آخر تحديث :الأربعاء-23 أكتوبر 2024-11:20ص

عودة الدولة.. أولاً أم العقول

الأحد - 09 يونيو 2024 - الساعة 10:35 م
صالح ناصر سالم الحنشي

بقلم: صالح ناصر سالم الحنشي
- ارشيف الكاتب




كلما عادت ذكرى ـ 13  يناير ـ تذكرت المقولة المطاطة، التصالح والتسامح ...
أشعر بالغثيان كلما سمعت هذه العبارة.. ليس لأني لأحب التصالح والتسامح ... بل لأني أعرف بأن هؤلاء المروجون لها كاذبون!!!
الأحداث في الجنوب ليست لها مثيل فلاهي تشبه أحداث (جوهانسبرج ـ جنوب أفريقيا ـ ولا البلدان الاخرى) مثلاً جنوب أفريقيا الصراع كان محدد بين السود والبيض  وفي مصر بين الإخوان المسلمين والقوميين المتغطين بعباءة العسكر، وفي روسيا بين البلاشفة والمناشفة وفي فلسطين بين اليهود والفلسطينيين ... الخ.
أما الصراع عندنا بين الهمج الذين تعلموا بعض المصطلحات السياسية ورددوها في داخلهم وجوهرهم همجي لايفهم شي ووحشية لامثيل لها !
الصراع عندنا .. أعرض هنا منه الأسباب، ثم النتيجة....
أولاً السبب..الصراع ليس صراع ايدلوجي ولاعقائدي ولايستطيع أي إنسان إن يعرفه كمصوغ ايدلوجي وأكبر دليل على كلامي كيف استهلكنا كل المصطلحات السياسية خلال ـ 30 عام ـ فأولا جمهورية اليمن الجنوبيه الشعبية   بعد سنة جمهورية اليمن الديمقراطيه الشعبية، الجبهة القومية، ماعجبها هذا الاسم وسمت نفسها التنظيم السياسي الموحد.. بعد سنة ما أعجبها الاسم وسمت نفسها الحزب الاشتراكي، ما أعجبت على هذا الاسم دخلت الوحدة، الجمهورية اليمنية، بعد سنة رجعت  وقالت: ما أعجبتني الوحدة رجعت تدور لأسماء جديدة. واستقر بها عقلها على الجنوب العربي!
بعد الاستقلال بشهرين, قالوا: لابد من تطهير الجيش والأمن من ركائز المستعمر , وفي ( 14 مايو بعد 5 شهور منذ الاستقلال) قالوا : لا للروس نريد الصين. حدث الاشتباك في ابين بعد سنة قاموا سجنوا الرئيس (قحطان) وأطلقوا مصطلح اليمين الرجعي... بعدين قتلوا (الرئيس سالمين) تحت مصطلح اليسار الانتهازي، بعدين طردوا الرئيس (عبد الفتاح) بحجة أنه شمالي  بعد ذلك حدث الانفجار المرعب (13 يناير) وحصدوا الأرواح فيه، ودمروا مابناه هذا الشعب في طرفة عين وماعد حصلوا مصطلحات سياسية، وابتدعوا من حقهم، قالوا: زمرة  وردو الزمرة، وقالوا: الطقمة....واستقر بهم المقام عند هذه النقطة.
النتيجة ذرف الدموع والتباكي والتهام آخرين أنهم صادموا بينهم؛ الآن نحن في الجنوب مصابون بفصام إلا من رحم الله. لا نحن قوميين ولا اشتراكيين، ولا إسلاميين، ولاتوجد لنا هوية! ضاعت الهوية نتيجة تخبط قياداتنا وتصفيقنا لها منذ الأيام السبعة، تحريق، الشياذر، تخفيض الرواتب...هذه الغوغا سبب نكباتنا، وسبب ضياعنا وسبب معاناتنا...ضاعت الهوية ورجنا نبحث لها في غمامات(عدن والمكلا) ولا يمكن أن نعثر عليها إلا بنهوض شعبي يغير هذه الاوضاع المخزية.
وأنا اليوم اقدمها نصيحة؛ لأني عشت تلك المراحل.
وهي انكم ياشعبي العريق شعب الجنوب، الذي دفعنا أرواحنا ودفنا اوجاعنا، وربطها على بطوننا، وصفقنا للقادة ، حتى نبني دولة النظام والقانون!
لكن كما ترون تلك العقول المهزومة والفاشلة ، ها نحن ندفع كل هذا العناء من تلك القيادات ، ولازالت اليوم، وكأنها تركت بيضها في شواطئ الجنوب كالسلاحف واليوم خرجت تلك الفروخ مثل الأولين!!!
فلا تصدقوا من تلك الأفواه التصالح والتسامح , ولا ترق قلوبكم حينما يتباكون على تلك الدولة التي كانت عدن عاصمتها. إن التصالح والتسامح كذب وهذا مثل الكذب الأول الذي عرفناه وللأسف صدقناه، أنا أعرف هؤلاء وعايشتهم وكنت منهم، وأنا احد افراد هذه اللعنة القومية أيام الاستعمار....   
إن الذين يتحدثون بهذه العبارات الجميلة عن وحدة الصف...قد بدأت بوادر المرض حقهم تظهر أبسط شعور بتهديد مصالح طرف ضد اخر... سوف يتحولون من مثقفون وسياسيون هادوون الى (تيوس - رقشا - فحول) ومنهم من سيتحول الى (بقر إسبانية) تنطح وترفس وبايحطموا ماتبقى ...
وحينما تناقش أحدهم منهم، يقول لك: هذه العبارة... نحن أولاً علينا عودة الدولة، وبعدين كل شي بايصلح!!!
أيتها الجماهير. أليس من المنطقي ان نستعيد عقولنا اولاً؟!

بمعنى آخر،  ((عقل بلا دولة أفضل  من دولة بلا عقل)) ؛ لأن دولة بلا عقل خطاها يشمل شعب كامل ... واذا وجد العقل  عند الأفراد  يمكنهم ان يعيشوا بلا دولة...ويحل العقل المشاكل التي تحدث بشكل عقلي منطقي مقبول للكل، والعقل الذي عطلاناه هو هبة من الله للإنسان، وهو الذي يحل محل الدولة، إن لم تجد، وكان بنا نحن الجنوبيين أن نراجع عقولنا حتى ترجع وإذا رجعت سالمة نقية نظيفة من تلك الشوائب العالقة بها من الماضي الكريه والذي دفعنا فيه الغالي والنفيس ، هنا يحق لنا الحديث عن الدولة!