آخر تحديث :الأربعاء-23 أكتوبر 2024-11:24ص

لماذا نصر على ان يصدح ذكرى ثورة 14 اكتوبر على كل المنابر ؟

السبت - 12 أكتوبر 2024 - الساعة 01:28 ص
عبدالله الصاصي

بقلم: عبدالله الصاصي
- ارشيف الكاتب


ج - لاشك ان عظمة الاستعداد والتجمهر ونحن على اعتاب الذكرى 61 لثورة 14 اكتوبر المجيدة ياتي من عظيم الحدث .


نعم من عظمة الحدث الاكبر في تاريخ الجنوب والذي بفضله انتقلنا من دائرة الجبت والطاقوت الى رحاب الحرية والانعتاق من جور قيود الاستعمار الانجلوسلاطيني الذي جثم على صدر الامة 129 عام وكل ذلك جاء تحت ذريعة واهية تجدونها في قصة ( السفينة داريا دولت والكابتن هنس ) المؤلفة من الزور والبهتان وعلى اثر الحادثة المفتعلة عانا شعب الجنوب طيلة تلك المدة كل انواع المنغصات للحياة الادمية من البؤس والشقاء وسقم الامراض والتجهيل .

ولكن مع كل هذه العقود كانت جثوة الحركة للخروج تساور العقول النيرة التي ظلت تناوش وتعاود الكرة في كل حين الا ان قوت جبروت الاحتلال البرطاني كانت اقوى باضعاف الاضعاف من الحركات المناوئة التي تظهر بين الحين والحين وفي ظل ضعف وهوان عربي طغى على المنطقة بنفس الفعل من الهيمنة في مجمل الاقطار العربية التي كانت تان تحت وطاة المستعمرين والتي ظل ثوراها يعملون على تشكيل الحركات الثورية على نفس المنوال الذي كان عليه ثوار الجنوب العربي حينذاك وكلنا يتذكر سيرة عمر المختار النضالية في ليبيا ويوسف العظمة في سوريا واحمد عرابي وادهم الشرقاوي في مصر ، وهنا لايسعنا التوسع بعيداً عن الجنوب وثواره الذين صمدوا امام اعتى استعمار على وجه الارض وذلك من خلال سيطرته على ربع مساحة الكرة الارضية في ظل امبراطورية المملكة المتحدة الانجليزية والتي كان يقال عن علمها بانه الراية التي لاتغيب عنها الشمس ، الا ان ذلك لم يدم وبعد ان بدات تتدحرج كرة الثلج وتذوب تدريجياً في كل مرحلة ومعها تتساقط المناطق وبسقوط الهند وخروجها من دائرة الاستعمار تتابعت النكبات التي ساهمت في انكماش رقعة المستعمرات البرطانية التي تساقطت تترا الى ان وصل الحال لتخرج مصر الكنانة من تحت عباءة المحتل الانجليزي بعد نجاح ثورة يوليو 1952 م والتي بنجاخها تغير وجه المنطقة في ظل زعامة جمال عبد الناصر الذي برهن من خلال شجاعته التي لاتوصف حينما احيى روح الثورات العربية ودعم حركات التحرر الوطنية العربية .

