آخر تحديث :الأربعاء-23 أكتوبر 2024-11:07ص

القاتل المتسلل

الإثنين - 07 أكتوبر 2024 - الساعة 01:37 م
حسين السليماني الحنشي

بقلم: حسين السليماني الحنشي
- ارشيف الكاتب


نعلم جيداً بأن الجوع هو المرض الأخطر الذي لايمكن أن تشتري له العلاج من الصيدليات، ولكن العلاج له يكمن في بناء الدولة ومؤسساتها التي تعمل من أجل الدفاع عن الشعب، وقد يصل الجوع الى الناقصين من الناس فيصاب بالإنحطاط والسقوط، وهذا قد يمثل جزء من المجتمع، والآخر من شريحة الموظفين يصيبه الإحباط فلا تجد جندي مخلص أو معلم أو طبيب يؤدي عمله بمهنية وهو يتألم من الجوع...

لكن أصبح من المؤسف حقاً، إن الناس تعاني أكثر من القيادة التي تمسك بزمام الأمور في البلاد، ومن هنا يتم البحث من قبل المجتمع عن مايسد به رمقه فهناك من كان له نصيب الابتعاد عن أرض الوطن والأهل، و انخرطت فئات أخرى ورمت بنفسها في أحضان مظلمة، ومن هنا ازدادت ظاهرة الارتزاق دون الرجوع الى التشريعات ، وهذا يمثل التشبة بالصفوة الحاكمة، حينما انتهجت نهج السرقة والاختلاس للأموال العامة والمصالح، مما أدى إلى نهاية التنمية البشرية، في عدم مواكبة سوق العمل الذي يسعى إلى التغيير، ولكن تبقى البطالة والسلطة التي لا تعمل من أجل الشعب، سبباً رئيسياً لدفعهم إلى دائرة الإحباط والابتعاد عن أحلامهم، والوقوع فريسة في واقع يقتل طموحهم ويدفعهم إلى طريق اليأس والمأساة، والشعور بأنهم موجودون في مكان شبيه بالغابة، فيصبح الهدف هو التخلص من تلك المعاناة، والهروب بعيداً من أجل تحقيق أحلامهم البسيطة(الأكل والشرب)، فلا يمكن تخيل الحياة المخيفة التي يعيشها أبناء الشعب من بطالة وفقر، وتهميش لمؤسسات الدولة، وكيف أصبح الواقع والمسؤول عن هذه المأساة قاتلاً متسلسلاً يقتل كل يوم الكثير من الأحلام والكثير من الأرواح. بعد كل ما عايشوه في وطنهم من اختلاس ونصب وحرمان، فلابد من التفتيش عن الذات، في واقع ملبد بالفوضى، حيث فرض عيش إلا قانون في وطننا ، مما جعل الفرد يعبر عن هذا بسلوك لا يوافق المجتمع كالسلبية واللامبالاة والعنف والجريمة، كما نشاهدها اليوم! وأصبح الكثير ضحية للفساد والانحطاط، وهذا يرجع أغلبه إلى الفراغ الذي يملأ حياتهم، وبقائهم في دائرة الإحباط وإلياس وفي مرمى السهام السامة المليئة بالأعمال الغريبة عن المجتمع...وهذا جعل الجيل الأكبر من الشعب يعيش التخبط في وطنه!

فاصبح الأغلب يبحث عن الهروب من الواقع المرير من بلاده... إن مصير الشعب في أغلب البلاد مجهول، والكثير منهم يواجهون ذات المصير وينتظرهم نفس المستقبل والواقع الذي يهدد الجميع، ويدفعهم باختيار الطريق الصعب...!