آخر تحديث :الخميس-19 سبتمبر 2024-07:50م


المتطرف من اليمين إلى اليسار.

الأربعاء - 14 أغسطس 2024 - الساعة 01:02 ص

علي المحثوثي
بقلم: علي المحثوثي
- ارشيف الكاتب




مواقف الحياة تتطلب حكمة وحنكة في التعامل معها، فإن كان الموقف يتطلب القوة، فالقوة في ذلك الموقف هي الحكمة، وإن تطلب الموقف المرونة والمداراة والأخذ والرد أو حتى الإنسحاب، فهذا أيضا من الحكمة، والحكمة: فعل ما ينبغي، على الوجه الذي ينبغي وفي وقته المناسب، ومن يتعاطى هكذا حري به أن يظفر وينتصر، وفي اقل الأحوال يسلم، وعقله الحكيم وتصرفه الرشيد الذكي سبب سلامته أو انتصاره، على أن طائفة من الناس تتعاطى مع كل المواقف وخاصة الحساسة والمصيرية بنوع من العاطفة والتطرف، ولايريدون إلا الذي في رؤوسهم، وربما يكون ذلك وبالا عليهم وعلى غيرهم، لأنهم ليسوا بمستوى الذي يريدونه، ولن يحافظوا عليه إن تمكنوا منه، وسيفشلون فشلا ذريعا، ويدخلون أنفسهم وغيرهم في نفق مظلم ونفاق أخلاقي مرعب، هذا في كل زوايا التطرف، سواء كان سياسيا أو دينيا أو اجتماعيا.

على هذا:

لاتراهن على #متطرف في فكر أو سياسة أو موقف، ستتعب معه، وسيضرب بك البر والبحر دون فائدة، ويلقي بك يمنة ويسرة دون أن تتحقق الأهداف، كما أن عنده قابلية الإنتقال من اليمين الى اليسار والعكس أو الإنسحاب التام، يؤكد ذلك شواهد التاريخ والواقع والمواقع، وتحليل ذلك أن هذا النوع من الناس إما أن يكون مخترِق للصف وهو حالة مؤقتة، أو أنه يستنفد طاقته، فينقطع نفَسُه في وسط الطريق، ومثل هذا تكون عاطفته أعنف من عقله، وجدير بها أن تخذله، فينتقل من طرف إلى طرف، أو يعتزل المشهد، ويؤوي إلى ركن بعيد يبحث فيه عن الهدوء ويخلد إلى الراحة، ويخرج من عالم الإزعاج الذي تسبب هو في صنعه، ثم هرب منه.
نحتاج لهذا التذكير المهم وتعميمه والدعوة إليه ونحن نعيش ونتابع مشاهد الخلاف الديني وأزمات الصراع السياسي وسطوة التجاذب الإجتماعي ومشكلات أوقات الشدة وزمن علت فيه أصوات المتطرفين، ومن يثق بمتطرف سيرميه حتما في الطرف، وما أكثر المتطرفين، وأكثر منهم ضحاياهم، وضحايا ضحاياهم.

لهذا قاعدة الحياة الرشيدة أن نفهم طبيعتها أولا وقوانين الحركة فيها، وأن ندرك أن مُدَركات الحياة كالنصر والعلم والرزق والموقف يظفر بها الإنسان إذا كان حكيما بصيرا وقويا، فنأخذ الحياة أخذا مناسبا، فنتلقى الدين بلطف ويسر، ونتعامل مع السياسة بحكمة وبصر ومكث وتريث، ونسمع للعقلاء والمجربين وأهل المعلومة الدقيقة، أما مشكلات الأسرة والقبيلة والحارة ومشكلة الشخص مع نفسه فتحتاج إلى مرونة وذكاء.
وكلمة أخيرة: العاطفة في غير مكانها عاصفة، لكنها تبدأ بمتعطفها، ثم المتعاطف معها، فيلحق بهم الهزيمة والسمعة السيئة وفقدان ثقة الناس بهم، وإن عادوا مرة أخرى ـ ولو تظاهروا بعقل ونضج - فليسوا بمقبولين، لأن الناس لايريدون تجريب المجرب إلا إذا فقدوا عقولهم، وكانوا من عينة هؤلاء، وهنا على الحياة السلام.

علي المحثوثي