وعلى اثر ذلكم الهاجس الثوري الذي اتى ليطغي على القلوب التي كانت تتاجج فيها نار الغيرة ونبرة العشق للحرية تلك النبرة التي تعانق المعادن الاصيلة لتصقل منها افئدة مصنوعة من فولاذ تجمعت على مائدة الانطلاق في ليلة ظلماء من ليال اكتوبر وفي انتظار انحسار سوادها ، ومع بزوق فجر اليوم الاغر في الرابع عشر من اكتوبر 1963 م انطلقت شرارة التحرير من قمم جبال ردفان الشماء معلنة عن قيام الثورة التحررية في الجنوب العربي وحينها تداعت القوى الفاعلة على شكل جماعات شملت مناطق ردفان ثم توسعت لتشمل مناطق الضالع وعندما ذاع صيتها بفعل العمليات الفدائية الخاطفة لمعاقل المحتل ومن وراء تلك الافعال التي عمل عليها الثوار وفي حين تصل الاخبار المزلزلة لتصم مسامع رموز الاحتلال وتغض مضاجعهم ، وعندها سارعت قيادة المحمية البريطانية التي تتخذ من عدن الملاذ الآمن لحماية مقدراتها البشرية والعسكرية باتخاذ القرار والذي قضى بتكليف سرب الطيران الحربي بالقضاء على حركة المقاومة من خلال شن الغارات الجوية على تجمعات الثوار في الضالع ورغم الهحوم الشرس الذي تسبب في قتل وجرح ابناء الضالع وتدمير المباني في القرئ على الارض وفي سفوح الجبال وفي الوقت الذي سقط خلاله الشهيد البطل ( غالب بن راجح لبوزة ) ذلك الرمز الذي اشعل فتيل الثورة وكان اول شهيد تطاله يد المحتل الذي عجزت طائراته وجحافل جيشه ان تفتؤ في صلابة وعنفوان ثوار ردفان الابا وضالع الشهامة ورغم ضراوت الضربات التي القاها سلاح الجو ونيران مدافعة التي تلقي حممها على ربوع ارض الكفاح والصمود الضالع التي لم تابه لذلك ولم تنحني بل زادت رجالها الافياء ضراوة واستبسال سرى في الوجدان ليصبح ديدن الولدان الذين تسلحوا ومضوا في موكب المقاومة وحينها وصل الامر لينضم العنصر النسوي من الثائرات الماجدات امثال المناضلة ( نمرة ) التي غدت اسم على مسمى ، وامثالها ممن التحقن بالثوار الذين عمدوا حينها الى توسيع رقعة الثورة والاستقطاب خارج حدود الضالع وفي حين تعدى ليصل مناطق الصبيحة والقبيطة في الوقت الذي وجد المحتل قوة انتشار غير مسبوق للمقاومة التي تعمقت في مناطق لحج وهي الاقرب الى ثكانته العسكرية لتصليها ناراً مع دنو كل ليلة حمراء جراء رصاصات الثوار التي كانت تحصد رؤوس جنود المحتل واذنابه .

وفي الوقت الذي توسعت خلاله الجبهات في الجهة الشرقية لعدن ابان تشكيل جبهة ( دثينة ) في المنطقة الوسطى التي تضم الوضيع ولودر ومودية وتبعها حين ذاك مناطق المحفد واحور ونواحيها ومناطق الدلتا في ابين للسير في قوام الجبهة التي بها اكتمل الطوق ولم يتبق من رقعة المحتل سوى عدن بحدودها من العريش شمال شرق المدينة حتى قرية مصعبين والى البريقاء في الغرب ومن خلفه البحر من جهة الجنوب اما غيرها من الحواضن فقد اصبحت مناطق مشتعلة تتوقد يوماً بعد يوم .

وفي ظل تسارع وتقارب بين الجبهات من الغرب الى الشرق ، وفي ظل حالة الانفصام التي تمر بها ركائز المحتل في المناطق زارة - دثينة نواحي لودر القعيطي - يافع - العبدلي - لحج ، والبقية في مناطق الصبيحي والقطيبي والضالع في زمن العصيان للاوامر من قبل الاهالي وعدم الانصياع الذي ساد في الفترات السابقة المصاحب لجمع الجبايات وتوريدها للحصون المشيدة في المرتفعات المحاطةبالحراس .

وفي مرحلة اكتما ل النصاب بعد تشكيل كيان الجبهة القومية والذي كان الاجدر والاقوى والاقرب الى الاهداف الحقيقية للثورة والى جانبه الكيان الاخر جبهة التحرير والتي كانت تعمل ولكن كانت مشكلة من خليط مثلما نراه اليوم في بعض الكيانات .

والمهم ان الجبهة القومية هي من عملت بجد واجتهاد ومنها تشكلت الاتحادات العمالية والطلابية والتي اصبحت شوكة في عنق المحتل وساعدت الثوار على التوغل في جيوب المحتل داخل مدينة عدن وحينها تسرب السلاح واشتدت المقاومة من داخل المدينة ومن اطرافها في ظل وقفات احتجاجية ومسيرات في النهار وقنابل ورصاص على ايدي الثوار في غسق الليل المضني الذي كان يعيشه جنود المحتل في زمن الثورة الابية التي توهجت فانارت القلوب وذللت الخطوب ونال شعب الجنوب بها ومن خلالها الاستقلال الوطني ومن ثم بناء الدولة الفتية التي عاش الجنوبيون معها زمن العزة والكرامة والمجد في الفترة 1967 - 1990م ، اي الى يوم الدبور في مايو المشؤوم يوم ان دخل البيض وعلى عفاش نفق القلوعة متجهين الى جولد مور في التواهي لتوقيع وحدة الوليل التي ذاق الجنوبيين مر علقمها وحنظلها السقيم الذي دمر بنية الانسان والارض والحيوان في وطن العز الجنوب العربي والذي نامل ان يعود كما كان خال من من الاوباش والاوثان من الدخلاء ومن باعة الاوطان .