آخر تحديث :الأربعاء-23 أكتوبر 2024-11:20ص

من خان الوطن ؟!

السبت - 12 أكتوبر 2024 - الساعة 05:32 م
حسين السليماني الحنشي

بقلم: حسين السليماني الحنشي
- ارشيف الكاتب



كان سؤال سألته والدي منذ سنوات طويلة حينما دخلت مدينة عدن لأول مرة، حينما كنت أدرك الاشياء من حولي، فقد كان أبي يقول لي : هذا هو شارع الشهيد فلان، وهذه مدرسة الشهيد فلان، وهذا مستشفى الشهيد فلان، وهذا الطريق هو طريق الشهيد فلان، وهذا المعسكر هو معسكر الشهيد فلان، وهذا الحي هو حي الشهيد فلان، وهذه حديقة ومنتزه الشهداء، ووو.
فقلت هل هؤلاء إخوة، ساهموا في إنشاء هذه المنجزات؟
قال: لا، ولكنهم قاوموا الإستعمار الذي جثم على بلادنا، حتى تم إستعادتها من الإستعمار البغيض!
فطرحت سؤالي بطريقة أخرى وطفولية: ما هي صلة القرابة بين هؤلاء الشهداء، حتى تبرعوا بهذه المصالح كلها ؟!
كان أبي يحدثني ولم أفهم شيئا مما يقول لصغر سني أو لعدم فهم بعض المصطلحات.
كنت طفل يرى الحقائق كما هي.
...وبعد طول الكلام من أبي، وهو يريد أن يوصل لي المعلومات، فحاولت أن أشعر أبي أنني أدركت مايقول!
لكن السؤال سيظل مطروح، من هو الذي أوقف عجلة التطور والنهوض، وتركنا نعيش حياة البؤس والحرمان؟!
ولاني طفل كررت السؤال مرة أخرى ، فقلت : هؤلاء الشهداء لديهم أموال كثيرة تبرعوا بها!
قال لي أبي بعد أن بسّط لي الكلام : هذه المنجزات تم إنشاؤها من قبل الإستعمار كما أخبرتك من قبل، ولم تكن للشهداء أموال يابني، ولكن نحن كنا مقاومين للإستعمار حتى رحل واستلمنا البلاد وتلك المصالح العامة...
فصدّقت أبي ؛ لأن أبي كان يحدثني في سيارة أجرة وهي ممتلئة بالركاب، كان من بينهم المعلم والطبيب، والموظف ووو، وكان أغلب الركاب يصحح مايقوله أبي!
فكبرت وتوسعت معارفي ، وأدركت أن الشهداء، كانوا في مقدمة الصفوف لمواجهة التحديات التي تفوقهم، وتقدم الشهداء لها، من أجل أن تنعم الأمة بالخير الوفير والتطور والرقي في كافة ميادين الحياة!
لكن يبقى السؤال أيضاً، من تولى الحكم واستلم البلاد بعدهم، وكان الممثل الشرعي والوحيد للشعب؟.
فقلت في نفسي اليوم وبعد سنوات طويلة: لم أرى شيء من منجزات الثورة إلى الآن...
 واليوم وبعد أن مات أبي منذ سنوات طويلة وأنا اليوم أشرف على منتصف العمر لم أشاهد منجزات للثورة، حتى لم يتم ترميم تلك المباني السكنية والتجارية والحكومية بأنواعها المختلفة، ولم يتم الحفاظ عليها... بل نهبنا أغلب تلك المصالح، وجعلنا من الثورة كل شيء مباح!
فأصبح الأغلبية الساحقة تخاف من الثوارت ، إذا كان مصيرها هو مانراه...
ولم نرى أغلبية الشعب يحتفي بذكرى تلك الثورة، وكل واحد منهم يقاسي كل أصناف القهر والذل والهوان، والبعد عن الأهل والأوطان، في بلاد الهجرة... 
فتبين أنه إحتفال من قبل مكتب المقاولين على السلطة؛ فهو عيد لمن استلم البلاد؛ لأنهم ينعمون بالأمن والأمان والاستقرار النفسي والاجتماعي والاقتصادي!
فلماذا سقط الشهداء؟؟؟
أو كما قال الشاعر محمود درويش: [ لا أعلم من خان الوطن، لكنني رأيت من دفع الثمن] !!!