آخر تحديث :الأربعاء-23 أكتوبر 2024-11:24ص

محور المقاومة: كيف تستغل إيران وكلاءها لتحقيق مصالحها على حساب الدول العربية ؟

الخميس - 29 أغسطس 2024 - الساعة 11:11 ص
عبدالجبار سلمان

بقلم: عبدالجبار سلمان
- ارشيف الكاتب



✍🏻: عبدالجبار سلمان

يُعد "محور المقاومة" أحد أهم الاستراتيجيات التي تنتهجها إيران لتحقيق أهدافها الإقليمية في الشرق الأوسط. يتكون هذا المحور من مجموعة من الفصائل والجماعات المسلحة التي ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بإيران، وتعمل تحت راية "مقاومة" إسرائيل والغرب. ورغم أن هذا الشعار يبدو جذابًا، إلا أن الواقع يكشف أن هذه الجماعات تُستغل لتحقيق مصالح إيران السياسية والعسكرية على حساب استقرار الدول العربية وسيادتها. إيران، منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979، تسعى إلى تحقيق نفوذ إقليمي واسع من خلال استغلال مجموعة من الجماعات المسلحة والحركات السياسية التي تشكل ما يعرف بـ"محور المقاومة". يتكون هذا المحور من مجموعة من الحركات والجماعات الموالية لإيران في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والحشد الشعبي في العراق، وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، والميليشيات الشيعية في سوريا. تعتمد إيران على هذه الجماعات لتنفيذ أجندتها الإقليمية التي تتسم بالطموح لزيادة نفوذها في الشرق الأوسط، وتأمين موقعها كقوة إقليمية رئيسية، حيث تعمل على دعم هذه الجماعات بشكل كبير، سواء من خلال التمويل أو التدريب أو التسليح، بغرض تحقيق أهدافها الاستراتيجية. بالإضافة الى ذلك تعمل إيران على خلق ممرات آمنة تمتد من طهران إلى البحر الأبيض المتوسط عبر العراق وسوريا ولبنان. يُعتبر هذا الممر حيويًا لنقل السلاح والمقاتلين، وضمان استمرار دعم حلفائها في المنطقة. وأيضاً تحقيق التوازن ضد أعدائها الإقليميين، حيث تواجه إيران منافسة شرسة من دول الخليج، التي ترى في إيران تهديدًا لأمنها القومي. من خلال دعم وكلائها، تسعى إيران إلى إضعاف خصومها الإقليميين وإحباط مخططاتهم. تهدف إيران من خلال دعمها لهذه الأذرع إلى مواجهة النفوذ الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة حيث تعتبر إيران أن وجود جماعات موالية لها على حدود إسرائيل وفي مناطق النفوذ الأمريكي يمثل قوة ردع مهمة. بالإضافة الى زيادة نفوذها السياسي والعسكري في الدول العربية حيث تسعى إيران من خلال دعم هذه الجماعات إلى تعزيز نفوذها في العواصم العربية، سواء من خلال المشاركة السياسية أو السيطرة على أجزاء من أراضي هذه الدول. إن اعتماد إيران على الوكلاء لتحقيق مصالحها الإقليمية يأتي بتكلفة باهظة على الدول العربية، ويتضح ذلك من خلال زعزعة الاستقرار الداخلي، حيث يؤدي تدخل الوكلاء الإيرانيين إلى تفاقم النزاعات الداخلية وتأجيج الصراعات الطائفية، كما هو الحال في العراق واليمن. هذه الصراعات تضعف الدول وتزيد من هشاشتها، مما يجعلها أكثر عرضة للتدخلات الخارجية. كما تعمد إيران إلى استغلال الفوضى السياسية في بعض الدول العربية لتعزيز نفوذها، مما يؤدي إلى انتهاك سيادة هذه الدول وتقويض قدرتها على اتخاذ قرارات مستقلة. وأيضاً تشهد الدول التي تنشط فيها الجماعات المدعومة من إيران تراجعًا اقتصاديًا كبيرًا نتيجة الصراعات المستمرة، وتوجه الموارد المالية نحو المجهود الحربي على حساب التنمية والرفاه الاجتماعي. بإلاضافة الى عزل الدول عن المجتمع الدولي حيث يؤدي الدعم الإيراني لهذه الجماعات إلى عزل الدول المستضيفة عن المجتمع الدولي، ما يعرضها لعقوبات اقتصادية وسياسية تزيد من معاناتها. فقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات صارمة على إيران وعلى بعض الجماعات المرتبطة بها. كما تحاول دول الخليج العربي تشكيل تحالفات إقليمية ودولية لمواجهة النفوذ الإيراني المتزايد.
ختاماً يمثل "محور المقاومة" جزءًا من استراتيجية إيران الأوسع لتحقيق نفوذ إقليمي على حساب الدول العربية. ورغم أن هذه الاستراتيجية قد تعزز من قوة إيران في المنطقة، إلا أنها تترك خلفها دمارًا هائلًا وزعزعة للاستقرار في الدول التي تنشط فيها. تستمر إيران في استخدام هؤلاء الوكلاء كأدوات في حربها الباردة الإقليمية، دون اعتبار للتداعيات السلبية على شعوب هذه الدول ومستقبلها. ومن المؤكد أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى مزيد من التوترات وعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط يتطلب مواجهة جادة لهذه التحديات والحد من التدخلات الخارجية التي تستغل النزاعات لتحقيق مصالحها الضيقة.