آخر تحديث :الأربعاء-23 أكتوبر 2024-11:17ص

انقلاب الحوثيين في 21 سبتمبر: نكبة اليمن وتداعياتها الكارثية

الأحد - 22 سبتمبر 2024 - الساعة 08:06 م
عبدالجبار سلمان

بقلم: عبدالجبار سلمان
- ارشيف الكاتب


في 21 سبتمبر 2014، شهد اليمن حدثًا تاريخيًا غيّر مسار البلاد بشكل جذري، حيث قامت مليشيا الحوثي المسلحة بالسيطرة على العاصمة صنعاء في انقلاب غير مسبوق. هذا الحدث لم يكن مجرد استيلاء عسكري على السلطة، بل كان بداية لمرحلة مأساوية نستطيع ان نطلق عليها "نكبة اليمن"، حيث أدت سيطرة الحوثيين إلى تفاقم الصراعات الداخلية وفتح الباب أمام تدخلات إقليمية ودولية، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية وزيادة معاناة الشعب اليمني. نشأ الحوثي كجماعة وحركة دينية في شمال اليمن خلال تسعينيات القرن العشرين، وكانت في البداية تركز على قضايا مذهبية ودينية، لكنها سرعان ما تحولت إلى قوة سياسية وعسكرية تسعى للسيطرة على السلطة. بمرور الوقت، وبالاستفادة من الاضطرابات التي شهدتها اليمن بعد الانتفاضة الشعبية عام 2011، تمكن الحوثيون من تعزيز نفوذهم. في 21 سبتمبر 2014، استغل الحوثيون حالة الفوضى السياسية والاقتصادية التي كانت تعصف بالبلاد وبدأوا هجومهم على العاصمة صنعاء. في ظل تردد الحكومة الضعيفة وانهيار الجيش الوطني، تمكنت مليشيا الحوثي من الاستيلاء على العاصمة بعد تسهيلات كبيرة قدمها لهم نظام علي عبدالله صالح السابق وذلك دون أدنى مقاومة تذكر. وبعد أشهر، في يناير 2015، أقدم الحوثيون على فرض الإقامة الجبرية على الرئيس عبدربه منصور هادي وحل الحكومة. كان الإنقلاب الحوثي قد أثر على عدة نواحي في اليمن ومنها؛ اندلاع الحرب الأهلية حيث أدى استيلاء الحوثيين على السلطة إلى إشعال فتيل حرب أهلية بين القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي وبين الحوثيين المدعومين من إيران. هذه الحرب التي استمرت لسنوات طويلة، أدت إلى تدمير البنية التحتية وتدهور الأوضاع الإنسانية في البلاد. بالإضافة الى الكارثة الإنسانية حيث يعتبر اليمن الآن من أكثر الدول تضررًا إنسانيًا في العالم. الحصار الاقتصادي والعمليات العسكرية أدت إلى نقص شديد في الغذاء والماء والدواء، مما جعل الملايين يعانون من المجاعة والأمراض. وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، يعيش حوالي 80% من اليمنيين تحت خط الفقر، فيما يعتمد الملايين على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة. كما ان انقلاب الحوثيين قد أثار تدخلاً إقليميًا واسعًا، حيث شكلت دول الخليج العربي تحالفًا عسكريًا لدعم الحكومة الشرعية. من جهة أخرى، كانت إيران تقدم دعمًا لوجستيًا وعسكريًا للحوثيين، مما جعل اليمن ساحة لحرب بالوكالة بين القوى الإقليمية. وأيضاً لم تؤثر سيطرة الحوثيين فقط على النظام السياسي، بل دمرت مؤسسات الدولة بشكل كامل. تم تقسيم البلاد بين عدة أطراف، مع عدم وجود حكومة مركزية قادرة على السيطرة أو تقديم الخدمات. هذا الانهيار أدى إلى تزايد نفوذ الجماعات الإرهابية، مثل تنظيم القاعدة وداعش، في بعض المناطق. وأضاف الانقلاب الحوثي إلى معاناة المجتمع اليمني المتنوعة. فإلى جانب الكارثة الإنسانية، تفككت النسيج الاجتماعي بسبب الانقسامات الطائفية والمذهبية التي عززتها سياسات الحوثيين. كما أن آلاف المدنيين تعرضوا للتهجير والإخفاء والسجن القسري نتيجة الصراعات المسلحة. ختاماً إن انقلاب 21 سبتمبر 2014 من قبل مليشيا الحوثي لم يكن مجرد تحول في النظام السياسي، بل كان بداية لمرحلة من الانهيار الكامل في اليمن. أسفر هذا الانقلاب عن حرب مدمرة وتفاقم الأزمات الإنسانية، مما جعل اليمن يعاني من أسوأ كارثة إنسانية في تاريخه الحديث. تظل البلاد في حالة فوضى وانقسام عميق، مع غياب واضح لأي حلول سلمية في الأفق، ما يجعل مستقبل اليمن غير واضح المعالم.