاستهداف الأمن والإستقرار والسكينة والتجمعات العامة وحسب ولكن استهداف وتدمير البنى التحتية ومنها مصافي النفط والميناء والمطار وميناء الزيت وخزانات المشتقات النفطية ومستودعات المخزون الإستراتيجي للمواد الغذائية والإستهلاكية وغيرها من المنشآت الحيوية الأخرى أيضاً عصابة "دهمس" أُنموذجاً وبفعل يقظة وتتبع الأجهزة الأمنية وتكامل الجهد الشعبي مع الجهد الرسمي تم القبض عليها متلبسة وفي لحظة التنفيذ منتظرة فقط كلمة السر -أغنية لأيوب طارش- تبث من إذاعة صنعاء تقريباً، وقد تم التحقيق معها وتقديمها أمام القضاء وقال فيها كلمته، ومن منّا لا يذكر تلك الجملة الشهيرة التي ضلت تتردد على المسامع لاحقاً قالتها المحامية القديرة بنت عدن الأستاذة الراقية/ راقية حميدان أثناء المحاكمة ((ركّز معي يا دهمس)).
إن المؤامرات الدنيئة قد وصلت حد محاولات تسميم آبار مياه الشرب للمواطنين... التفاصيل تطول ولا داعي لاستعراضها طالما وقد خابت وسقطت كل المؤامرات وانتصر الجنوب وصار كل ذلك في ذاكرة التاريخ.
إن إرادة شعب الجنوب ووحدته، وتجدد أمجاده قد تجسدت أيضاً في مواجهة ومقاومة حرب صيف عام ١٩٩٤م اللعينة وفي مسيرة التصالح والتسامح الجنوبي ١٣ يناير ٢٠٠٦م وفي انطلاقة ثورة الحراك السلمي الجنوبي يوم ٢٠٠٧/٧/٧م وفي مقاومة حرب العدوان الثانية عام ٢٠١٥م وطرد جحافلها ومعها بقايا جحافل حرب عام ١٩٩٤م وتطهير أرض الجنوب باستثناء مكيراس ووادي حضرموت وهو مسألة وقت لا شك في ذلك.
فيما تكللت وحدة شعب الجنوب في مليونية تفويض قيام المجلس الإنتقالي الجنوبي كإطار جنوبي استوعب كل قوى الحراك ومكونات وشخصيات سياسية ومدنية ووجاهات اجتماعية وازنة وبإشراك نوعي للمرأة والشباب كحامل سياسي لقضية شعب الجنوب وممثله لاستعادة دولته وتضل قيادة المجلس الإنتقالي وفي مواجهة المخاطر والتحديات الراهنة المُحدِقة بشعب الجنوب وعدالة قضيته وحقه في استعادة دولته مدعوَّة لتوسيع دائرة الشراكة الوطنية الجنوبية من خلال تبني وقيادة تأسيس جبهة وطنية جنوبية من كل ألوان الطيف الجنوبي لمواجهة متطلبات الحاضر واستحقاقات المستقبل -وهو ما نوَّهنا إليه في غير مقال- وتحت سقف هدف شعب الجنوب استعادة دولته كاملة الحرية والسيادة والاستقلال على حدود ما قبل ٢١ مايو ١٩٩٠م...