آخر تحديث :الأربعاء-23 أكتوبر 2024-11:19ص

ميفعة ثكنة عسكرية

الخميس - 11 يوليه 2024 - الساعة 10:10 م
صالح الميفعي

بقلم: صالح الميفعي
- ارشيف الكاتب





التنمر هو سلوك عدواني يتضمن استخدام القوة أو الإكراه لإلحاق الضرر أو الهيمنة على الآخرين. عندما يُمارس هذا السلوك من قِبَل المؤسسات العسكرية على المجتمع المدني، فإنه يأخذ شكلاً أكثر خطورة وتأثيراً.

للعسكر تاريخ طويل من الهيمنة على المجتمعات، خاصة في الدول التي تشهد اضطرابات سياسية أو ضعفاً في المؤسسات الديمقراطية. تنعكس هذه الهيمنة في أشكال متعددة، القمع السياسي، استخدام الجيش لقمع المعارضة السياسية، حيث يتم اعتقال وسجن المعارضين السياسيين والنشطاء، وتطال تلك الإجراءات التعسفية أيضا كل من لم يبدي ارتياحه بما يقومون به، وفي بعض الأحيان يصل الأمر إلى اخفائهم. والأسوأ من ذلك عندما يمارس الجيش مهام الامن والقضاء، ويحدث ذلك عندما يكون قادة الواحدة العسكرية غير مؤهلين، ووصلوا لتلك المراكز تحت مسميات التضحيات للقادة الذين ينتمون اليهم، فهنا الكارثة، فيقومون بمهام الاعتقال الموكلة للأمن، باعتقال الأشخاص والتحقيق معهم وسجنهم في أماكن خلاف القانون، ثم في أضعف الأحوال اذا أرادوا التخلص من المقبوض عليهم بعد اشهر، يحملونهم للقضاء، بعد سلسلة من الإجراءات الباطلة، أهمها ، بطلان إجراءات القبض، بطلان إجراءات التوقيف، بطلان إجراءات التفتيش، التي تكون رديفة لها واحدة على الأقل من الجرائم ضد الانسانية وهي السجن أو الحرمان الشديد او التعذيب على أي نحو بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي، وتكون النتيجة بالتأكيد البراءة اذا وجد قضاء نزيه، وفي الغالب ينتهي الامر عند هذا الحد، ر، لان المجتمع يعيش في حالة حذر من تهديد او تنمر العسكر، فيفضلون تقديم الشكر، لان ظروفهم المادية لا تسمح لهم بالمطالبة بمحاسبة المتورطين في الانتهاكات، او الحصول على التعويض على الأقل. يكتفون بذلك.

ان حشد المزيد من العسكر للتنمر على المجتمع يزيد من كراهية المجتمع لهم وكراهية الجهة التي يتبعونها، فبالإضافة إلى كونها اداه تهدد امن واستقرار المجتمع هم أيضا يشكلون عالة على المجتمع باستهلاك الموارد الاقتصادية لتلك المنطقة، بالسيطرة على القطاعات الحيوية والاستحواذ على موارد شركات النفط والغاز، مما يضر بالتوازن الاقتصادي ويؤدي إلى تفشي الفساد وتعطيل التنمية. يضاف الى ذلك فرض القيود على الحريات الشخصية والعامة بشكل مستمر، مثل حرية التعبير، وحرية الصحافة، والتجمعات السلمية، مما يحد من قدرة المجتمع على التعبير عن آرائه وتطلعاته.

والتنمر على المجتمع يأتي في شكل استخدام القوة العسكرية بشكل مفرط ضد المدنيين، مما يؤدي إلى سقوط العديد من الضحايا الأبرياء وتدمير الممتلكات

او الاعتقالات التعسفية، حيث يتم اعتقال الأشخاص دون وجود تهم واضحة أو أدلة قوية، ويتم احتجازهم لفترات طويلة دون محاكمات عادلة. كل ذلك خارج مهامهم وخارج إطار القانون.

ويأتي التنمر على المجتمع أيضا في شكل تدخل سافر من قبل الجيش او الوحدات الأمنية المشكلة خارج القانون في تفاصيل الحياة اليومية للمدنيين، بما في ذلك فرض حظر التجول، وتفتيش المنازل، وإقامة نقاط التفتيش. وارهاب المدنيين تحت أي سبب، ويكفي ان يعبر أحدهم عن عدم ارتياحه للعسكر ليتم اخذه بالقوة الى جهة غير معروفة.

وكل ذلك يخلف الى اثار نفسية واجتماعية خطيرة، حيث يعيش المجتمع في حالة من الخوف الدائم من التعرض للقمع أو الاعتقال، مما يؤدي إلى انعدام الشعور بالأمان، وتدمير الثقة بالمؤسسات العسكرية فيفقد المواطنون ثقتهم في المؤسسات الحكومية والعسكرية، مما يؤدي إلى تآكل النسيج الاجتماعي، مما قد يخلق دائرة مفرغة من الانتقام والعنف المتبادل.

تنمر العسكر على المجتمع هو مشكلة تتطلب حلاً جذرياً، يبدا ببناء مؤسسات امنية تسهر على حماية المجتمع لا ارهابه، وتكون خاضعة للقانون، وتقوم بأعمالها وفق إجراءات صحيحة وبأمر قضائي، فذلك يعزز من سيادة القانون، وضمان حقوق الإنسان.

مقال/ صالح الميفعي