آخر تحديث :الأربعاء-23 أكتوبر 2024-11:18ص

هل عاد (جبرتي)... الى معاشيق ؟

الأربعاء - 19 يونيو 2024 - الساعة 10:29 ص
صالح ناصر سالم الحنشي

بقلم: صالح ناصر سالم الحنشي
- ارشيف الكاتب




في منتصف القرن الماضي ونحن حين ذاك أطفال نسمع حكاية مرعبة عن الإنجليز يطلقون عليها (جبرتي) وهم عبارة كما يخبرنا بها الكبار أنهم مصاصو الدماء، والناس تخوفنا بهم! وكبرنا وكبرت معنا هذه الأسطورة ما أن نسمع كلمة (جبرت) حتى تقشعر ابداننا ونصاب بالرعب! وحين كبرنا والتحقنا في عام (65م) بجيش الإتحاد النظامي كنا في معسكرات ـ عدن ـ لانخرج خاصة ـ لكريتر ـ إلا جماعات خوفا من (الجبرتي)... وخاصة نحن ـ البدو ـ لأن أهلنا يكررون علينا هذه العبارة... لاتروحوا (عدن) فافيها ((جبرت مصاصو الدماء)).
كبرنا والتحقت بكثيبة واحدة متمركزة تحت جحاف بالضالع وطبعا بجنبنا كتيبة من الاصدقاء كما كانو يسمونهم... هؤلاء الإنجليز على مسافة نصف ميل شرقا بيننا وبين مدينة الضالع،
ومعنا في معسكرنا ملحقين فنيين مهندسين أطباء... الخ.
في واحد طبيب إنجليزي مصري من مواليد السويس يتقن العربية، ونجلس معه يسرد لنا حكاياته ومغامراته في شبابه وكان خفيف دم!
ذكرت له حكاية (جبرتي) ...وسالته عنها ...
ضحك كثير، فقال : مايمصو الدم... إنما في أثناء الحرب العالمية الثانية كان الطليان يشنون هجمات علينا من افريقيا هجمات جوية وبحرية...لهذا كانت القيادة تتوقع هجمات كبيرة، وعملوا مركز فوق جبل معاشيق لأخذ الدم والاحتفاظ به لجنودنا، وكانوا ياخذوا الذين يفترشون الشوارع والذي لامأوى لهم، ويغذونهم غذاء ممتاز لمدة أسبوع أو أكثر، ثم ياخذون منهم شوية دم!!!
ومن ثم يعودونهم الى أماكنهم مع شوية فلوس!!!
*الذي ذكرني (جبرت) زمان هؤلاء الذين يسكنون اليوم معاشيق، والذين يشفطون ـ دم شعبهم ودون ان يساعدوهم بلحمه أو خبز اوبيضة او فاكهة كما يفعل جبرت زمان ـ لامجال للمقارنة بين (جبرتي) زمان و(جبرتي) اليوم!
فجبرتي الأمس يمصوا عشرات ومع التعويض!
وجبرتي اليوم يمصوا شعب وبدون تعويض!!!
وكلهم يسكنون المعاشيق، وكلهم يمتصوم الدماء ، لكن مع الفرق ممن يوجد لديه حياء ومن لايوجد بوجهه الحياء!!!
ولك الله يا شعبي ويا وطني.