آخر تحديث :الأربعاء-23 أكتوبر 2024-11:18ص

ثورة 26 سبتمبر: من الإمامة إلى الجمهورية والتحول الجذري في اليمن

الأربعاء - 25 سبتمبر 2024 - الساعة 03:56 م
عبدالجبار سلمان

بقلم: عبدالجبار سلمان
- ارشيف الكاتب


ثورة 26 سبتمبر 1962 تعد من أبرز الأحداث التاريخية في اليمن الحديث، فقد كانت نقطة تحول جذرية في تاريخ البلاد. شهد اليمن قبل هذه الثورة نظاماً إمامياً يعتمد على حكم السلالة الزيدية الهاشمية، التي حكمت البلاد لقرون طويلة تحت مسمى "الإمامة". كان النظام الإمامي نظاماً استبدادياً يركز السلطة والثروة في يد فئة صغيرة من العائلة الحاكمة، ويهمّش الغالبية العظمى من الشعب اليمني. كانت هناك أسباب عديدة لقيام الثورة ضد الإمامة والسلالة ومنها؛ الظلم والاستبداد حيث كان النظام الإمامي يقوم على التفرقة الطبقية، حيث كان يتمتع الإمام وأسرته والطبقة الهاشمية بالسلطة المطلقة والثروة، بينما كانت غالبية الشعب تعيش في فقر مدقع وحرمان من الحقوق الأساسية. كان الحكم الاستبدادي يفتقد إلى أي مشاركة شعبية في الحكم أو اتخاذ القرار. وأيضاً الجهل والفقر حيث عمل النظام الإمامي على تهميش التعليم وتجهيل الشعب، فظل اليمن متخلفاً عن بقية دول المنطقة في ميادين التعليم والصحة والبنية التحتية. هذا الجهل ساهم في استمرار سيطرة الإمامة واستغلال الطبقة الحاكمة لعامة الشعب. كما كان اليمن في ظل الإمامة دولة منعزلة عن العالم الخارجي، حيث لم يكن هناك انفتاح سياسي أو اقتصادي مع الدول الأخرى. هذه العزلة جعلت البلاد تعيش في عزلة تامة عن التطورات العالمية في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وأيضاً كانت هناك محاولات متزايدة من القوى الأجنبية للتدخل في الشؤون اليمنية، مستغلة ضعف النظام الإمامي وتخلفه. وهذا أثار حفيظة اليمنيين الذين رأوا في الثورة سبيلاً للتخلص من هذه الهيمنة. وفي 26 سبتمبر 1962، قامت مجموعة من الضباط الأحرار بقيادة اللواء عبد الله السلال بتنفيذ انقلاب عسكري ضد الإمام محمد البدر، آخر أئمة الدولة الزيدية. تم إعلان قيام الجمهورية العربية اليمنية، وإلغاء النظام الإمامي وتأسيس نظام جمهوري يهدف إلى تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية. كانت مخرجات ثورة 26 سبتمبر إيجابية حيث لأول مرة في تاريخ اليمن الحديث، تم تأسيس نظام جمهوري يقوم على مبادئ المساواة بين المواطنين والعدالة الاجتماعية، بعيداً عن التفرقة الطبقية والسلالية. وبعد الثورة، تم التركيز على بناء نظام تعليمي وصحي حديث، حيث تم بناء المدارس والمستشفيات في مختلف مناطق البلاد، وتم إرسال الطلاب للدراسة في الخارج لتطوير مهاراتهم.كما ان الثورة ساهمت في تحرير اليمن من الهيمنة الخارجية وفتح الباب أمام انضمام اليمن إلى المنظمات الدولية والإقليمية، مما عزز مكانتها على الساحة الدولية.وبفضل الثورة، تمكن اليمن من التخلص من التبعية للإمامة وللقوى الخارجية، وبدأت مرحلة جديدة من التطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي. وأيضاً بعد الثورة، بدأت الدولة في تطوير البنية التحتية في البلاد، بما في ذلك بناء الطرق والجسور والموانئ، مما ساهم في تحسين الاقتصاد الوطني وتسهيل حركة التجارة.
ختاماً ثورة 26 سبتمبر كانت ضرورة حتمية للتخلص من الاستبداد الإمامي الذي سيطر على اليمن لقرون طويلة. نجحت هذه الثورة في إحداث تغيير جذري في النظام السياسي والاجتماعي، وأسست لنظام جمهوري يهدف إلى تحقيق المساواة والعدالة لجميع اليمنيين. ورغم التحديات التي واجهتها الجمهورية بعد الثورة، فإن هذه الثورة تعتبر علامة فارقة في تاريخ اليمن، وفتحت الباب أمام تحقيق المزيد من التقدم والتطور.