آخر تحديث :الأربعاء-23 أكتوبر 2024-11:19ص

لا قيمة لمعروف .. قال فاعله: أنا فعلته

الإثنين - 26 أغسطس 2024 - الساعة 02:39 م
هزاع العمري

بقلم: هزاع العمري
- ارشيف الكاتب



في عالم يعج بالتحديات والمشاكل الاجتماعية، تبرز القيم الأخلاقية كمرجع أساسي لتوجيه سلوكيات الأفراد والمجتمعات. ومن بين هذه القيم، نجد أهمية المعروف والإحسان، لكن ما يحدث أحيانًا هو أن المعروف الذي يُصنع بفعل الخير قد يفقد قيمته الحقيقية عندما يتحول إلى وسيلة للتفاخر أو المنّة.

مفهوم المعروف

المعروف هو كل عمل يُحسن فيه الإنسان إلى الآخرين، سواء كان ذلك عن طريق تقديم المساعدة أو الدعم أو حتى الابتسامة. في جوهره، يُعتبر المعروف قمة الكرم الأخلاقي، ولكنه يتطلب توازنًا دقيقًا بين النوايا ووسائل التعبير عنه. عندما يُقوم شخص بفعل معروف، يتوقع عادة أن يكون ذلك بدون أغراض شخصية أو رغبة في نيل الشكر والثناء.

تأملات في عبارة "قال فاعله: أنا فعلته"

عندما يُعلن فاعل المعروف عن فعله، فإن ذلك يستدعي تساؤلات عديدة حول نواياه. هل الهدف من المعروف هو إحداث أثر إيجابي، أم أن الغرض هو الظهور بمظهر البطل أو المحسن؟ بهذه الطريقة، فإن المعروف قد يتحول من فعل نبيل إلى أداة للحصول على الإعجاب أو التقدير، مما يُفقده قيمته الحقيقية.

أثر التفاخُر بالمعروف

إن التفاخُر بفعل المعروف قد يؤدي إلى عدة انعكاسات سلبية ليس فقط على الفاعل، بل أيضًا على المستفيدين من هذا المعروف. فعندما يُشعر الشخص الآخر بأنه مُدين، فإنه قد يشعر بالخجل أو الانكسار، مما يتعارض تمامًا مع روح الإحسان. وبالتالي، فإن المعروف الذي وُجد ليكون سببًا في تعزيز العلاقات الإنسانية قد يتحول إلى عامل للتباعد والفتور.

دعوة للتواضع

إن قيم المعروف والإحسان تتطلب التواضع والإخلاص. ينبغي أن يكون الفاعل على دراية بأن الأفعال الجيدة يجب أن تكون نابعة من القلب، وأن تؤدي إلى إحداث فرق حقيقي في حياة الآخرين. بدلاً من استخدام المعروف كوسيلة للظهور، يجب علينا جميعًا أن نتبنى الروح الحقيقية للإحسان، التي تتجلى في كتمان الجميل وعدم إشعار الآخرين به.


في النهاية، نقول إن المعروف له قيمته العظيمة عندما يأتي من نية صافية، لذلك يجب أن نتجنب الحديث عن أفعالنا الطيبة بحذر. الحياة مهمة، وأعمال الخير يجب أن تُحتسب كجزء من مسيرة إنسانية مستمرة تهدف إلى بناء مجتمع أفضل، بدلاً من أن تكون وسيلة لشحن الأنا أو التفاخر. إن التواضع والنية الطيبة هما المفتاحان الحقيقيان لجعل المعروف له قيمة دائمة.