آخر تحديث :الأربعاء-23 أكتوبر 2024-11:07ص

تهديدات الحوثيين لناقلات النفط في البحر الأحمر: مخاطر أمنية وكوارث بيئية"

الجمعة - 20 سبتمبر 2024 - الساعة 09:43 ص
عبدالجبار سلمان

بقلم: عبدالجبار سلمان
- ارشيف الكاتب


تعد هجمات الحوثيين على ناقلات النفط في البحر الأحمر تهديدًا خطيرًا ليس فقط للأمن الإقليمي والدولي، بل تمتد آثارها إلى البيئة البحرية والاقتصادات العالمية. ينشط الحوثيون، في منطقة البحر الأحمر وهي إحدى أكثر الممرات البحرية ازدحامًا وأهمية في العالم. تُعد هذه الهجمات جزءًا من استراتيجية الحرب غير المتكافئة التي تنتهجها المليشيا ضد التحالف. يستغل الحوثيون القضية الفلسطينية لتنفيذ الاجندة الايرانية تحت ذريعة مساندة قطاع غزة ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني، حيث يستهدف الحوثيون ناقلات النفط لإحداث اضطرابات في تدفق النفط العالمي، والضغط على خصومهم الإقليميين والدوليين من خلال رفع تكاليف التأمين على السفن، وإثارة قلق الأسواق النفطية. كما يسعون لزعزعة استقرار المنطقة بصفة عامة، خصوصًا مع امتداد التوترات إلى الممرات المائية الحيوية مثل مضيق باب المندب، الذي يمر عبره جزء كبير من التجارة العالمية. تشكل هجمات الحوثيين على ناقلات النفط في البحر الأحمر تهديدًا بيئيًا خطيرًا له عواقب عالمية. يستند هذا التهديد إلى عدة عوامل رئيسية، ومنها التسرب النفطي، حيث تمثل هجمات الحوثيين على ناقلات النفط خطرًا مباشرًا على البيئة البحرية من خلال إمكانية حدوث تسربات نفطية كبيرة. عند استهداف ناقلات النفط أو الموانئ النفطية، قد يؤدي ذلك إلى انسكاب كميات هائلة من النفط الخام في البحر الأحمر. هذا النوع من التسرب له آثار مدمرة على النظام البيئي البحري، بما في ذلك الشعاب المرجانية، والمانجروف، والحياة البحرية التي تعتمد على هذه النظم البيئية الحساسة. كما يعد البحر الأحمر موطنًا لمجموعة واسعة من الكائنات البحرية النادرة والمهددة بالانقراض. التسربات النفطية يمكن أن تدمر بيئاتها الطبيعية، مما يؤدي إلى انخفاض حاد في التنوع البيولوجي. الأضرار التي تلحق بالشعاب المرجانية، على سبيل المثال، يمكن أن تستغرق عقودًا للتعافي منها، مما يؤثر على الحياة البحرية المتصلة بها ويهدد التوازن البيئي في المنطقة. بالإضافة إلى التسربات النفطية، قد تؤدي الهجمات إلى انبعاث غازات سامة إذا اشتعلت النيران في النفط المتسرب. حرق النفط يطلق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات السامة، مما يساهم في تلوث الهواء وتغير المناخ. انتشار هذه الملوثات في الجو يمكن أن يمتد إلى مناطق بعيدة عن موقع الحادث، ما يسبب مشاكل صحية وبيئية واسعة النطاق. وكذلك يعد البحر الأحمر ممرًا بحريًا رئيسيًا للتجارة العالمية، حيث تمر من خلاله نسبة كبيرة من إمدادات النفط العالمية. أي اضطراب في هذا الممر نتيجة للهجمات قد يؤدي إلى زيادة تكاليف الشحن والتأمين، ما ينعكس على الاقتصاد العالمي. من ناحية أخرى، فإن تسرب النفط في هذا الممر الحساس قد يجبر الشركات والدول على تغيير مسارات الشحن، مما يزيد من استهلاك الوقود والانبعاثات الكربونية. وأيضاً تؤثر الهجمات بشكل مباشر على الاقتصاديات المحلية والعالمية. تتعرض صناعات الصيد والسياحة في الدول المطلة على البحر الأحمر لخطر التدهور بسبب التلوث البيئي الناتج عن التسربات النفطية. على المدى الطويل، يمكن أن يؤدي تدمير النظم البيئية البحرية إلى خسائر اقتصادية كبيرة لهذه الدول، التي تعتمد بشكل كبير على هذه الموارد. وكما ان التصعيد العسكري في البحر الأحمر يزيد من التوترات السياسية في المنطقة، مما يعقد التعاون الدولي في مواجهة الكوارث البيئية. بالإضافة إلى ذلك، قد تستغل بعض الأطراف الدولية هذه الأزمات لتعزيز مصالحها الجيوسياسية، مما يزيد من صعوبة تحقيق الاستقرار وحماية البيئة في المنطقة.
ختاماً تشكل هجمات الحوثيين على ناقلات النفط في البحر الأحمر تهديدًا معقدًا يتجاوز التوترات السياسية والعسكرية ليشمل الكوارث البيئية التي تؤثر على المنطقة والعالم بأسره. يتطلب الحد من هذه الهجمات جهودًا مشتركة بين الدول والمنظمات الدولية لحماية الممرات البحرية الحيوية وضمان استقرار الأسواق العالمية والبيئة البحرية. إن الفشل في التعامل مع هذه الأزمات البيئية قد يؤدي إلى تداعيات كارثية على المدى الطويل تؤثر على الأجيال القادمة وعلى التنوع البيولوجي العالمي.