آخر تحديث :الأربعاء-23 أكتوبر 2024-11:21ص

تهامة: إقصاء مستمر ونهب للموارد بين سيطرة الحوثيين وقوات الحكومة الشرعية

الأربعاء - 11 سبتمبر 2024 - الساعة 02:00 م
عبدالجبار سلمان

بقلم: عبدالجبار سلمان
- ارشيف الكاتب


تهامة، تلك السهل الساحلي الذي يمتد على طول البحر الأحمر، يعد من أكثر المناطق اليمنية ذات الأهمية الاستراتيجية والجغرافية. يضم هذا الإقليم ميناء الحديدة الحيوي، وهو بوابة رئيسية للتجارة اليمنية والعالمية. على الرغم من هذه الأهمية الاقتصادية الكبيرة، إلا أن إقليم تهامة يعاني من إقصاء مستمر ونهب منظم لموارده، سواء تحت سيطرة مليشيا الحوثي أو القوات الحكومية الشرعية بقيادة طارق صالح. تعود مشاكل تهامة إلى ما قبل الحرب الحالية، حيث ظل الإقليم يعاني من نقص في التنمية والخدمات الأساسية. على الرغم من أنه يشمل مدنًا رئيسية مثل الحديدة التي تعتبر ميناءً استراتيجيًا، إلا أن الفقر، الجوع، والأمية استمروا في الانتشار على نطاق واسع بين سكان المنطقة. تعد الزراعة والصيد من المهن التقليدية في تهامة، إلا أن إهمال البنية التحتية الزراعية والضغط على الموارد الطبيعية أدى إلى انخفاض مستوى المعيشة بشكل عام. منذ استيلاء الحوثيين على العاصمة صنعاء وتوسع نفوذهم إلى الحديدة وأجزاء واسعة من تهامة، شهدت المنطقة استغلالًا فادحًا لمواردها الاقتصادية. ركز الحوثيون على السيطرة على ميناء الحديدة، الذي يعد شريان حياة اقتصادي للبلاد. عوائد الميناء تم استخدامها في تمويل عملياتهم العسكرية واستمرار الصراع، مع تقليص الفوائد العائدة إلى السكان المحليين. بالإضافة إلى ذلك، قام الحوثيون بفرض جبايات ثقيلة على السكان والمزارعين والتجار، ما أدى إلى تفاقم الوضع الاقتصادي في المنطقة. كما أنهم استهدفوا البنية التحتية الزراعية والصيد، وهما المصدران الرئيسيان لعيش السكان في تهامة، مما تسبب في تدمير قدرات الإنتاج المحلي. في الوقت ذاته، تتواجد قوات الحكومة الشرعية ممثلة بقيادة طارق صالح، الذي يسعى إلى استعادة السيطرة على المناطق الساحلية الاستراتيجية من يد الحوثيين. على الرغم من تقديمهم أنفسهم كبديل للحوثيين، فإن العديد من سكان تهامة يرون أن قوات طارق صالح لا تختلف كثيرًا في أساليبها من حيث استغلال الموارد ونهب الثروات. بجانب المعارك المستمرة بين الطرفين، يعاني السكان المحليون من تجاذبات عسكرية ومصالح سياسية لا تأخذ احتياجاتهم في الحسبان. قوات طارق صالح تسيطر على أجزاء من تهامة وتسعى لاستعادة السيطرة على الحديدة، إلا أن الموارد التي يتم الاستيلاء عليها لا تُستخدم لصالح تحسين أوضاع السكان المحليين بل لصالح تمويل العمليات العسكرية وصرف مخصصات مالية ومشاريع سكنية لمن يدينون بالولاء والتبعية لهم. يعد سلب موارد تهامة من القضايا الحساسة التي تواجه المنطقة في ظل سيطرة الحوثيين والقوات التابعة للحكومة الشرعية. الحوثيون يسيطرون على ميناء الحديدة، الذي يعد شريانًا اقتصاديًا رئيسيًا ليس لتهامة فحسب، بل لليمن ككل. ويقومون بفرض إتاوات ورسوم باهظة على البضائع الداخلة والخارجة من الميناء، بالإضافة إلى تهريب بعض الموارد الحيوية واستغلالها لمصالحهم الخاصة. في المقابل، تتهم قوات طارق صالح وحلفاؤها بالإشراف على عمليات تهريب ونهب للموارد الزراعية والسمكية من المنطقة، مع ترك السكان يعانون من الفقر والجوع. هذا التنافس على الموارد أدى إلى زيادة معاناة سكان تهامة، الذين يجدون أنفسهم محرومين من الاستفادة من ثروات منطقتهم، سواء كانت تحت سيطرة الحوثيين أو القوات التابعة للحكومة الشرعية. المحصلة النهائية لهذا الصراع، سواء تحت سيطرة الحوثيين أو قوات طارق صالح، هو أن السكان المحليين في تهامة يظلون أكبر المتضررين. الفقر المتزايد، نقص الخدمات الأساسية، وتدمير البنية التحتية قد جعل الحياة في تهامة شبه مستحيلة. بالإضافة إلى ذلك، فإن تدمير الموارد الطبيعية، مثل الأراضي الزراعية ومصائد الأسماك، أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية للسكان المحليين. يعاني سكان المنطقة من استبعادهم من العملية السياسية والاقتصادية ومن عدم إشراكهم في اتخاذ القرارات المتعلقة بمستقبل منطقتهم. كذلك، يشترك الحوثيون وقوات الشرعية في سرقة الموارد الاقتصادية وفرض هيمنة عسكرية على المنطقة دون النظر إلى مصالح السكان المحليين. الإقصاء المستمر من قِبل الأطراف المتصارعة وعدم وجود رؤية تنموية جادة لتهامة جعلتها عرضة للتدهور المستمر. السكان المحليون في تهامة يشعرون بأنهم مجرد أداة في صراع لا يستفيدون منه، بل يعانون من تبعاته. يظل إقليم تهامة نموذجًا صارخًا للإقصاء والاستغلال في ظل الحرب اليمنية المستمرة. بين سيطرة الحوثيين ونهبهم للموارد واستغلالهم للميناء، وبين سعي قوات طارق صالح لاستعادة السيطرة دون تقديم حلول حقيقية للسكان المحليين، تبقى تهامة أسيرة لصراع لا يخدم مصالحها. تحتاج المنطقة إلى تدخل إنساني وتنموي جاد يركز على تحسين أوضاع السكان وتقديم حلول مستدامة، بعيدًا عن التجاذبات العسكرية والسياسية. هذه الظروف تتطلب إعادة النظر في السياسات المتبعة تجاه تهامة، وإيلاء أهمية خاصة لتحسين أوضاع سكانها وضمان حقوقهم في المشاركة السياسية والاقتصادية، وإيقاف استنزاف مواردهم الطبيعية.