آخر تحديث :الأربعاء-23 أكتوبر 2024-11:07ص

"القصف الإسرائيلي للحديدة: هل أدى إلى تراجع هجمات الحوثيين في البحر الأحمر؟"

الخميس - 22 أغسطس 2024 - الساعة 03:27 م
عبدالجبار سلمان

بقلم: عبدالجبار سلمان
- ارشيف الكاتب




✍🏻: عبدالجبار سلمان 

في السنوات الأخيرة، أصبح البحر الأحمر ساحة للصراع بين القوى الإقليمية والدولية، حيث شهدت هذه المنطقة الحساسة تصعيدًا ملحوظًا في العمليات العسكرية والهجمات التي يقودها الحوثيون ضد السفن التجارية والعسكرية. وقد لعبت مدينة الحديدة الساحلية دورًا محوريًا في هذا الصراع بسبب موقعها الاستراتيجي الذي يطل على مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات البحرية في العالم. شهدت الأسابيع الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وذلك بعد القصف الإسرائيلي الذي استهدف ميناء الحديدة، أحد المعاقل الاستراتيجية لمليشيا الحوثي. هذا التطور يأتي في سياق تصاعد التوترات الإقليمية وزيادة الضغوط الدولية على الحوثيين، مما أدى إلى تغير في استراتيجياتهم العسكرية. في إطار التصعيد المتبادل بين إسرائيل والحوثيين، تصاعدت وتيرة التوترات بشكل ملحوظ، حيث شنت إسرائيل غارات جوية على مواقع في مدينة الحديدة اليمنية، بزعم أن هذه المواقع تستخدم من قبل الحوثيين لشن هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر. ووفقًا لمصادر عسكرية إسرائيلية، فإن الهدف من هذه الغارات هو تقليص قدرات الحوثيين البحرية وتقليل التهديدات التي يتعرض لها الملاحة الدولية. الحديدة كانت لسنوات مركزًا لعمليات الحوثيين البحرية، حيث استخدموا الميناء لتجهيز الزوارق المفخخة وإطلاق الألغام البحرية. القصف الإسرائيلي استهدف هذه البنية التحتية بشكل مباشر، مما أدى إلى تدمير عدد من الزوارق والمرافق الحيوية، وترك الحوثيين أمام خيارين: الاستمرار في الهجمات البحرية مع خطر فقدان المزيد من قدراتهم، أو التراجع وإعادة التفكير في استراتيجيتهم. تهدف إسرائيل من خلال قصفها لمواقع الحوثيين في الحديدة إلى تحقيق عدة أهداف؛ منها تقويض قدرات الحوثيين البحرية، وذلك من خلال تدمير القوارب والطائرات المسيرة التي يستخدمها الحوثيون لشن هجمات على السفن في البحر الأحمر. وكذلك حماية خطوط الملاحة الدولية، حيث يعتبر البحر الأحمر ممرًا حيويًا للتجارة الدولية، وبالتالي فإن أي تهديد للملاحة فيه ينعكس سلبًا على الاقتصاد العالمي. بالإضافة الى إضعاف التحالف الحوثي-الإيراني، حيث أن إيران تقدم دعمًا عسكريًا للحوثيين، وبالتالي فإن ضرب مواقع الحوثيين يعكس رغبة إسرائيل في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة. بعد القصف الإسرائيلي لمواقع الحوثيين في الحديدة، كانت هناك تكهنات حول ما إذا كان ذلك سيسهم في تراجع هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. ووفقًا لمراقبين، فإن التأثير قد يكون مرحليًا ومؤقتًا للأسباب التالية وهي قدرة الحوثيين على التعافي السريع، وانه على الرغم من الضربات الجوية، يتمتع الحوثيون بقدرة على إعادة تنظيم صفوفهم وتجديد معداتهم العسكرية بفضل الدعم الخارجي وخصوصاً من إيران. وكذلك تعتمد الهجمات الحوثية في البحر الأحمر على تكتيكات حرب العصابات واستخدام القوارب الصغيرة والطائرات المسيرة، مما يجعل من الصعب القضاء عليها بالكامل من خلال القصف الجوي. وأيضاً قد يؤدي القصف الإسرائيلي إلى تصعيد أكبر في الصراع، مما يدفع الحوثيين للرد بزيادة هجماتهم بدلاً من التراجع. بالرغم من التراجع الحالي، إلا أن الوضع لا يزال هشًا. الحوثيون قد يعاودون الهجمات إذا ما شعروا بأن الضغط العسكري عليهم قد خف أو إذا ما رأوا أن إعادة تنظيم صفوفهم قد اكتملت. التوترات في المنطقة لا تزال قائمة، والبحر الأحمر يبقى ساحة مفتوحة للنزاعات، ليس فقط بين الحوثيين والتحالف العربي، ولكن أيضًا مع القوى الدولية التي لها مصالح حيوية في هذا الممر المائي. ختاماً القصف الإسرائيلي لميناء الحديدة كان له تأثير واضح في تقليص الهجمات الحوثية على الملاحة الدولية في البحر الأحمر، إلا أن هذه الخطوة تمثل جزءًا من مشهد أوسع من التوترات الإقليمية والدولية. بينما يبدو أن الحوثيين اختاروا التراجع التكتيكي في الوقت الراهن، فإن مستقبل الملاحة في البحر الأحمر سيعتمد بشكل كبير على التطورات الميدانية والسياسية في اليمن والمنطقة.